قال الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الإنسان قصير النظر، ضعيف الفكر، لا يعلم الغيب، ويجهل المستقبل، ولا يدري ما تجري به المقادير، ومع هذا يحاول أن يستكشف ما وراء الحجب.
قصير النظر
وأوضح “ بن حميد” خلال خطبة الجمعة الأخيرة من شهر صفر اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه يتخذ من الأسباب والوسائل ما عساه أن يدرك شيئًا من مراده، وأَنَّى له ذلك، وهو مخلوق ضعيف (وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا)، فترى هذا الإنسان الضعيف في محاولاته يلجأ للنجوم، ويستفتي الأبراج.
وتابع: وينظر في حركة الكواكب، فهو معلق بين السماء والأرض، يبحث عن بشير، ويحذر من نذير، منوهًا بأن الإسلام بكماله، وجماله، وهديه، وجلاله لينقذ الإنسان من هذه التخبطات والشركيات، والجهالات.
وأضاف أنه شرع له صلاة الاستخارة حتى إن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم كان يعلمها الصحابة رضوان الله عليهم كما يعلمهم السورة من القرآن مما يدل على أهميتها وحاجة المسلم إليها.
هذه الصلاة العظيمة
وأفاد بأن هذه الصلاة العظيمة، هي توحيد، وإخلاص، ولجوء إلى الله سبحانه، وطلب الخيرة منه سبحانه، وهو رب الأرباب، ومسبب الأسباب، ومقدر الأقدار، فيسأل المسلم ربه أن يهديه وييسر له ما هم به من الخير، أو يصرفه عنه، وييسر له الخير حيث كان، وقد بين النبي- صلى الله عليه وسلم- صفة صلاة الاستخارة ودعاءها.
واستشهد بما روى الإمامان البخاري ومسلم- رحمهما الله- في صحيحيهما عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة في القرآن " إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة.
وأردف: ثم ليقل: " اللهم أني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسالك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي.
واستطرد: ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني، ومعاشي، وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به قال: ويسمى حاجته.
الاستخارة تكون في المباحات
ونبه إلى أن الاستخارة تكون في الأمور التي لا يتبين للعبد فيها وَجْهُ الصواب، أما ما هو معروف خيره أو شره فإنه لا استخارة فيه، كالعبادات والمطلوبات الشرعية، وصنائع المعروف وتجنب المعاصي والمنكرات فهذه لا تدخلها الاستخارة.
وأشار إلى أن الاستخارة تكون في المباحات من أمور الدنيا: كالزواج، وشراء المنزل، أو المركوب، والوظيفة، والسفر المباح، موضحًا أن الاستخارة تكون عند أول ما يهم به العبد في الأمر، وليس بعد الجزم وتمام الإرادة والرغبة، ولهذا قال أهل العلم: الاستخارة قبل الشروع.
ونوه، قائلًا: من فوض أمره إلى الله كفاه، ومن سأله بصدق وإخلاص أعطاه، ومن استخاره لم يندم، وقام في قلبه من الطمأنينة واليقين ما يصرف عنه كل هم، ومن اعتمد على حسن اختيار الله له لم يتمنّ غير ما اختار الله له".