على الرغم من أن معظم المرضى يتعافون من الجلطات الوريدية العميقة بعد تلقي العلاج، إلا أن بعضهم يواجه رحلة أطول مع أعراضٍ مزمنة تستمر لأشهر أو حتى سنوات، هذه الحالة تُعرف باسم "متلازمة ما بعد الجلطة"، وهي اضطراب طويل الأمد يصيب الأوردة التي تعرضت سابقًا لتجلط، ما يؤدي إلى تورم وألم وصعوبة في عودة الدم إلى القلب بشكل طبيعي، وذلك وفقًا لتقرير نشره موقع هيلث هارفارد.
مضاعفات مزمنة تلي الخثار الوريدي
تعتبر متلازمة ما بعد الجلطة من أبرز المضاعفات طويلة الأمد التي قد تلي الخثار الوريدي العميق، حيث تشير التقديرات إلى أن ما بين ثلث إلى نصف المرضى الذين أُصيبوا بجلطة وريدية قد يعانون من هذه المتلازمة لاحقًا، ويحدث ذلك نتيجة تلف الصمامات الوريدية الدقيقة التي تنظم حركة الدم في اتجاه القلب، مما يسمح بتسرب الدم عكسيًا وتجمعه في الأطراف.
كيف تبدأ المتلازمة؟
في الحالة الطبيعية، تعمل الأوردة كقنوات ذات اتجاه واحد تسمح للدم بالتدفق نحو القلب، إلا أن الجلطة قد تُلحق ضررًا بالصمامات الداخلية للوريد، فيتجمع الدم في الساق أو الذراع مسبّبًا شعورًا بالثقل أو الشد العضلي أو الانتفاخ، وهي أعراض تزداد سوءًا مع الوقوف أو الحركة الطويلة.
ويشير الأطباء إلى أن هذه الأعراض لا تظهر فور التعافي من الجلطة، بل تتطور تدريجيًا بعد أشهر، عندما تبدأ الأنسجة المحيطة بالتأثر بارتفاع الضغط داخل الوريد، كما تزيد احتمالية الإصابة لدى من يعانون من جلطات متكررة أو انسدادات واسعة في أوردة الفخذ أو الحوض.
علامات يجب الانتباه لها
تتنوع مظاهر متلازمة ما بعد الجلطة بين الأفراد، ومن أبرزها:
ألم متكرر في الساق أو الذراع.
تورم يزداد بنهاية اليوم.
تغير في لون الجلد وظهور تصبغات داكنة.
بروز دوالي أو شعيرات زرقاء على سطح الجلد.
إحساس بالحرارة أو الثقل أثناء المشي.
وفي الحالات المتقدمة، قد تظهر تقرحات جلدية مزمنة يصعب التئامها نتيجة ضعف الدورة الدموية في الأنسجة القريبة.
عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة
تشير الدراسات إلى أن الإصابة بجلطات متكررة أو واسعة النطاق، أو تأخر علاج الجلطة الأولى، كلها عوامل تزيد من احتمالية تلف الوريد، كما تلعب السمنة، وقلة الحركة لفترات طويلة، وبعض الاضطرابات الهرمونية دورًا مهمًا في تفاقم الأعراض.
ويؤكد الأطباء أن الوقاية المبكرة تبدأ من لحظة تشخيص الجلطة عبر استخدام مميعات الدم والمتابعة الدورية بالأشعة لتقليل فرص تكرار الانسداد الوريدي.
العلاج والسيطرة على الأعراض
لا يعتمد علاج متلازمة ما بعد الجلطة على دواء محدد، بل على خطة علاجية متكاملة تهدف إلى تحسين الدورة الدموية وتقليل الألم ومنع المضاعفات.
وتوصي تقارير هيلث هارفارد باستخدام الجوارب الضاغطة الطبية كخط دفاع أول، إذ تساعد في توجيه الدم نحو القلب ومنع تجمعه في الأطراف، وتختلف هذه الجوارب في الطول والضغط حسب موضع الجلطة وشدة الأعراض، وقد تمتد فوق الركبة أو حتى الفخذ في الحالات الشديدة.
كما يُنصح المرضى بممارسة الرياضة المنتظمة كالمشي، ورفع الساقين أثناء الراحة، إضافة إلى فقدان الوزن الزائد لتحسين تدفق الدم الوريدي، وفي بعض الحالات المتقدمة، قد يُلجأ إلى أجهزة الضغط المتقطعة لتحفيز تدفق الدم أو إجراءات جراحية محدودة لإزالة الجلطات القديمة أو توسيع الوريد المتضرر.
أما على مستوى الأدوية، فيستمر المرضى غالبًا في تناول مميعات الدم لفترة طويلة لمنع تكون جلطات جديدة، مع استخدام مسكنات آمنة مثل الباراسيتامول لتخفيف الألم، وتجنّب العقاقير المضادة للالتهاب التي قد ترفع خطر النزيف.
 
         
         
         
         
         
                         
                         
                     
                                             
                                        

 
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                     
                         
                         
                         
                                 
                                 
                                 
                                 
                             
                             
                     
                     
                     
                    