عقول مصر يشاركون في تأبين "منصور"

نظم المجلس الأعلى للثقافة حفل تأبين للكاتب الموسوعي الكبير الراحل أنيس منصور وذلك بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة.
أدار الاحتفالية الكاتب الدكتور عاطف العراقي، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، وألقت كلمة الأسرة الكاتبة منى رجب، وحضرها د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، فاطمة المعدول، فايز فرح، فتحي الأبياري، ولفيف من المفكرين والأدباء.
بدأت الاحتفالية بالقاء كلمة للدكتور عاطف العراقي الذي عبر عن مدى سعادته وشكره للمجلس الأعلى للثقافة لتنظيمه هذه الاحتفالية، وقال إن أنيس منصور من أبناء المنصورة، فهو يمثل المثقف الحقيقي لأنه لم يقتصر على تخصصه الحقيقي وهو فلسفة آداب القاهرة، وليس من أشباه المثقفين فهو كالماسة التي تزداد قيمة مع تقدم السنين.
وأضاف أن أنيس كتب في كل المجالات الثقافية بالأخبار والأهرام وغيرهما من الجرائد والمجلات، فهو دمث الخلق، يحترم أساتذته وعلى رأسهم الدكتور عبد الرحمن بدوي، والجميع.
واستطرد أنه جلس مع أنيس طويلا حينما حضر لاستلام جائزة الدولة التقديرية في نفس الحفل الذي تسلم فيه العراقي جائزة الدولة التشجيعية في الهرم من الدكتور فؤاد محيي الدين، رئيس الوزراء السابق، عام 1980، ثم استمرت العلاقات بينهم، خاصة حينما تم تعيينه مقررا للجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة، ثم كلفه أنيس بالاشراف على المجلة التي تصدر سنويا بعنوان "الفلسفة والعصر".
مشيرا إلى أن ما بقي من أنيس هو الود والاحترام لكل الناس وعشرات الكتب في كل المجالات التي تركها وستبقى رغم الاتفاق أو الاختلاف زخرا للمصريين ولأبناء الأمة العربية من مشرقها الى مغربها.
وقالت الكاتبة مني رجب، ابنة زوجه أنيس منصور، إنه كان ابا لها، ولم يكن أستاذا فقط، فقد كان فيلسوفا بمعنى الكلمة مزج العطاء بالفلسفة اهتم بأسرته وكان محبا لزوجته ولم يوجه لها أي كلمه سيئة وكان يفلسف الأزمات مثل المرض، كان يحترم المرأة ويقدرها بالرغم من أنه كان ينتقدها كثيرا، خاصة في عمود يوم الجمعة بجريدة الأهرام، وكان يشجع والدتها، وهى رئيسة جمعية هدى شعراوي والتي أنشئت سنة 1923، على العمل.
وأضافت أن أنيس ترك ثروة كبيرة من الكتب والمقالات وعشق المعرفة، وفي الشهور الأخيرة وقبل رحيله أصيب بكسر في العمود الفقري وبالرغم من ذلك كان يصحو مبكرا ليكتب برغم تحذيرات الأطباء له بعدم ارهاق نفسه، حتي أنه كان يكتب عمود "مواقف" بخط واهن جدا، كان محبا لبلده ومؤمن بالشباب، كانت لديه علاقات متعددة مع مختلف الشخصيات، مما منحه الفرصة للتعرف على الكثير من الأسرار، مشيرة الى أنه سيصدر قريبا كتابًا عن فترة حكم السادات كان قد كتبه قبل موته.
وتحدث الكاتب فتحي الابياري عن المجهود الذي بذله أنيس في نشر مجلة أكتوبر رغم انتشار مجلات أخرى مثل "المصور" و"آخر ساعة"، الا أنه غامر حتى ينجح في هذه التجربة الصحفية، وكان الأدباء يتعجبون من غزارة انتاج الراحل.
وأشارت فاطمة المعدول إلى أن أنيس منصور كان الأكثر شعبية بين الأطفال والكبار نظرا لسهولة أسلوبه وقدرته على تقديم أعمق الأفكار وأعقدها باسلوب جاذب بسيط.
ووصف الدكتور أحمد عمر هاشم "أنيس" بأنه كاتب موسوعي، كان يكتب في الدين والسياسة والاجتماع والفلسفة حتى في الطب، مشيرا الى أن سر نبوغ الكاتب هو توجيه أسرته له لحفظ كتاب الله الذي قوم لسانه ووسع معرفته، فقد ترجم كتاب العظماء المائة وأعظمهم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وحج الكاتب بيت الله الحرام وكان يسأل عن أشياء في دقائق الدين.
واشار عمر هاشم الي أن الكاتب لا يعرفه جيدا الا من عاشره وعرفه وسافر معه، وطالب بأن تلتفت وزارة التربية والتعليم الى مؤلفات الكاتب وتقرر بعضها في مراحل التعليم حتى يكون هناك تواصل بين الأجيال وهذا رصيد له عند ربه، وأضاف أن الكاتب كان ينطوي على قلب نقي ونفس سخية وضمير حي وكان عف اللسان والقلم واذا أراد أن ينقد لا يجرح، واختتم كلمته بالدعاء له بأن يدخله الله فسيح جناته.
بينما وصف الاذاعي فايز فرح، أنيس منصور بأنه كان حكاء خفيف الظل فلسفي، وكتابته كانت من السهل الممتنع، فكان يمتعك عندما تسمعه ويمتعك عندما تقرأ له.
وقال الدكتور أحمد فتحي إنه كاتب تلغرافي عبقري تأثر بكمال الملاخ في الكتابة الا أنه خفيف الظل.
ثم تحدثت الدكتورة زينب الخضيري وقالت إن أنيس كان مفكرا وفيلسوفا للبسطاء، ونجح في أن يبسط الفلسفة ثقيلة الظل واستطاع أن يجذب عددًا هائلاً من القراء اليه.