قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

النقابة تلتزم الصمت.. شروط الزراعة للاستعانة بـ 4500 بيطري تثير ضجة بين الأعضاء

وزير الزراعة ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة
وزير الزراعة ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة

حالة من الاستياء الشديد والجدل تسبب فيها منشور على الصفحة الرسمية لـ النقابة العامة للأطباء البيطريين، تضمن مشاركة لبيان من على الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء المصري على فيسبوك، حول لقاء جمع بين وزير الزراعة ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة؛ لبحث الإجراءات النهائية والآليات التنفيذية الخاصة بالتعاقد مع أكثر من 4500 طبيب بيطري بنظام الاستعانة، بهدف دعم الوحدات البيطرية في مختلف محافظات الجمهورية.

ورغم أن الخطوة كما أعلنت وزارة الزراعة تستهدف دعم المنظومة البيطرية وتحسين الخدمات المقدمة للمربين، اعتبرها قطاع واسع من الأطباء البيطريين حلًا مؤقتًا يفتقر إلى الضمانات القانونية والمهنية، ويهدد استقرار المهنة ومستقبلها، فيما هاجم كثيرون ممن تفاعلوا مع المنشور تحديد سن معين للمتقدمين لا يزيد عن 30 عامًا، وأن يكون حاصلًا على بكالوريوس الطب البيطري، وبحد أدنى تقدير عام "جيد".

ورغم التبريرات الحكومية، قوبل الإعلان بموجة رفض واسعة داخل الأوساط البيطرية، خاصة فيما يتعلق باستخدام مصطلح «الاستعانة»، وما يرتبط به من غياب للتثبيت والاستقرار الوظيفي، إلى جانب شروط السن والتقدير.

التعاقد مع 4500 بيطري بـ الاستعانة

وكان علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، قد عقد اجتماعًا مع المهندس حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، لبحث الإجراءات النهائية والآليات التنفيذية الخاصة بالتعاقد مع أكثر من 4500 طبيب بيطري بنظام الاستعانة، بهدف دعم الوحدات البيطرية في مختلف محافظات الجمهورية.

وأكد وزير الزراعة أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية بتنمية الثروة الحيوانية باعتبارها أحد ركائز الأمن الغذائي القومي، فضلًا عن تحسين جودة الخدمات البيطرية المقدمة للمربين، بما ينعكس إيجابيًا على جهود الدولة في الوقاية من الأمراض الحيوانية وتعزيز الصحة العامة.

وأوضح الوزير أن المهام المسندة للأطباء البيطريين المقرر الاستعانة بهم تشمل تقديم الدعم الفني للمربين في القرى والنجوع، والمشاركة في الحملات البيطرية على الأسواق والمجازر، إلى جانب تفعيل الخطة الشاملة لمواجهة ظاهرة كلاب الشوارع وفق المعايير العلمية المعتمدة، فضلًا عن دعم مجالات التخصص الدقيق، مثل طب ورعاية الخيول، وفق الاحتياجات الفعلية لكل قطاع.

ومن جانبه، أكد حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، أن الاتفاق على تنفيذ المسابقة يعكس نهج التنسيق المؤسسي بين الجهاز والوزارات المعنية، بما يضمن التخطيط المسبق لتدبير الاحتياجات من الموارد البشرية، وتحقيق الاستخدام الأمثل للكوادر المتاحة، مع الالتزام بالقواعد والضوابط المنظمة.

وأشار إلى أن الجهاز يحرص على مواءمة إجراءات التعاقد والتعيين مع متطلبات العمل الفعلية، وبما يحقق الاستخدام الأمثل للكوادر المتاحة، ويعزز كفاءة الجهاز الإداري للدولة، مع الالتزام الكامل بالقواعد المنظمة والضوابط المعتمدة.

واتفق الجانبان، على تنفيذ المسابقة لشغل وظائف أطباء بيطريين بنظام الاستعانة، وذلك في إطار تلبية الاحتياجات الفعلية ودعم الخدمات البيطرية بمختلف القطاعات.

وتتضمن المسابقة الإعلان عن شغل وظائف أطباء بيطريين للعمل بمختلف محافظات الجمهورية، ويشترط للتقدم ألا يزيد سن المتقدم عن 30 عامًا، وأن يكون حاصلًا على بكالوريوس الطب البيطري، وبحد أدنى تقدير عام "جيد".

ومن المقرر أن تنشر بوابة الوظائف الحكومية المسابقة على موقعها الإلكتروني خلال الأيام القليلة المقبلة، على أن يتضمن الإعلان التفاصيل الخاصة بشروط التقديم ومواعيده، وذلك في إطار التنظيم والتنسيق المعتاد بين الجهات المختصة.

شروط الإعلان تثير غضب الأطباء

وفي هذا السياق، أكد الدكتور تامر سمير، المرشح لعضوية مجلس النقابة العامة للأطباء البيطريين (فوق السن)، رفضه القاطع لشروط الإعلان، معتبرًا أنها تمثل انتقاصًا صريحًا من الحقوق القانونية والمهنية للطبيب البيطري.

وأوضح سمير أن نظام الاستعانة يحرم الطبيب من حقوقه الأصيلة، وعلى رأسها الراتب العادل، والمكافآت، والحوافز، والإجازات، فضلًا عن غياب أي ضمانات للتثبيت، ما يحول الطبيب إلى عامل مؤقت يمكن الاستغناء عنه في أي وقت دون التزام قانوني.

وأشار إلى أن تجربة أطباء المجازر بمحافظة الشرقية تمثل نموذجًا واضحًا لخطورة هذا النهج، حيث أثبت الواقع إمكانية الاستغناء عن المستعان بهم في أي وقت، وهو ما يخلق حالة من القلق وانعدام الطمأنينة الوظيفية بين آلاف الأطباء.

ويرى سمير أن الأزمة الحالية لا يمكن تحميلها لوزير الزراعة وحده، مؤكدًا أن المسؤولية تقع بالأساس على مجلس نقابة عام 2016، الذي لم يستكمل المسار الذي بدأه مجلس 2011 برئاسة الدكتور سامي طه.

وأوضح أن مجلس 2011 نجح في إجبار جهاز التنظيم والإدارة على الموافقة على تعيين 6500 طبيب بيطري على ثلاث مراحل، بدأت بتعيين 2156 طبيبًا عام 2015، مشيرًا إلى أن استمرار الضغط النقابي حينها كان كفيلًا باستكمال العدد بالكامل، وتغيير واقع المهنة جذريًا.

كما استعاد سمير مواقف مجلس 2011، مؤكدًا أنه كان مجلسًا صاحب رؤية وحس وطني، نجح في رفع الحد الأقصى لسن التعيين إلى 40 عامًا، التزامًا بنص القانون الذي يشترط اشتراك الطبيب 20 عامًا في التأمينات والمعاشات لضمان معاش كامل عند التقاعد، مضيفا أنه مع مد سن المعاش حاليًا إلى 65 عامًا، كان من الممكن رفع سن التقدم للوظائف إلى 45 عامًا حال وجود إرادة نقابية حقيقية.

ولم تقتصر إنجازات مجلس 2011 – بحسب سمير – على ملف التعيينات، بل شملت الدفاع عن الدور المهني للطبيب البيطري في مواجهة محاولات تغول من نقابات وهيئات أخرى، من بينها التصدي لمحاولات نقابة الصيادلة منع الأطباء البيطريين من التعامل مع الأدوية البيطرية، ومنع نقابة الأطباء البشريين من استصدار تشريع يحظر ممارسة الأطباء البيطريين لمهنة التحاليل الطبية.

كما أشار إلى دور المجلس في مواجهة تغول هيئة سلامة الغذاء، والتصدي لاستيراد العجول المُهرمنة، وتعديل لوائح الاستيراد حفاظًا على الصحة العامة، فضلًا عن تحسين المستوى المعيشي للأطباء البيطريين بالحصول على كادر 50%، وانتزاع منصب نائب وزير من أبناء المهنة.

دفاع عن الدور المهني للبيطرييين

في المقابل، أكدت الدكتورة رانيا عبد الرحمن، طبيبة بيطرية، أن نقابة الأطباء البيطريين بدأت بالفعل اتخاذ خطوات قانونية ومهنية لمراجعة وتعديل شروط عقود الاستعانة المعلنة.

وأوضحت أن النقابة تدرس الإعلان الصادر عن وزارة الزراعة بدقة، للتأكد من توافقه مع القوانين المنظمة وقانون النقابة، مع رصد أي شروط تمثل مخالفة قانونية أو انتقاصًا من حقوق المتقدمين، وعلى رأسها شرط التقدير وشرط السن.

