في عالم تتزايد فيه التحديات التي تواجه الأطفال، لم يعد الدور الوقائي حكرا على المؤسسات وحدها، بل أصبح للبيت، وتحديدا للأم دور جوهري يستند إلى الحدس والفطرة قبل أي أدوات رسمية.
فمهما تقدمت البرامج وسياسات الحماية، يظل قلب الأم هو خط الدفاع الأول، بعفويته ويقظته وقدرته على التقاط ما لا تلتقطه القوانين أو الإجراءات.
وبناء دائرة أمان حقيقية يبدأ من تفاصيل يومية هادئة لكنها مؤثرة، ومن وعي بسيط قادر على صنع فارق كبير في حياة الطفل.
وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة مروة شومان، استشاري صحة نفسية ، إنه رغم أن المؤسسات تتحمل العبء الأكبر، تظل الأم خط الدفاع الأول، والدور هنا لا يحتاج إلى ثقافة قانونية ولا دورات تدريب، بل يحتاج إلى يقظة قلب ووعي بسيط لكنه حاسم.
وأضافت "شومان"، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن هناك ثلاث خطوات لا غنى عنها، وكلها تمارس في الحياة اليومية بلا ضجيج، ومنها:
- أولا: الإصغاء
لأن الطفل الذي يشعر أن كلامه مسموع لن يخشى أن يبوح عندما يحدث ما يزعجه، كثير من القصص المؤلمة بدأت لأن الطفل حاول التلميح ولم يجد من يفهم الإشارة.
- ثانيا: مراقبة التغير
ولأن السلوك هو اللغة التي يتحدث بها الطفل عندما يعجز عن التعبير، وانعزال مفاجئ، خوف غير مبرر من شخص ما، تغير في النوم أو الشهية، فكلها إشارات لا يجب إهمالها أو تفسيرها كـ "مرحلة وتعدي".
وأشارت شومان: "أما ثالثا هو وضع حدود واضحة من حق الطفل أن يعرف أن جسده ملكه وحده، وأن اللمس غير المقبول ليس مجرد "مزحة"، عندما يسمع هذه الكلمات من أمه، يصبح أقوى في مواجهة أي موقف مريب، ويكون قادرا على رفضه والإبلاغ عنه.
وتابعت: "هذه الخطوات ليست بديلا عن السيف جارد، لكنها النسخة المنزلية منه، النسخة الصامتة التي تمنح الطفل شعورا بالأمان، وتمنح المؤسسة فرصة أن تنجح في دورها".
واختتمت: "بهذا التكامل بين البيت والمدرسة، يصبح الطفل محاطا بحزام حماية حقيقي، لا شعارات ولا وعود، بل شبكة يقظة تمتد من قلب الأم حتى سياسات المؤسسة".
جدير بالذكر، أن حماية الطفل مسؤولية مشتركة، لا تكتمل دون تعاون صادق بين البيت والمؤسسة، فبين يقظة الأم وإجراءات المدرسة تتكون شبكة حماية متينة، لا تعتمد على الشعارات بل على الممارسة اليومية الواعية.
وحين يتعزز هذا التكامل، يصبح الطفل محاطا بدرع حقيقي يمنحه الطمأنينة والثقة في نفسه وفي من حوله، وهكذا يتحول الوعي المنزلي إلى قوة داعمة للجهود المؤسسية، ليبقى الطفل في قلب دائرة أمان لا تتزعزع.



