في خطوة تعكس عمق العلاقات التاريخية بين القاهرة وبيشكيك، شهد رئيس الجمهورية القيرغيزية صادير جباروف، والدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مراسم توقيع مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين مصر وقيرغيزستان، تهدف إلى توسيع مجالات التعاون المشترك وتعزيز الشراكة بين البلدين في مجالات متعددة تشمل الاستثمار والطاقة والزراعة والسياحة والدين.
تعزيز العلاقات الاستثمارية بين البلدين
جاءت أولى الاتفاقيات في صورة مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية، وقعها كل من المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، وزهينبك كولوباف، وزير الخارجية القيرغيزي.
وتهدف هذه المذكرة إلى تشجيع الاستثمارات المتبادلة وتسهيل حركة رؤوس الأموال والمشروعات المشتركة، في خطوة تسعى لفتح آفاق جديدة أمام رجال الأعمال في البلدين، وبما يعزز النمو الاقتصادي المستدام.
تعاون في المجالات الدينية والدعوية
كما شملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات الأنشطة الدينية والدعوية، وقعها الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، والسيد عظمات أيوسوبوف، رئيس الهيئة الوطنية للشؤون الدينية والعلاقات بين الأعراق في قيرغيزستان.
ويأتي هذا التعاون في إطار تبادل الخبرات في مجالات الخطاب الديني الوسطي، والتصدي للأفكار المتطرفة، وتعزيز قيم التسامح والتعايش بين الشعوب.
خطوات نحو التكامل في الطاقة والزراعة
وفي قطاع الطاقة، وقعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، مع وزير الخارجية القيرغيزي زهينبك كولوباف، مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، تهدف إلى تبادل الخبرات في مشروعات الطاقة النظيفة وتطوير الشبكات الكهربائية.
كما تم توقيع اتفاقية تعاون في مجال الزراعة لتطوير مشروعات زراعية مشتركة تعتمد على التقنيات الحديثة وتبادل الأصناف الزراعية وتحسين الإنتاجية.
اتفاق للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني
كما شهدت المراسم توقيع اتفاق للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني بين وزارتي الاقتصاد في البلدين، وقعه كل من الدكتورة رانيا المشاط وباكيت سيديكوف، وزير الاقتصاد والتجارة القيرغيزي.
ويُعد هذا الاتفاق حجر أساس لتعزيز التبادل التجاري وتوسيع التعاون البحثي والعلمي بين الجامعات والمؤسسات في مصر وقيرغيزستان.
العلاقات الدبلوماسية تفتح أبواب السياحة
قال الخبير السياحي عاطف بكر عجلان إن العلاقات بين مصر وقيرغيزستان تشهد مرحلة جديدة من الازدهار والتقارب، خاصة في ظل ما وصفه بـ"الدبلوماسية النشطة" التي تقودها القاهرة لتعزيز حضورها في آسيا الوسطى، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات السياحة والثقافة والاقتصاد.
قيرغيزستان سوق واعد للسياحة المصرية
وأوضح عجلان أن قيرغيزستان تمثل سوقًا واعدًا للسياحة المصرية، لما تشهده من نمو في حركة السفر الخارجي، خاصة بين فئة الشباب والعائلات الباحثين عن الوجهات التاريخية والثقافية، مشيرًا إلى أن مصر بما تمتلكه من تنوع سياحي استثنائي من الآثار الفرعونية إلى المنتجعات الساحلية قادرة على جذب السائح القيرغيزي، كما يمكن أن تمثل بيشكيك بدورها بوابة للمصريين لاكتشاف الطبيعة البكر في آسيا الوسطى.
لقاءات دبلوماسية تؤكد عمق العلاقات الثنائية
وأضاف أن اللقاءات المتكررة بين وزراء الخارجية والسفراء في البلدين، تؤكد وجود رؤية استراتيجية لتعميق التعاون الثنائي، ليس فقط سياسيًا بل في المجالات العملية التي تمس حياة المواطنين، وفي مقدمتها السياحة والتعليم والثقافة.
تسهيلات التأشيرات خطوة نحو تعزيز الحركة السياحية
وأشار عجلان إلى أن تسهيلات التأشيرات التي تمنحها مصر لمواطني قيرغيزستان خطوة ذكية نحو جذب مزيد من الزوار، خاصة في ظل تزايد الاهتمام العالمي بمصر كوجهة آمنة ومستقرة، فضلًا عن دورها التاريخي والثقافي في العالمين العربي والإسلامي.
السياحة جسر للتبادل الثقافي بين البلدين
وأكد أن تعزيز التعاون السياحي بين البلدين يمكن أن يتحول إلى جسر للتبادل الثقافي والإنساني، مشددًا على أهمية تنظيم برامج سياحية مشتركة، وتبادل الوفود الشبابية والثقافية، وتفعيل الرحلات المباشرة مستقبلًا بين القاهرة وبيشكيك.
82 عامًا من العلاقات.. نحو شراكة مستدامة
واختتم الخبير السياحي تصريحه بالتأكيد على أن العلاقات المصرية القيرغيزية الممتدة لأكثر من 82 عامًا تشهد اليوم نقلة نوعية تعكس ثقة متبادلة ورغبة حقيقية في البناء على الإرث التاريخي المشترك، مضيفًا أن "السياحة يمكن أن تكون البوابة الأوسع لتعميق هذا التعاون، وتحويله إلى شراكة مستدامة تخدم مصالح الشعبين".
تجسد الاتفاقيات التي تم توقيعها بين مصر وقيرغيزستان فصلًا جديدًا في مسار العلاقات بين البلدين، قائمًا على التعاون العملي والرؤية المشتركة نحو التنمية المستدامة. فبين تعزيز الاستثمارات وتبادل الخبرات في مجالات الطاقة والزراعة، مرورًا بتوسيع آفاق السياحة والتبادل الثقافي، تؤكد القاهرة وبيشكيك أن علاقاتهما لم تعد محصورة في الأطر الدبلوماسية، بل أصبحت شراكة حقيقية تمهد لمستقبل من التكامل والازدهار يخدم مصالح الشعبين ويعزز حضور البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية.