ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، من أحد المستمعين يقول في رسالته: رضعت بنت خالتي من جدتها لأمها، وأريد أن أتزوج بها، فما حكم ذلك شرعًا؟
فأجاب الدكتور عطية لاشين قائلًا: الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي روت عنه كتب السنة قوله الشريف: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب».
وأوضح أستاذ الشريعة أن الشرع الإسلامي اشترط لصحة الزواج ألا تكون المرأة محرمة على الرجل، وأن أسباب التحريم جاءت على ثلاثة أنواع واضحة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهي:
- التحريم بالنسب، وهن المذكورات في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ}.
- التحريم بالرضاعة، وهن المذكورات في قوله تعالى: {وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة}، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم القاعدة العامة بقوله: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب»، أي أن الرضاعة تُنشئ روابط محرمية تمامًا كالروابط التي تنشأ من النسب.
- التحريم بالمصاهرة، مثل زوجة الأب وأم الزوجة وبنت الزوجة بعد الدخول وأخت الزوجة ما دامت الأخت في عصمة الزوج، وكذلك العمة والخالة من جهة الزوجة بنص السنة، غير أن بعض هذه التحريمات تكون مؤقتة تزول بزوال الزوجية القائمة.
وبخصوص واقعة السؤال، أوضح الدكتور عطية لاشين أن البنت التي رضعت من جدتها لأمها صارت بالرضاعة ابنةً لهذه الجدة، أي أنها أصبحت أختًا لبنات الجدة من الرضاعة، وبالتالي فهي خالَةٌ لأولاد خالاتها من الرضاعة.
وأشار أستاذ الفقه المقارن إلى أن الخالة من الرضاعة تحرم كما تحرم الخالة من النسب، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب». ومن ثم، فإن بنت خالته التي رضعت من جدتها لأمها لا تحل له زواجًا لأنها أصبحت خالته من الرضاعة شرعًا.
واختتم الدكتور عطية لاشين فتواه بقوله: وعليه، لا يجوز لك أن تتزوج من بنت خالتك نسبًا لأنها غدت خالة لك من الرضاعة.