الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السيدة هاجر.. عاشت محنتين مع نبي الله إبراهيم.. أم العرب وأول من سكن مكة

صدى البلد

السيدة هاجر زوجة نبي الله إبراهيم، وأم نبي الله إسماعيل - عليهما السلام -، جاء ذكرها باسمها في الأحاديث النبوية، وأشير إليها دون تسمية في القرآن الكريم، وهي امرأة مكرمة في الإسلام، وعرفت في التاريخ الإسلامي بأم العرب.
ولدت السيدة هاجر في مصر، واختلف المؤرخون في وضعها الاجتماعي، فمنهم من قال إنها نشأت في أسرة مصرية فقيرة، وكانت تمتاز بالجمال والأدب والذكاء، مما جعل أهل القصر الملكي يعجبون بها، فأرسلوا إليها، وجعلوها من جواري القصر الملكي وخدمه, فسعدت هي وأهلها بهذا الأمر.
وذكر ابن كثير أنها كانت أميرة من العماليق وقيل من الكنعانيين الذين حكموا مصر قبل الفراعنة، وأنها بنت زعيمهم الذي قتله الفراعنة، ومن ثم تبناها فرعون، وعندما أراد فرعون سوءا بسارة دعت الله فشلت يداه، فقال فرعون ادعي ربك أن يشفي يداي وعاهدها أن لا يمسها، ففعلت فشفى الله يديه، فأهدى إليها الأميرة القبطية المصرية التي اسمها هاجر إكراما لها وليس خادمة.
فضلت سارة أن يتزوج إبراهيم هاجر، لأنها كانت تعلم أن إبراهيم كان يريد أن يكون له ذرية، فتزوجها، وهكذا حقق الله دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام وحملت هاجر "فبشرناه بغلام حليم"، هو إسماعيل عليه السلام، وقد ولدت هاجر إسماعيل عليه السلام عندما كان سيدنا إبراهيم عليه السلام في السادسة والثمانين من العمر.
تعرضت السيدة هاجر في حياتها مع نبي الله إبراهيم لمحنتين شديدتين، الأولي عندما تركها إبراهيم -عليه السلام- مع ابنها الرضيع في صحراء جرادء لا حياة فيها ولا ماء، فصبرت علي ذلك, واستعانت بربها، ففجّر لها بئر زمزم, وجاءت إليها وفود الناس، فعاشت في أمن وسلام بجانب بيت الله الحرام، والثانية عندما رأي إبراهيم أنه يذبح ولدها إسماعيل فلم تعترض, وقبلت قضاء الله بنفس راضية مطمئنة، ففدي الله ولدها بذبح عظيم.
وفي المحنة الأولى خرج إبراهيم بإسماعيل وأمه هاجر، وهو لا يدري إلى أين يأخذهما، فكان كل ما مرّ بمكانٍ أعجبه فيه شجر ونخل وزرع قال: إلى ههنا يا ربّ؟ فيجيبه جبرايل عليه السلام: إمضِ يا إبراهيم، وظلَّ هو وهاجر سائرين، ومعهما ولدهما إسماعيل حتى وصلوا إلى مكة، حيث لا زرع هناك ولا ماء الا حرِّ الشمس، وأراد إبراهيم -عليه السلام- أن يترك هاجر وولدها إسماعيل، في ذلك المكان القاحل المقفر، حيث لا دار ولا طعام فيه ولا شراب، إلا كيس من التمر وقربة صغيرة فيها قليل من الماء كانوا قد حملوهما معهم عند بدء رحلتهم. فخافت هاجر على نفسها الجوع والعطش، وعلى ولدها الهلاك، فتعلقت بإبراهيم عليه السلام تريد ألا تتركه يذهب، وراحت تسأله: إلى أين تذهب يا إبراهيم وتتركني وطفلي في هذا المكان القفر، ألا تخاف أن نهلك جوعا وعطشا؟ لم يجد خليل الله جوابا وإن رق قلبه وتحير في أمره.
ألحت هاجر في السؤال لمعرفة السبب، وظل إبراهيم منصرفا عنها يناجي ربه. فطنت إلى الأمر فجاءت بما أنقذه من حيرته.. حين قالت له:- أالله أمرك بذلك؟ قال : نعم قالت: إذا لن يضيعنا، وبذلك تكون السيدة هاجر هي أول من سكن مكة وولدها الرضيع امتثالا لأمر الله ولحكمة أرادها سبحانه وتعالى.
وعندما نفد التمر والماء من بين يدي هاجر، واشتدت حرارة القيظ فعطشت هي وابنها. وراح إسماعيل في بكاء شديد، فلم تعد هاجر تطيق رؤية طفلها يتلوى من الجوع والعطش، فقامت تسعى بحثا عن الماء في الوادي بين جبلين هما "موضع السعي الأن أيام الحج"، انطلقت هاجر تبحث عن الماء في كل اتجاه، وكان الصفا أقرب جبل إليها، فصعدت عليه وراحت تنظر يمنه ويسرة وفي كل ناحية فلاح لها على المروه سراب ظنته ماءً، نزلت عن الصفا وراحت تسعى مهرولة في الوادي باتجاه المروه، وفي ظنها أنها ستجد الماء. ولكن كانت خيبتها حينما لم تجده شيئاً، فوقفت منهكة تنظر وتتفحص فلاح لها سراب في الجهة الأخرى على الصفا وكأنه الماء فعادت مهرولة إلى الصفا ولكنها لم تجد هنالك شيئا.
وهكذا في كل مرة، حتى فعلت ذلك سبع مرات، فلما كانت في المرة السابعة، وقد اشتد بها العطش، وأخذ منها التعب، وأنهكها المسير، دون أن تعثر على الماء، نظرت إلى طفلها فإذا الماء ينبع من تحت قدميه، فأتته مسرعة وراحت تجمع حوله الرمل وهي تقول: زم زم. ثم أخذت تشرب من الماء حتى ارتوت وانحنت على إسماعيل لتسقيه.
وكانت هاجر هي أول من ثقبت أذنها ولبست القرط ، حيث يروى أنه شق على سارة أن أنجبت هاجر من إبراهيم وهي العجوز التي بلغ منها اليأس مبلغه، فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أطراف. خاف إبراهيم أن تمثل بها فقال لسارة:ألا أدلك على ما تبرين به يمينك؟ تخصفينها وتثقبين أذنيها فكانت هاجر أول من خصفت وثقبت أذنيها فجعلت فيها قرطين.. فقالت سارة: ما أرى هذا زادها إلا حسناً وجمالا.