في خطوة تهدف إلى تحقيق استقرار نسبي في الأسواق والمالية العامة للدولة، قررت الحكومة المصرية تثبيت أسعار البنزين والسولار لمدة عام كامل بعد الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود.
هذا القرار، الذي أُعلن عنه وسط تحديات اقتصادية عديدة، أثار تساؤلات واسعة حول مدى تأثيره على مرونة السوق ومصلحة المستهلك.
في هذا السياق، يوضح الدكتور مدحت نافع، أستاذ وخبير الاقتصاد، الأسباب الحقيقية وراء تثبيت الأسعار، بالإضافة إلى تداعيات هذا القرار على الاقتصاد الوطني وعلى المواطن العادي.
1. الهدف من تثبيت الأسعار: تحقيق استقرار الموازنة العامة
يشرح الدكتور مدحت نافع أن الخطوة الحكومية تأتي ضمن محاولة لامتصاص الصدمات المالية الناتجة عن فروق تكلفة الاستيراد والإنتاج التي تراكمت خلال العامين الماضيين.
بدلاً من تعديل الأسعار باستمرار حسب التغيرات العالمية في أسعار النفط، تم اختيار تثبيت الأسعار لمدة عام، بهدف ضمان استقرار نسبي في الموازنة العامة للدولة وتوفير درجة من التوقعية للمستهلكين.
2. التأثير على مرونة السوق والتكيف مع التقلبات العالمية
مع ذلك، يشير نافع إلى أن تثبيت الأسعار لفترة طويلة يقلل من مرونة السوق وقدرتها على التكيف مع الانخفاضات أو الارتفاعات المفاجئة في أسعار النفط العالمية.
بمعنى آخر، في حال هبوط أسعار النفط عالميًا، فإن المستهلكين في مصر لن يستفيدوا من هذا الانخفاض خلال فترة التثبيت، مما يجعلهم يدفعون أسعارًا أعلى من القيمة السوقية.
3. دعم المحروقات: مفهوم متغير وفقًا للظروف الاقتصادية
يوضح نافع أن رفع الدعم بشكل كامل عن الوقود لا يعني بالضرورة أن الدعم اختفى، بل الحكومة تستخدم مفهومًا مرنًا للدعم.
عندما تبقى الأسعار ثابتة رغم ارتفاع التكلفة، يُعاد تصنيف الفرق على أنه دعم ضمني، رغم أن المواطن لا يشعر بتحسن مباشر في جودة أو كفاءة الخدمات.

4. الحلول الجذرية: تحرير السوق وتعزيز الإنتاج المحلي
يرى الخبير الاقتصادي أن الحل الأمثل لتجنب الأزمات المتكررة يكمن في تحرير السوق تدريجيًا ورفع كفاءته التشغيلية.
ويشدد على ضرورة إشراك القطاع الخاص بشكل أوسع، وتحسين آليات إدارة التعاقدات الحكومية، فضلاً عن تشجيع الإنتاج المحلي من الغاز والنفط لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتحقيق استدامة تسعيرية.
5. التوازن بين العدالة الاجتماعية والاستدامة المالية
يختم الدكتور مدحت نافع حديثه بالتأكيد على أن مستقبل سياسة تسعير الوقود يجب أن يُبنى على صيغة توازن بين حماية القدرة الشرائية للمواطن وضمان استدامة مالية للدولة.
ويجب أن تُدار الأسعار بآلية مرنة تتفاعل مع المتغيرات العالمية، ولكن دون تحميل المستهلكين أعباءً مفاجئة قد تؤثر سلبًا على مستوى المعيشة.