انتخابات حُرة.. بدون حكومة
أي حكومة تُدير مصر حاليًا مع إجراء أول انتخابات حقيقية في تاريخها؟ الإجابة القاطعة هى أن مصر بلا حكومة فعلية، أو أنها حائرة بين حكومتين إحداهما رحلت والأخرى لم تأتِ بعد.
الحكومة الأولى هى حكومة تصريف الأعمال المُستقيلة برئاسة الدكتور عصام شرف، التى لم تُعد لها صلاحيات بعد أن قبلت استقالتها حتى وإن تم تكليفها بتصريف الأعمال، حيث تركت هذه الحكومة مجلس الوزراء نهائيًا واختار رئيسها - الدكتور عصام شرف - من هيئة الاستثمار بمدينة نصر مقرًا له يستقبل فيه بعض الوزراء المُستقيلين لمتابعة سير العمل بينما انحسرت عنه الأضواء واتجهت لمقر رئيس الوزراء الجديد.
على مسافة ليست بعيدة من "شرف" يجلس "الجنزورى" بمقره المفضل بمعهد التخطيط القومى ليجرى مشاوراته لتشكيل حكومة الإنقاذ الوطنى مُحاطًا برفض شديد من التحرير وحيرة شديدة فى اختيار وزرائه بما لا يفتح عليه نار الغضب من مختلف القوى السياسية ومن شباب التحرير .
حكومة "شرف" اكتفت فى اليوم الأول للانتخابات بإصدار بيان تؤكد فيه أن لجنة الأزمة الوزارية عقدت اجتماعًا لمتابعة الانتخابات دون أن تُحدد على وجه التحديد من حضر الاجتماع من الوزراء خاصة أن وزير الداخلية الذى كان قد استقال قبل أيام من استقالة الحكومة رسميًا لم يحضر اجتماعًا لـ"شرف" ولم يقابله منذ أكثر من أسبوع حيث أعلن أنه فى بيته منذ تقديم استقالته.
وفى بيان لجنة الأزمة لحكومة "شرف" أكدت اللجنة أنها تُتابع سير الانتخابات وتبحث الشكاوى الواردة لها ولرئيس الوزراء مع اللجنة العليا للانتخابات .
إلى هنا انتهى البيان الذى يبدو أنه صدر لمجرد إثبات الوجود عن حكومة رحلت ونسيها الناس بالفعل مُوجهين كل الاهتمام لـ"الجنزورى" وأزمته ووزارته المُنتظرة التى تُواجه رفضًا شديدًا قبل أن ترى النور .
أما "الجنزورى" فقد قضى اليوم الأول للانتخابات بأكمله فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة وسط تكهنات بأنه يعرض أسماء حكومته على أعضاء المجلس، وإن كان هو نفسه قد نفى ذلك عند الإدلاء بصوته، مؤكدًا أن اجتماعه فى المجلس الأعلى كان بهدف بحث تشكيل المجلس الاستشارى المدنى والتنسيق بينه وبين الحكومة.
وما بين هيئة الاستثمار -التى أصبحت مقرًا لحكومة شرف المُستقيلة، ومعهد التخطيط القومى "حيث مقر الجنزورى المُكلف"- ظل مجلس الوزراء، للأسبوع الثانى على التوالى، خاليًا فى انتظار سُكّان جُدد، تُحاصره المظاهرات الرافضة لحكومة الجنزورى والتى منعت "شرف" من دخول المجلس، وتؤكد أنها ستمنع دخول "الجنزورى".
ووسط هذه الفوضى الحكومية وعدم وجود حكومة مسئولة تُجرى أول انتخابات نزيهة تتم فى تاريخ مصر.
لم يشعر المصريون إذن -وهم يخرجون بالملايين للتصويت فى أول انتخابات حقيقية فى تاريخهم الحديث- بغياب الحكومة، لأنهم ربما لم يشعروا قط بأهمية الحكومة أو دورها إلا فى تزوير الانتخابات أو وضع العراقيل أمامها أو حرمانهم مِنْ اختيار مَنْ يُمثلهم أو إشاعة الفوضى والعنف والبلطجة فى الانتخابات.
نتمناها أن تكتمل بنجاح كأول انتخابات حُرة فى مصر دون تزوير.. ودون حكومة أيضًا.