انتهى الكاتب والناقد الأدبي مصطفى عبدالله، رئيس تحرير جريدة "أخبار الأدب" الأسبق، من كتابه الأحدث الذي يحمل عنوان: "متون مضيئة"، وهو قيد الطبع هذا الأسبوع بدار غراب للنشر بالقاهرة ليتاح للقراء من زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب 2026.
"متون مضيئة" الذي يحمل عنوانًا شارحًا هو: "في صحبة الكتاب" رَسَمَ خطوط غلافه الفنان التونسي الخطاط الشهير عُمَر الجِمني ليصاحب البورتريه الذي أبدعته ريشة الفنان التشكيلي المصري الكبير الراحل محمد الطراوي، الذي وصفه الفنان القدير فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، بأنه من أفضل رسامي البورتريه بالأكوار يل في مصر.
ويذكر مؤلف الكتاب مصطفى عبدالله، في أول إشارة له لهذا العمل: إن
"متون مضيئة "، كتاب عن كتب، وفي الكتب، ومن خلاله أسعى إلى فتح مجال القراءة الرحب، أمام جيلٍ من الشباب لم يُجَرِّب هذه المتعة على حقيقتها، فغرق حتى الثمالة في كؤوس العوالم الافتراضية، وأصبح حُكمَه على الأمور يتشكَّل من مجرد النظر إلى عنوان خبر، أو لمح صورة جامدة توهمه بأنها لحدث جلل.
جيل، أسهل شيء عنده الضغط على أيقونة "مشاركة" على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف "عبدالله": إنني أرى أن هؤلاء الشباب يحتاجون لمَن يستعيدهم إلى حضن الكتاب الدافئ؛ ليس بالوعظ والإرشاد، ولا ببذل النصح الفوقي المتعالي الذي هو على وشك السقوط في فجوة التباين بين الأجيال، وإنما بتوجيه خطاب يمكن أن يثق فيه هؤلاء الشباب ليصيب هدفه. وهو الخطاب المتمثل في التكثيف، وتقديم الخلاصة؛ ليُقرر من استهدفه - بعد ذلك - إذا كان سيتجه للمنبع من أجل مزيد من الإروَاء، أم سيكتفي بالقدر الذي قُدِّم له؟
ويضيف مؤلف "متون مضيئة" إنه مما لا شك فيه أن مِثل هذه الفكرة تكتسب الآن بُعدًا شديد الأهمية، يرتبط بالعصر الذي نحياه، وبطبيعة الشباب أنفسهم، وبكيفية تفكيرهم وتعاملهم مع الكتب، حيث تُشكِّل مادة مشروعي، هذا، جسرًا لهؤلاء الشباب الذين هجروا قراءة الكتب، وانشغلوا بالإنترنت، وعوالمه الفاتنة؛ ولذلك فإن هذا المشروع الذي تفرغت سنوات لإنجازه، يسعى إلى استدراجهم للعودة إلى حضرة الكتاب، حيث متعة القراءة الجادة الواعية.
وذلك عبر انتقائي نحو ألف كتاب، أبدأ في مجلدي الأول من مصنفي هذا بمائة كتاب أقدمها لهم، في نحو 600 صفحة من القطع الكبير، وفق منهجي في الكتابة الذي اكتسبته من عملي قرابة نصف القرن في مجال الصحافة الثقافية العربية، فضلًا عن دراستي الأدب والنقد بأكاديمية الفنون التي تخرجت فيها عام 1976 لألتحق بالعمل بدار "أخبار اليوم".
وقد حرصت على أن يكون تقديمي لهذه المتون المضيئة بشكل موجز، في لغة عصرية تضيء مضمون كل كتاب، مع تركيز على مواطن قد لا ينتبه إليها القارئ العابر، أو غير المتخصص.
وهي كتب في مجالات شتى، أرشحها للشباب ليقرأوا منها ما تيسر لهم، آملًا أن أسهم بذلك في أن تعود للقراءة بهجتها، والكتاب مكانته التي تليق به.
ويضيف "مصطفى عبدالله": لقد سعيت إلى بسط فكرتي وقدمت نماذج لعدد متميز من التجارب التي كتبها أصحابها من أهم الأدباء والشعراء والنقاد، بل والفنانين التشكيليين، والممثلين الكبار، والساسة والقادة العسكريين المرموقين في عرض سيرهم، أو السير الغيرية التي كتبت عنهم، أو الحوارات المطولة التي كانوا طرفًا فيها.
كما اهتممت بعرض كتب الرحلة بعيون عربية، أو بعيون أجنبية زارت بلادنا وكتبت عنها.
وتناولت كتبًا في النقد النظري، والتطبيقي، وفي الدراسات الأدبية، واللغوية؛ المُؤَلَف منها والمُحَقق تحقيقًا مشهودًا به.
هذا إلى جانب تقديم الأعمال الإبداعية، والكتب التي تتصل بفكرة عصرنة الخطاب الديني، ونشر التنوير الحقيقي.
وعن إهداء هذه المتون المضيئة، ولمن وجهه، قال "مصطفى عبدالله": رأيت أن أهدي هذا المجلد الأول إلى اثنين ممن رحلوا عنا في غضون العام الأخير، ممن كانت لهما أيادٍ بيضاء على الكِتاب والكُتَّابِ: "إلى روح الوجيهين: عبدالعزيز، وعبدالكريم سعود البابطين اللذين أوقفا كثيرًا مما أفاء الله عليهما من مال ليظل الكتاب العربي حضوره وألقه في العالم، وللمبدع تقديره برصد الجوائز السخية، واقتناء المخطوطات النفيسة، ونشر الكتب القيمة وإتاحتها مجالنًا للقراء، وتشييد المكتبات المتخصصة العامرة خدمة للعقول وارتقاءً بالوجدان، وفي مقدمتها أول مكتبة للشعر العربي في الكويت.
وإلى مَنْ يسير على نهجهما ويحفظ عهدهما من الأبناء البررة والأشقاء الكرام.