واقترحت عبد الرحمن استبدال شرط «لا يقل عن جيد» باختبارات كفاءة عملية أو مقابلات فنية تعكس المستوى المهني الحقيقي للطبيب البيطري، مؤكدة ضرورة عدم التمييز على أساس السن طالما توافرت الكفاءة والخبرة.

وأضافت أن النقابة تعتزم رفع ملاحظاتها رسميًا إلى وزارة الزراعة والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، إلى جانب متابعة الملف إعلاميًا ورقابيًا، وتقديم الدعم القانوني للأطباء عند الحاجة.
رفض قاطع لنظام الاستعانة

من جانبه، شدد الدكتور محمد عفيفي سيف، الأمين العام الأسبق للنقابة العامة للأطباء البيطريين، على رفضه القاطع لنظام التعاقد المؤقت بنظام الاستعانة، مؤكدًا أن مهنة الطب البيطري هي مهنة عمل مستديم بطبيعتها، ولا يجوز إدارتها بالحلول المؤقتة.

وأوضح أن الطبيب البيطري ليس مهنة بدنية أو إدارية، ولا يصح تشغيله بمنطق سد العجز الشكلي، مشيرًا إلى أن هناك عجزًا حقيقيًا في أعداد الأطباء البيطريين بالجهاز الحكومي، وأن معالجة هذا العجز عبر الاستعانة تمثل تسهيلًا غير مقبول على الجهات الإدارية دون حل جذري.

وأكد عفيفي سيف أن استمرار العجز هو السبيل الوحيد للضغط من أجل توفير درجات مالية حقيقية، موضحًا أن الدرجات المالية هي الطريق القانوني الوحيد للتعيين، وأن التعاقد المؤقت بجميع صوره لا يترتب عليه أي تثبيت بنص القانون منذ عام 2018.

ودعا النقابة إلى إصدار بيان رسمي يرفض نظام الاستعانة، والدعوة إلى جمعية عمومية طارئة لاتخاذ موقف واضح، مطالبًا الأطباء بالامتناع عن التقدم لهذه الإعلانات حفاظًا على مستقبل المهنة.

فيما أكدت الدكتورة هبة عوض، طبيبة بيطرية، أن الجدل الدائر حول اشتراطات السن في التعيينات الحكومية لا يمكن فصله عن إشكاليات أعمق، في مقدمتها التقديرات الدراسية، التي عانت منها أجيال كاملة من الأطباء البيطريين القدامى مقارنة بالأجيال الأحدث.

ظلم للأجيال في نظم التقييم

وأوضحت أن الأجيال السابقة في كليات الطب البيطري تعرضت لظلم واضح في نظم التقييم، حيث كانت التقديرات أكثر تشددًا، على عكس ما هو معمول به حاليًا، ما أدى إلى استبعاد عدد كبير من الكفاءات المؤهلة رغم امتلاكهم الخبرة العملية والعلمية، مشيرة إلى أن من لم يتجاوز عائق التقدير اصطدم لاحقًا بعائق السن.

وأضافت أن التقديمات الحكومية السابقة كانت تقبل الأطباء البيطريين حتى سن 35 عامًا، وفي بعض الفترات الاستثنائية حتى سن 40 عامًا، خاصة بعد قرار رفع سن المعاش إلى 65 عامًا، إلا أن السياسات الحالية تبدو أكثر تقييدًا، وهو ما يثير تساؤلات حول معايير الاختيار.

ورجّحت الدكتورة هبة عوض أن يكون أحد أسباب التشدد في شرط السن مرتبطًا بطبيعة المهام المستهدفة حاليًا، وعلى رأسها التعامل مع ملف الكلاب الضالة وبرامج التحصين، التي تتطلب مجهودًا بدنيًا كبيرًا وقدرة على العمل الميداني الشاق، مشبهة ذلك بما تطبقه بعض شركات الأدوية التي تضع حدودًا عمرية لوظائف المندوبين الطبيين نظرًا لطبيعة العمل الميداني.

وشددت في ختام حديثها على أهمية إعادة النظر في معايير التعيين بشكل عادل ومتوازن، يراعي الكفاءة والخبرة إلى جانب القدرة البدنية، دون إقصاء أجيال كاملة ساهمت ولا تزال قادرة على خدمة منظومة الطب البيطري والصحة العامة.