أثار قرار الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، اقتطاع مئات الملايين من الشواكل من ميزانيات "الخطة الخمسية" المخصصة لتطوير المجتمع العربي، موجة واسعة من الانتقادات في الأوساط القيادية العربية والجهات القانونية.
ويأتي هذا القرار في سياق يبرره نتنياهو ووزراء في حكومته بـ "دوافع أمنية" لتمويل جهود مكافحة الجريمة المنظمة و"إخراج السلاح" من التجمعات العربية.
تبرير حكومي وتفاصيل الاقتطاع
أعلن رئيس الوزراء، في مقطع فيديو ظهر فيه إلى جانب وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزيرة المساواة الاجتماعية، ماي غولان، أن "المشكلة الكبيرة" هي "الجريمة"، وأن معالجتها تتطلب "قوات إضافية وموارد إضافية".
وتمحور القرار الحكومي حول الموافقة على اقتطاع 220.7 مليون شيكل من ميزانية الخطة الخمسية، وهي الميزانية المخصصة أساساً لدعم التعليم والثقافة والرياضة وبرامج الشباب وتطوير السلطات المحلية في المجتمع العربي. ويشير النص إلى أن هذه الميزانيات المقتطعة ستُحوّل لصالح الأمن، بما يشمل الشرطة الإسرائيلية والـ "شاباك"، وذلك بهدف تعزيز تطبيق القانون ومعالجة الجريمة.
واعتبر نتنياهو أن الحكومة قررت "اقتطاع جزء من ميزانية الخطة 550" (الخطة الخمسية السابقة)، بنحو 200 مليون شيكل أو أكثر قليلاً، لصالح تعزيز تطبيق القانون ومعالجة الجريمة في المجتمع العربي.
تصريحات متناقضة ووصف “تاريخي”
في حين وصف بن غفير القرار بأنه "رائع ومهم جداً"، مبرراً إياه بأنه خطوة حيوية لتعزيز تطبيق القانون ومعالجة الجريمة، أكدت الوزيرة ماي غولان أن الهدف من الإجراء هو "إخراج السلاح" من المجتمع العربي.
وصفت غولان الخطوة بأنها "تاريخية"، مدعية أن "بعد سنة ونصف من العمل، نقوم هنا بشيء تاريخي لم يُفعل من قبل".
وأضافت غولان أن هناك "أوتونوميات إجرامية" في إسرائيل تتمثل بمنظمات الإجرام في المجتمع العربي، متابعة: "لدينا أوتونوميات إجرامية تقتل أولاً في المجتمع العربي ثم في المجتمع الإسرائيلي عموماً".
كما زعمت غولان أن القرار "لم يُصَرَّ عَبثاً"، وأن السلطات "تعرف بالضبط احتياجات الجمهور العربي". لكنها عادت وأكدت أن الميزانية لن تذهب للبرامج المدنية، بل "سيذهب المال لمعالجة الأمن".
في المقابل، ادعى منتقدو هذه الخطوة أنها لا تتماشى مع البرامج المدنية التي أقرت ومُولت بالفعل، مشددين على أن "البرامج التي تم إقرارها ستبقى"، وأن البرامج المدنية التي ستُؤخذ منها الميزانية هي لصالح "تعزيز تطبيق القانون ومعالجة الجريمة، وهذا أمر حيوي للحياة".
تصاعد الجريمة وتقاعس السلطات
جاء قرار الاقتطاع في سياق ما وُصف بـ "الضغوط التي مارسها بن غفير وغولان قبيل إقرار ميزانية الدولة لعام 2026"، وفي ظل "تقاعس السلطات الإسرائيلية وأجهزة إنفاذ القانون عن مكافحة الجريمة في المجتمع العربي".
ووفقاً للتقرير، فإن هذا التقاعس أدى إلى حد "التواطؤ"، وقد سجلت البلدات العربية حصيلة ضحايا "غير مسبوقة". وبلغ عدد القتلى منذ مطلع العام الجاري 244 قتيلاً، بينهم 241 مواطناً و 3 مقيمين، في تصاعد خطير ومتواصل لجرائم العنف والجريمة المنظمة، واستمرار "عجز الشرطة عن توفير الحماية ومحاسبة المتورطين.

