المفتي لـ"رئيس المجلس الأوروبي": لا استقرار للمنطقة بدون مصر.. وأفعال "داعش" لا يقرها شرع أو دين

اختتم الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، زيارته الرسمية لبروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، التي شارك خلالها في عدة فعاليات مهمة استهدفت تصحيح صورة الإسلام التي تتعرض إلى تشويه متعمد في الفترة الأخيرة في إطار مهمة قومية بالاستخدام الأمثل للقوة الناعمة لمصر.
وأوضح بيان لدار الإفتاء اليوم، أن مفتي الجمهورية أكد خلال لقائه مع رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي هرمان فان رومباي أن مصر دولة محورية وأن استقرار المنطقة منوط باستقرار مصر، مشددا على أن مصر تفتح ذراعيها للتعاون البناء بما يحقق المصلحة المشتركة.
وقال مفتي الجمهورية إن "تعامل جماعات الإسلام السياسي مع الدين على أنه أيديولوجية سياسية وتصدر غير المؤهلين للحديث عن الشريعة تجعلنا أمام تحد متزايد لنقل صورة الإسلام الصحيحة أمام العالم"، مبديا استعداد دار الإفتاء للتعاون في توضيح صورة الإسلام وأن تكون الدار بيت خبرة للاتحاد الأوربي فيما يخص الفتوى وقضاياها.
وأضاف أن "المؤسسة الدينية، وعلى رأسها الأزهر الشريف في مصر، ترفض كل أشكال العنف والإرهاب باسم الدين"، مشددا على أن "ما يحدث من قبل التنظيم الإرهابي الذي يطلق على نفسه مسمى الدولة الإسلامية لا يقره شرع أو دين".
وشدد المفتي على "إننا في مصر نعالج قضايا التطرف الديني من منطلق رسالتنا الأساسية بأن الهدف الأسمى لكل الأديان هو تحقيق السلم العالمي"، مستعرضا ما تقوم به دار الإفتاء من جهود حثيثة لتفكيك الأفكار المتطرفة والرد عليها بشكل علمي لتحصين الشباب من الوقوع في براثن هذا الفكر المنحرف.
كما أطلق مفتي الجمهورية رسالة مهمة خلال اللقاء وجهها إلى الجاليات المسلمة في دول الاتحاد الأوربي بالاندماج الإيجابي في مجتمعاتهم الأوروبية ونبذ التطرف وعدم الوقوع فريسة للأفكار المتطرفة.
وأهدى مفتي الجمهورية لرئيس المجلس الأوربي نسخة من إصدارات الدار باللغتين الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى ترجمة للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية.
كما أوضح بيان لدار الإفتاء أن لجنة العلاقات الخارجية للبرلمان الأوروبي عقدت جلسة خاصة على شرف مفتي الجمهورية استمرت قرابة ساعة والنصف الساعة، واستعرض مفتي الجمهورية في كلمته دور مصر المحوري في المنطقة وإسهامات الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية في تصحيح صورة الإسلام ونبذ العنف والتطرف.
وأكد المفتى في إجاباته على نواب البرلمان الأوروبي أن "مصر تقدر اهتمام العالم بالحراك الدائر فيها من الناحيتين السياسية والدينية"، كما أكد أهمية إدراك الواقع المصري بكل مشتملاته وسياقاته الصحيحة وعدم أخذ المعلومات من بعض وسائل الإعلام المغرضة.
وقال مفتي الجمهورية إن "من المبادئ الأساسية للنظم الديمقراطية الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وألا تتدخل سلطة في عمل أخرى، وهو ما نحرص عليه في مصر".
وشدد الدكتور شوقي علام على ضرورة تكاتف جهود المسلمين عامة والعلماء والدعاة خاصة لاستعادة الصورة الحقيقية للدين الإسلامي من قوى الظلام والإرهاب والتطرف، محذرا من أن الخطر الحقيقي يتمثل في انتشار أفكار هذه التنظيمات المنحرفة عن تعاليم الإسلام ومبادئه وسط بعض الشباب المسلم الذي يعيش في الغرب، الأمر الذي لاقى اهتماما من قِبَلِ أعضاء البرلمان الأوروبي في انضمام مقاتلين أوروبيين في صفوف منشقي القاعدة.
وقال المفتي إن "الانتصار في حربنا الفكرية ضد التشدد هو انتصار للقيم الإنسانية بشكل عام وتحقيق للاستقرار العالمي".
وفي لقاء حضره قادة الفكر وصناع القرار السياسي في الاتحاد الأوروبي، قال مفتي الجمهورية: "إننا نشهد ظاهرة في جميع الأديان بما فيه الدين الإسلامي وهى تصدي غير المتخصصين ممن ليس لهم نصيب وافر من التعليم الديني الصحيح وتنصيب أنفسهم مرجعيات دينية بالرغم من أنهم يفتقرون إلى المقومات التي تؤهلهم للحديث في الشريعة والأخلاق، وقد أدى هذا التوجه إلى فتح الباب على مصراعيه أمام التفسيرات المتطرفة للإسلام والتي لا أصل لها"، مشيرا إلى أن "هؤلاء المتطرفين هم نتاج بيئات مفعمة بالمشكلات، واعتمدوا على تفسيرات مشوهة ومنحرفة".
وأكد المفتي أن "غايتهم هى تحقيق مآرب سياسية محضة لا أصل لها من ناحية الدين؛ وأن همهم إشاعة الفوضى"؛ مضيفا أن "دورنا كعلماء الأزهر هو كشف زيف هؤلاء المدعين وتفكيك الآراء الشاذة والمتطرفة والرد عليها بشكل علمي منهجي".
وانتقد مفتي الجمهورية أن "بعض المحللين من خارج العالم الإسلامي نظر إلى أعمال فئة قليلة لكنها عالية الصوت واعتبروهم ممثلين لمعتقدات أغلبية المسلمين، زاعمين أن الإسلام دين أساسه العنف، وللأسف ساهمت بعض وسائل الإعلام في تأكيد هذا الرأي من خلال تناولها للأحداث التي تقع في المنطقة".
وأكد المفتي، في تصريحات مختلفة لوسائل الإعلام الغربية، أن "العالم كله ليس بمنأى عن خطر التطرف والإرهاب"، مشددا على أن "مصر حذرت من هذا الوباء مرارا وتكرارا ولم تجد دعوتها آنذاك آذانا صاغية".
ودعا مفتي الجمهورية، وسائل الإعلام الغربية إلى عدم استخدام مصطلح الدولة الإسلامية عند الحديث عن جماعة إرهابية تقتل وتذبح باسم الدين، مشددا على أن "وسائل الإعلام الغربية عليها مسئولية كبيرة في تهميش الخطاب المتطرف وإعطاء مساحة أكبر لعلماء الأزهر الشريف".