ألقى الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة كلمة بالنيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي في افتتاح المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية الأفريقية المنعقد في القاهرة يومي ١٩ و٢٠ ديسمبر.
نص الكلمة:
معالي الوزراء، رؤساء الوفود وممثلي المنظمات الأفريقية الإقليمية
يطيب لي في البداية أن أرحب بكم في وطنكم الثاني، مصر، وأن أعرب عن اعتزاز مصر العميق بالشراكة الإفريقية الروسية، التي انطلقت خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي عام ۲۰۱۹ بانعقاد قمتها الأولى في سوتشي، برئاستي المشتركة مع فخامة الرئيس فلاديمير بوتين. ويأتي انعقاد هذا اللقاء الوزاري تتويجا للتطور المتواصل في العلاقات الإفريقية الروسية، واستمرارًا للزخم الذي شهدته القمتان السابقتان في سوتشي عام ۲۰۱۹ وسانت بطرسبورغ عام ۲۰۲۳ ، كما يمثل خطوة عملية نحو تنفيذ خطة عمل منتدى الشراكة ۲۰۲۳ - ۲۰۲۰ ، ومناسبة لإطلاق حوار بناء حول صياغة خطة العمل المقبلة للفترة ۲۰٢٦ - ۲۰۲۹ ، التي سيتم اعتمادها خلال القمة الإفريقية الروسية الثالثة وبما يخدم مصالح شعوبنا المشتركة ويحقق الأمن والتنمية والاستقرار في القارة الأفريقية بأسرها.
السادة الحضور
إن التزامنا المشترك ببناء نظام دولي أكثر عدلاً واستقرارًا هو تعبير صادق عن تطلع شعوبنا إلى عالم يقوم على المساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام وحدة أراضيها وحق شعوبها في تقرير مصيرها، وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة.
ومن هذا المنطلق، تؤكد مصر أن إصلاح النظام الدولي يجب أن يقوم على أسس العدالة والتوازن، بحيث تعبر المؤسسات الدولية عن التعددية الحقيقية في النظام الدولي، لا عن اختلالات الماضي، إيمانا بأن صوت إفريقيا، بكل ما تمثله من ثقل بشري واقتصادي وسياسي وديمغرافي، يجب أن يكون حاضرا ومؤثرا في صياغة القرارات الدولية الكبرى، ولا سيما في هياكل التمويل الدولية وفي إطار إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما يتماشى مع توافق أوزوليني وإعلان سرت.
السيدات والسادة
إن الحوار السياسي المنتظم بين الدول الإفريقية وشركائها الدوليين، وفي مقدمتهم روسيا الاتحادية، هو حجر الزاوية في بناء التفاهم المتبادل، وتعزيز الثقة، وتنسيق المواقف حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وفي هذا الإطار، ترى مصر في التعاون الإفريقي الروسي آلية هامة لدعم الأهداف المشتركة في أجندة الاتحاد الإفريقي ۲۰٦٣ : " إفريقيا التي نريد ، ولا سيما من خلال دعم التفعيل الكامل لاتفاقية التجارة الحرة القارية، بما يدعم جهود التكامل الإقليمي ويحقق النمو الشامل، ويضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب القارة، وفقًا الأولوياتها الوطنية وبمنأى عن أي إملاءات خارجية.
كما تؤكد مصر، وفي إطار ريادة مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات واستضافتها لمركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار، وكذا رئاسة اللجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات النيباد، فضلاً عن استضافتها لمقر وكالة الفضاء الأفريقية ومركز تميز النيباد المعني بالمرونة المناخية، التزامها العمل بكل جد لحشد التمويل للمشروعات القارية الرامية لدفع أجندة التكامل الإقليمي، وتنفيذ برامج ومشروعات تلبي طموحات شعوبنا الأفريقية وتحقق أهداف السلم والأمن المستدامين.
السيدات والسادة
على الصعيد الأمني، تتابع مصر بقلق بالغ تصاعد التوترات الدولية وتنامي النزاعات المسلحة والتهديدات الإرهابية في بعض مناطق القارة الإفريقية، لما لذلك من آثار مدمرة على استقرار الدول ونموها الاقتصادي، وفي هذا السياق، تدرك مصر أهمية تسوية النزاعات بالطرق السلمية، ورفض التدخلات الخارجية التي تفاقم الأزمات بدلاً من حلها.
وتدعم مصر في هذا الإطار تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ۲۷۱۹ بشأن تمويل عمليات دعم السلام الإفريقية، بما يضمن استدامة الجهود الإفريقية في حفظ الأمن والاستقرار دون الاعتماد المفرط على المساعدات الخارجية.
إن مصر، وهي تواجه ندرة شديدة في الموارد المائية الصالحة للشرب والزراعة، تعتمد بشكل رئيسي على نهر النيل باعتباره شريان الحياة الوحيد لشعبها. وانطلاقاً من هذا الواقع تولي مصر أهمية خاصة لتعزيز التعاون في إدارة الأنهار العابرة للحدود وفقا لقواعد القانون الدولي ذات الصلة، وفي مقدمتها مبدأ الاخطار المسبق وضرورة عدم الحاق الضرر بدول المصب. فالمياه، والأنهار العابرة للحدود على وجه الخصوص، يجب أن تكون جسراً للتعاون والتفاهم بين الشعوب، لا سببا للتوتر أو النزاع وهو ما نحرص على تأكيده في كل محفل إقليمي ودولي.
السادة الحضور
أما على الصعيد الإقليمي، فإن مصر، انطلاقا من مسؤوليتها التاريخية تجاه قضايا المنطقة، لعبت دوراً مؤثراً في التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتؤكد دعمها الثابت لحل الدولتين وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما تؤكد مصر ضرورة البدء العاجل في جهود إعادة الإعمار وتقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني الشقيق، ورفض أية محاولات لفرض حلول أحادية أو تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية، أو تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.
معالي الوزراء، السيدات والسادة
في ختام كلمتي، أؤكد عزمنا الراسخ على مواصلة العمل المشترك لتعزيز التعاون بين إفريقيا وروسيا، والمساهمة في إطلاق مرحلة الإعداد للقمة الإفريقية - الروسية الثالثة لتكون خطوة نوعية جديدة في مسار هذه الشراكة الاستراتيجية.
إننا في مصر نؤمن بأن مستقبل هذه الشراكة لا يقوم على المصالح فحسب، بل على رؤية مشتركة لمستقبل أكثر أمنا وعدالة وتنمية لشعوبنا كافة، ونطمح من خلالها إلى إرساء قواعد الاحترام المتبادل، وتحقيق التنمية المستدامة، وضمان الاستقرار الإقليمي بما يخدم أمننا الجماعي ومصالحنا المشتركة.
وأتمنى لكم التوفيق خلال أعمالكم.





