الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خليها تعنس


من الجائز والمقبول أن نوافق على دعوة لمقاطعة شراء إحدى السلع كالسيارات أو اللحوم، بسبب الزيادة غير المبررة فى الأسعار وفقا لتكلفة الإنتاج، واستغلال وجشع التجار.

أما الدعوة لحملة "خليها تعنس" فهي نوع من السخف والإساءة التى لا يمكن لأحد أن يقبلها بحال، المرأة ليست سلعة للشراء والبيع كي نقاطعها حتى تعرض بسعر أقل، وبالمناسبة العنوسة وارتفاع سن الزواج أمر لا يخص المرأة وحدها، بل هو حال قد يحدث للمرأة أو الرجل على السواء، وإلصاق لفظ عنوسة بالمرأة يعتبر إهانة غير مقبولة.

"خليها تعنس" جملة قبيحة، لم تأت بها حتى أكثر المجتمعات ذكورية، جملة تعكس استخفافا بكيان المرأة كإنسانة، المرأة التى تدعى يا هذا لمقاطعتها هي أمك، أختك، وقريبتك، وجارتك، وزميلتك فى الدراسة والعمل، كيف تتعامل باحترام ورقى مع كل هؤلاء" إن كنت حقا تفعل" ثم تطلق شعارا من أحقر الشعارات التى تصدرت مواقع التواصل الاجتماعى ربما منذ ظهورها.

 
المرأة يا هذا إن كنت لا تعلم هي الشريكة في الأسرة والعمل وبناء الوطن، والعادات والتقاليد المرتبطة بالأسرة والزواج هي علاقات إنسانية وهي في تغير وتطور دائم بحسب المستوى الاجتماعى والثقافى والمادى لكل أسرة، وكل فتاة هى وأسرتها لهم الحرية فى قبولك أو رفضك، لهم الحرية فى تحديد الشبكة والمهر ومستوى المعيشة اللائق بابنتهم، والذى لا يجبرك عليه أحد، وافق، أو ارفض، لا أحد يرغمك على قبول ما تعتقده فوق طاقتك، وابحث عن الأسرة التى بينك وبينها توافق مادى واجتماعى، ثم إن المشكلة اقتصادية فى المقام الأول نتج عنها ارتفاع تكاليف حتى الحد الأدنى من متطلبات الزواج، فكيف لا تمتلك هذه التكاليف ثم تذهب لخطبة فتاة وتنتظر من أسرتها أن تقدم لك ابنتهم لتلقى معك مصيرا مجهولا وحياة أبسط ما يقال عنها إنها صعبة، الأكرم لها أن تظل فى بيت أسرتها تحيا حياة كريمة تدرس وتعمل وتحقق ذاتها حتى يأتى الشخص الذى يحترمها ويقدرها ويستطيع أن يكون زوجا وأبا، وبالمناسبة كم من زيجات فشلت بسبب تنازل الفتاة وأسرتها عن كثير من الحقوق، بدعوى بنشترى راجل، أو أنه شاب فى مقتبل حياته ولابد من التيسير فى الشروط، وكانت النتيجة أن الشاب لم يشعر بالتزام تجاه شريكته، واعتاد على ذلك، بل وصل الحال بالبعض لاعتبار أن مساعدة أهل زوجته له بعد الزواج فرض، وانتهت معظم هذه الزيجات للطلاق وما يتبعه من مشكلات تقع أكثرها على أطفال لا ذنب لهم، سوى أنهم لآباء لم يتحملول مسئولية الزواج من البداية.

بالطبع أنا لست مع المغالاة الشديدة فى أشياء يمكن الاستغناء عنها مثل إقامة حفل زفاف ضخم، أو الإصرار على شبكة بمبالغ طائلة وغيرها، ولكن أيضا ذلك أمر من الممكن مناقشته عن طريق حوار مجتمعي، أو حتى دعوة تحمل مستوى معين من الرقى والاحترام للعروس وأسرتها.

يا هذا دعوتك إلي مثل هذه الحملة لا تمثل إساءة إلى المرأة فقط بل إلى الرجل أيضًا وللمجتمع بشكل عام.

إنها إساءة تستوجب المحاسبة، حتى يكون التحقير والتقليل من شأن الآخرين، ليس أمرا هينا وسهلا يفعله أى شخص واثقا أنه يأمن العقاب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط