كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن إسرائيل تتجه بسرعة نحو عزلة سياسية وثقافية واقتصادية خانقة، فقد أُلغيت بالفعل صفقات دفاعية، وتراجعت السياحة الدولية، وتصاعدت مقاطعة الأكاديميين والفنانين الإسرائيليين.
بينما بدأت علاقاتها التجارية مع الخارج في الانكماش، ووفقا لتقرير نشرته مجلة الإيكونوميست، فإن هذا الانهيار الذي بدأ في أوروبا يمتد الآن إلى الولايات المتحدة، حيث يتراجع الدعم الشعبي، خصوصًا بين الأجيال الشابة. ومن أبرز السيناريوهات المطروحة: إلغاء اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي – شريان حيوي للأبحاث الإسرائيلية – وفرض عقوبات غربية متصاعدة بسبب الكارثة الإنسانية في غزة.
وأضاف التقرير أن التدهور في مكانة إسرائيل الدولية لا يمثل سوى وجه واحد للأزمة، فاقتصادها، الذي كان في موقع قوة عشية تشكيل الحكومة اليمينية الحالية عام 2023، دخل في مسار انحداري واضح. ففي عام 2022، شهدت البلاد نموًا قويًا، وانخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وسجلت الميزانية فائضًا. آنذاك، أقرت الحكومة إصلاحات هيكلية واستثمرت في البنية التحتية والمجتمع العربي، حتى أن وكالة التصنيف الائتماني موديز أعلنت نيتها رفع تصنيف إسرائيل الائتماني.
و أشار التقرير، أن الحكومة الجديدة تعاملت مع هذه الظروف المثالية كأرضية لدفع مشروع "الإصلاح القضائي"، وتوسيع التحويلات القطاعية، وتكريس عدم المساواة. ومنذ ذلك الحين، انقلبت مؤشرات النمو.
في 2023 و2024 سجل نصيب الفرد نموًا صفريًا، مقارنةً بـ6.8% في 2021 و4.4% في 2022. تباطؤ الاستثمار والأعمال بدأ حتى قبل 7 أكتوبر، متزامنًا مع محاولات إضعاف القضاء. أما بيانات 2025 فتشير إلى ركود عميق، قد يتفاقم بفعل تكاليف الحرب على غزة والعقوبات الدولية.
و أوضحت الدين العام والتصنيف الائتماني: ارتفعت نسبة الدين إلى نحو 70% من الناتج المحلي، بعد أن كانت 60% فقط عام 2022. وازدادت كلفة خدمة الدين بصورة حادة، إذ ستقفز مدفوعات الفوائد من 4.5 مليار شيكل عام 2024 إلى أكثر من 20 مليار سنويًا بعد 2027. القلق من العجز والتخلف عن السداد دفع وكالات التصنيف إلى خفض تصنيف إسرائيل – لأول مرة في تاريخها – أكثر من مرة.
تكلفة المعيشة
فرضت الحكومة ضرائب ورسومًا جديدة شملت القيمة المضافة، الأملاك، الطاقة والمياه، والنقل العام، إضافة إلى تجميد شرائح ضريبة الدخل. ارتفعت أسعار الغذاء وحدها بنسبة 15% منذ انتخابات 2022 وحتى منتصف 2025، مقارنة بزيادة طفيفة فقط في الفترة السابقة. النتيجة: اتساع رقعة الفقر وتآكل دخل الأسر.
هجرة العقول
دفعت الحرب الطويلة، الأزمة السياسية، تراجع العدالة الاجتماعية وارتفاع المعيشة، مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الهجرة منذ 2023، بينهم مئات الأطباء وآلاف من الكفاءات التكنولوجية، ما ينعكس في تراجع مستوى الخدمات الصحية وتدهور قطاعات حيوية.
إجمالا، يتضح أن التراجع الاقتصادي ليس حتميا في طبيعته، بل هو نتاج مباشر لسياسات الحكومة الحالية. فبينما ورثت إسرائيل اقتصادًا قويًا عام 2022، قادتها ثلاث سنوات من سوء الإدارة إلى عزلة سياسية وانكماش اقتصادي يهددان مستقبلها.