شهد الوسط الثقافي في القاهرة جولة ميدانية مفاجئة ومكثفة قام بها الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، والدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، شملت متحف الشمع التابع لقطاع الفنون التشكيلية وقصر ثقافة عين حلوان، وذلك في إطار متابعاتهما الدورية للمواقع الثقافية بهدف وضع خطط عاجلة لتطويرها وتهيئتها لاستقبال الجمهور. وتركزت الجولة على تعزيز دور هذه المنشآت كمنصات ثقافية وتنويرية تعكس رؤية الدولة في نشر الوعي التاريخي والثقافي لدى جميع فئات المجتمع.
متحف الشمع: تطوير عاجل ورؤية متكاملة
بدأت الجولة بتفقد متحف الشمع برئاسة الدكتور وليد قانوش، حيث اطلع الوزير والمحافظ على أوضاع المتحف الحالية ومقتنياته، وأبرز الجوانب التي تحتاج إلى تطوير في العرض المتحفي. وأكد الوزير أن الهدف هو وضع خطة عاجلة شاملة ترفع مستوى الخدمات المقدمة للزوار، وتعظم الاستفادة من إمكانيات المتحف الثقافية والفنية، بما يعكس دوره كمركز إشعاع ثقافي في القاهرة.
وشملت الخطة المقترحة تطوير سيناريو العرض المتحفي، وإضافة مشاهد تاريخية جديدة لتعزيز جاذبية المتحف، مع تحسين المعالجة الفنية للمشاهد الحالية بما يتوافق مع أحدث المعايير المتحفية العالمية. كما تم التوجيه بالاستفادة من حديقة المتحف الكبيرة لإنشاء مسرح مكشوف لاستضافة الفعاليات الثقافية والفنية، بالإضافة إلى دراسة إنشاء مكتبة ثقافية ومساحات مجتمعية وخدمية أخرى.
وأشار الوزير إلى أن تطوير المتحف يجب أن يوازن بين الحفاظ على قيمته التاريخية وتقديمه برؤية معاصرة، مع تكثيف الأنشطة التثقيفية والموسمية التي تعزز التفاعل مع الجمهور، وتوسع آليات الترويج والتواصل المجتمعي، مما يرفع معدلات الإقبال الجماهيري ويؤكد على دور المتاحف في نشر الوعي بين مختلف الفئات العمرية، لا سيما الأجيال الجديدة.
ومن جانبه، أكّد محافظ القاهرة استعداد المحافظة لتقديم جميع أشكال الدعم والتعاون الكامل مع وزارة الثقافة لإنجاح خطة التطوير، بما يحوّل المتحف إلى منارة ثقافية ومركز إشعاع حضاري يخدم المجتمع المحلي ويعزز جهود الدولة في الارتقاء بالمواقع الثقافية.
قصر ثقافة عين حلوان: تطوير شامل وسريع
في إطار الجولة نفسها، قام الوزير والمحافظ بزيارة مفاجئة إلى قصر ثقافة عين حلوان، حيث تفقدا مرافقه وأروقة القصر المختلفة للاطلاع على الحالة العامة ومستوى الخدمات المقدمة للجمهور. وتم رصد بعض أوجه القصور مثل النظافة، التزام العاملين، وسير العمل اليومي، والتي تم التأكيد على ضرورة علاجها سريعًا لضمان تقديم خدمة ثقافية لائقة، خاصة أن قصور الثقافة تمثل واجهة الدولة في الأحياء والمجتمعات المحلية.
ووجّه وزير الثقافة بوضع خطة عاجلة لتطوير القصر تشمل تحسين المرافق وإعادة تأهيل المبنى، بالإضافة إلى تطوير البرامج الثقافية والفنية بما يضمن تجربة أفضل للزوار. كما أشار إلى أهمية الاستفادة من الحديقة في استضافة الأنشطة الفنية والثقافية، بما يعزز دور القصر كمركز إشعاع ثقافي يخدم سكان منطقة حلوان وضواحيها.
من جانبه، أكد محافظ القاهرة أن المحافظة ستباشر فورًا المعاينات الفنية اللازمة لتحديد نطاق أعمال التطوير، بما يشمل تحسين واجهة القصر، إصلاح الجدران المتدهورة، ومراجعة جميع الأعمال اللازمة بالتنسيق الكامل مع وزارة الثقافة، مشددًا على حرص المحافظة على دعم المنشآت الثقافية لتصبح مراكز إشعاع ثقافي وخدمي تسهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الوعي المجتمعي.
أهمية المتابعة الميدانية والتطوير المستمر
أكد وزير الثقافة أن الجولات المفاجئة تأتي في إطار سياسة المتابعة الميدانية المستمرة لضمان تحقيق أعلى مستويات الكفاءة في إدارة المواقع الثقافية، وتقديم خدمة حضارية لائقة للجمهور، بما يعكس الدور الحقيقي للوزارة في نشر الوعي الثقافي والتاريخي. وشدد على ضرورة تكثيف التعاون بين وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة، وسرعة تنفيذ خطط التطوير لضمان عودة متحف الشمع وقصر ثقافة عين حلوان للقيام بدورهما التنويري والثقافي بالشكل الذي يليق بقيمتهما التاريخية.
وأشار الوزير إلى أن المتحف يمتلك مقومات فريدة تؤهله ليكون من المراكز الثقافية المهمة، مشددًا على أن عملية التطوير يجب أن تدمج بين الحفاظ على الهوية التاريخية وتقديم رؤية معاصرة تواكب التطلعات المجتمعية والثقافية.
تطلعات مستقبلية
تأتي هذه الجولات ضمن استراتيجية شاملة لتطوير المنظومة الثقافية في القاهرة، التي تستهدف تحسين البنية التحتية للمتاحف وقصور الثقافة، وتفعيل دورها كمنصات لنشر الثقافة والفنون، وتعزيز مشاركة الجمهور في الأنشطة الثقافية المختلفة. كما تهدف إلى وضع معايير حديثة لإدارة المواقع الثقافية، بما يواكب أحدث الأساليب العالمية في العرض المتحفي والفني، ويرسخ تجربة حضارية متميزة للزائرين.
وأكد الوزير والمحافظ على أن هذه الخطوات تأتي في إطار رؤية الدولة لتمكين المتاحف وقصور الثقافة من لعب دور محوري في نشر الوعي التاريخي والفني، وتعزيز الهوية الثقافية لدى المواطنين، وخصوصًا لدى الشباب والأجيال الجديدة، من خلال تحويل هذه المنشآت إلى مراكز إشعاع ثقافي حقيقي.
تؤكد الجولة الميدانية المكثفة أن وزارة الثقافة ومحافظة القاهرة لا تدخران جهدًا في رفع كفاءة المواقع الثقافية، وتقديم نموذج متطور من الخدمات الثقافية والفنية. فمتحف الشمع وقصر ثقافة عين حلوان على موعد مع مرحلة جديدة من التطوير والتحديث، تجعل منهما منارات حضارية وثقافية حقيقية تعكس رؤية مصر في بناء مجتمع واعٍ ومثقف، قادر على التفاعل مع تاريخه وحاضره وإبداعاته المستقبلية.



