الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مرحلة المراهقة ونظرة الأسرة للمراهق


كثيرًا من الأسر تنظر الى مرحلة مرور أبنائهم بمرحلة المراهقة، وكأنها مرحلة مرضية أو مرحلة شقاء وتعاسه للأسرة بأكملها، ويبدأون فى الصراع المرير مع المراهق، من حيث فرض السيطرة عليه، وإجباره على الانصياع للقواعد والأعراف الأسرية، ورغبة شديدة من الأسرة أن يستمر الأبناء فى تلك المرحلة كما كانوا فى السابق، مطعين ينفذون الأوامر ويلتذمون بما يقال من الأباء والأمهات ومن هنا يبدأ الصراع المعلوم لكثير من الأسر.

وكما نعلم أن فترة ما قبل المراهقة هى درجة من الانتقال التدريجى من مرحلة الكمون حيث يكون الأبناء شاغلهم الشاغل اللعب مع الأصدقاء والتعرف على البيئة المحيطة بهم، ثم الانتقال الى مرحلة المراهقة، فالمراهقة هى انتقال تدريجى من الطفولة الى الرشد.

وعلى الأباء والأمهات أن يعلموا أن واحدة من المهام الكبرى التى يجب أن ينجزها الشباب خلال مرحلة المراهقة هى الاستقلال من الروابط الطفلية الأبوية، والتحرر من الصراعات الطفولية التى تجعل الوالدين كأكثر المواضيع استهدافًا للمشاعر الجنسية أو العدائية، ويشير الباحثون والخبراء الى أن المراهقة هى مرحلة ثانية من الانفصال وتكوين الفردية المستقلة، وأن محاولة الوصول الى هذا الهدف تؤثر على مشاعر وسلوك المراهق بطرق عديدة.

ونجد أن المراهق فى هذه الفترة يرغب فى الاستقلال ورفض السلطة الوالدية، ونجده ايضًا متمرد بحدة فى بعض المواقف، وبنفس الوقت يخضع بشكل أخرق لعرف أقرانه من حيث الملابس والموسيقى والسلوك وغيرها مما يطلق عليه نوع من الروشنة أو الخروج عن كل ما هو مألوف، فالمراهقين يبدون فى لحظة ما ماديين أنانيين لا يهتمون إلا بأنفسهم ثم يتحولون فجأة فى لحظة أخرى الى الغيرية واضعين أنفسهم فى خدمة بعض الأهداف الاجتماعيه أو فكرة سياسية أو غيرها من الأعمال الجماعية.
 
وبالنظر الى تركيبة المراهق فى تلك المرحلة نجد أنه من الممكن أن يكون حادًا ولا مباليًا وعديم الذوق أو اللباقة الى درجة الخروج على حدود الأدب وفق مفهومنا الاجتماعى وعلى النقيض فى بعض الأحيان نجده حساسًا الى درجة الإفراط فى الأدب فى مواقف أخرى، ويستطيع مزاجه أن يتغير بدقائق فالثبات مفقود تمامًا وهذه التحولات السريعة والتناقضات تبدو صعبة الفهم ليس من قبل الوالدين بل وحتى من قبل الكثير من الاختصاصيين.

وعلينا جميعا وعلى الوالدين خاصة أن يعلموا أن بشكل عام وبطرق كثيرة أن هذه التناقضات أمر محتوم ولا مفر منه لأنها تمثل تفكك التنظيم النفسي، هذا التفكك ضرورى لإعادة التكامل على مستوى جديد، فالطفولة التى بداخله لم تعد ملائمة لطبيعته الحالية ويجب أن تتغير، وسواء تحطمت ببطء أم تدهورت بشكل درامى يحمل فى طياته الكثير من الأحداث والصراعات المتلاحقة، فالتغير أت أت، مع العلم أن الكثير من الهياج يبقى داخليًا فقط عند بعض المراهقين، وعند آخرين يتفكك ويتشتت سلوكهم العلنى ووظائفهم، ولكن يرى بعض العلماء وأهل التخصص أن بعض الطيش ضرورى للنمو، فالرغبة بالنمو والاستقالية أكثر يمكن أن تتحقق بمثل هذه التناقضات، فالحقيقة والمغذى يتضمن أن المراهق يتمنى أن يشعر بأنه كبير، ولكنه فى كثير من الأمور لا يزال يشعر بأنه طفل، وهذا ما يقوم به الوالدين طوال الوقت فينشأ الصراع بين الإقدام من جانب المراهق للخروج من عباءة الطفولة والإحجام من جانب الوالدين بأنك ما ظلت طفل لا يعتمد عليه فى شيء وصغير لا تقدر على مواجهة موقف او حدث بمفردك، فالمتطلبات هى أن يعطى حريات جديدة ويعامل كالراشد، لكن فى نفس الوقت لا تزال هناك رغبات قوية كى يعتنى به كطفل.

ومازال هناك عبء كبير على مؤسسات التنشئة الاجتماعيه فى القيام بدورها لنشر ثقافة التعامل مع المراهقين من قبل الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام فى توفير الدور المجتمعى لاستغلال الطاقات وتوجيهها الوجهة المناسبة، هناك حلقة وصل مفقودة بين عالم الكبار وعالم الشباب ويوم عن يوم تزداد تلك الفجوة، مما ينتج عنها مزيد من الأمراض والمشكلات المجتمعية التى نواجهها حاليًا، وللحديث بقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط