قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

تشبه الذهب ولها فائدة مذهلة.. صخور حية تنمو وتتنفس وتفاجئ العلماء

الميكروبيولايت
الميكروبيولايت

كشفت دراسة علمية حديثة عن مفاجأة لافتة في عالم الجيولوجيا والأحياء الدقيقة، إذ تبين أن تكوينات طبيعية تعرف باسم الميكروبيولايت وهي من أقدم أشكال الحياة على كوكب الأرض لا تزال تنمو بوتيرة سريعة وتؤدي دورا بيئيا غير متوقع في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، بمعدلات تفوق الغابات الاستوائية المطيرة عشرات المرات لكل متر مربع.

صخور تبدو جامدة وحياة تنبض في الداخل

تنتشر هذه التكوينات في مناطق من جنوب أفريقيا، وتبدو للوهلة الأولى كصخور عادية مغطاة بطحالب أو مواد خضراء غير أن حقيقتها أكثر تعقيدا، إذ تمثل مجتمعات ميكروبية نشطة تقوم بترسيب كربونات الكالسيوم، ما يؤدي تدريجيا إلى تحولها إلى صخور صلبة، وفقا لما أورده موقع iflscience.

نمو غير مسبوق يفوق التوقعات العلمية

ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة Nature Communications، سجل الباحثون معدلات نمو لبعض أنواع الميكروبيولايت تُعد من الأسرع عالميا مقارنة بما كان معروفا سابقا.

وتوضح الدكتورة رايتشل سيبلر، الباحثة في جامعة رودس والمشرفة على الدراسة، أن هذه الكائنات “غالبًا ما تُصور في الكتب العلمية على أنها شبه منقرضة، لكنها في الواقع لا تزال حية ومزدهرة في بيئات قاسية لا يُتوقع أن تدعم الحياة”.

وأضافت أن الفريق لم يعثر على بقايا خاملة بطيئة النمو، بل على مجتمعات ميكروبية قوية تمتلك قدرة عالية على التكيّف والنمو السريع.

قياسات ميدانية تكشف أرقامًا لافتة

قام الباحثون بقياس معدلات نمو أربعة مجتمعات من الميكروبيولايت، من بينها نوعان من «الستروماتولايت»، في جنوب شرق جنوب أفريقيا. وأظهرت النتائج أن هذه التكوينات تترسب كميات من كربونات الكالسيوم كافية فى حال غياب عوامل التعرية  لنموها بمعدل يتراوح بين 13 و23 مليمترًا سنويًا، وهو رقم يتجاوز بكثير ما تم تسجيله في مواقع أخرى حول العالم.

قدرة استثنائية على تخزين ثاني أكسيد الكربون

تكمن الأهمية البيئية لهذه النتائج في الكثافة العالية للصخور التي تنتجها هذه الكائنات، ما يسمح لها بتخزين ما بين 9 و16 كيلوجرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل متر مربع سنويًا وبالمقارنة، لا تمتص الغابات الاستوائية المطيرة في المساحة نفسها سوى نحو 0.1 إلى 0.2 كيلوجرام فقط، كما تتفوق الميكروبيولايت في هذا الجانب حتى على النظم البيئية الساحلية مثل مروج الأعشاب البحرية.

تخزين طويل الأمد للكربون

وعلى عكس الغابات والأراضي الرطبة التي قد تطلق الكربون المخزن فيها مجددا نتيجة الحرائق أو الجفاف، فإن الكربون المترسب في الميكروبيولايت يكون في معظمه غير عضوي، ما يمنحه استقرارا طويل الأمد وتدل على ذلك تكوينات من الحجر الجيري يعود عمرها إلى أكثر من 2.8 مليار سنة.

آمال علمية وحدود واقعية

ورغم هذه القدرات المذهلة، يحذر الباحثون من المبالغة في اعتبار الميكروبيولايت حلا سحريا لأزمة المناخ فبيئاتها تقتصر على مناطق محدودة تتميز بتدفق مياه غنية بالكالسيوم، وحتى مع معدلات امتصاصها العالية، فإن تعويض الانبعاثات العالمية الحالية سيتطلب مساحات تعادل قارة أفريقيا والولايات المتحدة مجتمعتين.

نافذة لفهم أعمق لتاريخ الأرض

وعلى الرغم من محدودية التطبيق العملي، يرى العلماء أن هذه «الصخور الحية» تمثل ظاهرة طبيعية استثنائية، وتفتح آفاقا جديدة لفهم دور أشكال الحياة القديمة في تنظيم كيمياء كوكب الأرض، وقدرتها المذهلة على التكيّف مع أقسى الظروف البيئية عبر مليارات السنين.