الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خروج بوتفليقة والجزائر بين "الربيع والمجهول"


جاءت استقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من منصبه بعد قرابة 40 يومًا من الاحتجاجات الشعبية الهادرة في الجزائر ضد توليه فترة رئاسية خامسة لتضع حدًا للتكهنات حول مصير الجزائر إذا لم يُقدم بوتفليقة على هذا القرار.

في نفس الوقت فإن خطاب بوتفليقة للرأي العام الجزائري بالعفو والصفح عما صدر منه باعتباره بشرا وبالحفاظ على الجزائر الوطن، يفتح نقاطًا عديدة حول المرحلة السابقة والقادمة في حياة الجزائر.

والحاصل أن الاحتجاجات ضد تولي الرئيس بوتفليقة فترة رئاسية جديدة أو الاستمرار في الحكم بدأت تدور رحاها داخل الجزائر قبل 6 سنوات، وبالتحديد بعدما أقعدت جلطة دماغية في عام 2013 بوتفليقة وأصبح من يومها رئيسًا مريضًا.

لكن برغم فترة المرض هذه فقد استطاعت الجزائر في عهده وتحت حكمه. ومن خلال عدة قرارات مدروسة أن تعبر فترة الربيع العربي الصاخبة وألا يصل تأثير هذا الدمار إليها اقتصاديًا أو سياسيًا.

لكن اليوم وبحس شعبي جزائري مفعم بالوطنية وفي ظروف سياسية جزائرية مستقرة إلى حد كبير، خرج الجزائريون إلى الشوارع يعلنون اعتراضهم لتولي بوتفليقة فترة رئاسية جديدة أو تولي شقيقه وخرجت التظاهرات تهتف "لا بوتفليقة ولا سعيد" في إشارة إلى رفض الجزائريين استمرار أسرة بوتفليقة في الحكم.

والحقيقة أن لبوتفليقة فضلا كبيرا على الجزائريين خلال سنوات حكمه الماضية والتي بدأها عام 1999. ففى عهده انتهت الحرب الأهلية الجزائرية والتي اندلعت بين الجيش الجزائري والجبهة الإسلامية للانقاذ – الاخوان الإرهابيين- وسميت بالعشرية السوداء وشهدت مذابح مروعة في الشوارع. كما قام بوتفليقة بوضع الجزائر على سلم التقدم والتنمية وانتشالها من براثن الحرب والدموية.

كما تحسنت الأوضاع المعيشية في الجزائر خلال سنوات حكمه وهى حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها وخصوصا في المجال الصحي والمجال التعليمي. كما تحسنت الأحوال الاقتصادية إلى حد ما لبلد ظل في الحرب الأهلية 10 سنوات.

صحيح أن جهود بوتفليقة لم تصل الى رفع مستوى دخل الجزائريين إلى مصاف الدول الخليجية المنتجة للنفط، خصوصا وأن الجزائر رابع أكبر مصدر للغاز على مستوى العالم وبلد كبير ذو موارد هائلة ومصدر رئيسي للنفط أيضا. إلا أن الأحوال المعيشية تحسنت إلى حد كبير عما كان قبل بوتفليقة والسنوات السوداء التي سبقت مجيئه.

واليوم اذ سجل الشعب الجزائري انتصاره فلا ينبغي خلط الأوراق. فالجزائر اليوم بلد مستقر موحد ومن الضروري الحفاظ عليها.

والجزائر اليوم اقتصاد راسخ كبير ولديها احتياطات نقدية تصل إلى 88 مليار دولار بحسب آخر الاحصاءات أي انه بلد يقف على قدميه. ولديه ما يعينه في أسوأ الظروف وهذه حقائق لا يمكن إنكارها ولا يمكن تجاوزها.

المأمول خلال الفترة القادمة أن يأتي للجزائر رئيس يفهم متطلبات الجزائر ويستفيد من الامكانات الموجودة ولا يفتح بابًا للصراع مع الماضي او التورط بداخل قبوره ومهالكه. لكن الجزائر بحاجة لوقفة مع الفساد خصوصًا وأن الوصف الشائع عن الجزائر "بلد غني بمواره هائل بفساده".

كما أن على الرئيس الجزائري المرتقب أن يحافظ على المستويات الانمائية الهائلة وخصوصا في الصحة والتعليم ويضيف إليهما. بقى مستوى معيشة الفرد فلا يعقل أن يكون الجزائر بلد نفطي من الطراز الأول ومتوسط الدخول الشهرية فيه نحو 300 دولار وفق تقرير التنمية البشرية، في حين أنها في دول الخليج المماثلة ما بين 2000- 3500 دولار. كما لا يعقل أيضا أن تتساوى الجزائر بالبلاد الفقيرة داخل المنظومة العربية ومتوسط الدخل فيها ما بين 100 -165 دولارا.

الجزائر بلد كبير ورحيل بوتفليقة ينبغي أن يكون بداية لمزيد من الاستقرار وليس بوابة على الجحيم والفوضى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط