أكد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن حكومته تضع ملف استخراج الغاز الطبيعي من المياه الإقليمية على رأس أولوياتها الاستراتيجية، مشدداً على أن هذه الثروات الطبيعية تمثل ركيزة أساسية لتعزيز قوة إسرائيل السياسية والاقتصادية.
وفي تصريحات نقلتها صحيفة "النهار العربي"، أوضح نتنياهو أن العمليات التشغيلية في حقول الغاز بالبحر المتوسط تسير بوتيرة متسارعة، ليس فقط لتأمين الاحتياجات المحلية، بل لتعزيز مكانة إسرائيل كمصدر إقليمي ومورد حيوي للطاقة إلى الأسواق العالمية، وخاصة أوروبا التي تبحث عن بدائل مستقرة.
وفي الجانب الاقتصادي، زعم نتنياهو أن الاقتصاد الإسرائيلي يُعد من بين "الأفضل في العالم"، مشيراً إلى أن الإدارة المالية والاقتصادية لحكومته نجحت في تجاوز التحديات العالمية الكبرى. واعتبر أن الاستقرار الذي تشهده المؤشرات الاقتصادية يعود إلى السياسات التي تتبعها حكومته في تشجيع الاستثمارات الأجنبية ودعم قطاع التكنولوجيا الفائقة، مؤكداً أن القوة الاقتصادية هي التي تمنح إسرائيل القدرة على تمويل احتياجاتها الأمنية والعسكرية دون التأثير على مستوى معيشة المستوطنين، وهو ما يضعها في مراكز متقدمة عالمياً من حيث النمو والقدرة على الصمود أمام الأزمات.
تأتي تصريحات نتنياهو في وقت يواجه فيه انتقادات داخلية واسعة وضغوطاً اقتصادية متزايدة بسبب تكلفة الحروب والعمليات العسكرية المستمرة، إلا أنه حاول من خلال هذا الخطاب توجيه رسائل طمأنة للداخل والخارج حول متانة النظام المالي الإسرائيلي.
ويرى مراقبون أن الربط بين استخراج الغاز وقوة الاقتصاد يهدف إلى التأكيد على أن إسرائيل تمتلك موارد سيادية تجعلها في غنى عن الاعتماد الكلي على المساعدات الخارجية، كما يسعى من خلالها إلى تعزيز صورته كـ "حارس للاقتصاد" في ظل التوترات السياسية والأمنية الراهنة التي تعصف بالمنطقة.
وعلى صعيد التحليل، يرى خبراء أن ادعاءات نتنياهو حول كون الاقتصاد الإسرائيلي "الأفضل في العالم" قد تواجه تشكيكاً من قبل المؤسسات الدولية التي رصدت تراجعاً في بعض التصنيفات الائتمانية لإسرائيل مؤخراً نتيجة الصراع الطويل. ومع ذلك، يظل ملف الغاز هو "الورقة الرابحة" التي يلوح بها نتنياهو دائماً، حيث تمثل حقول مثل "لوياثان" و"كاريش" مصدراً ضخماً للدخل القومي، وتمنح تل أبيب نفوذاً جيوسياسياً في منطقة شرق المتوسط، وهو ما يحاول نتنياهو استثماره لتخفيف الضغوط الدبلوماسية الدولية عليه، معتبراً أن الطاقة هي المفتاح الذي سيضمن لإسرائيل مكاناً ثابتاً في خارطة الاقتصاد العالمي المستقبلي.
ختاماً، تمثل هذه التصريحات محاولة لإبراز القوة الذاتية في وقت تشهد فيه المنطقة تقلبات حادة، حيث يصر نتنياهو على أن المسار الاقتصادي لبلاده يسير في اتجاه صعودي رغم كل المعوقات.
ويبقى التحدي الحقيقي أمام هذه الادعاءات هو مدى قدرة الاقتصاد الفعلي على تحمل تبعات التصعيد العسكري المستمر، وهل سيظل الغاز الطبيعي كافياً لتعويض الخسائر الناتجة عن تراجع قطاعات أخرى مثل السياحة والزراعة، وهي الأسئلة التي ستجيب عنها مؤشرات الربع القادم من العام المالي.