الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يسروا ولا تعسروا


بالتأكيد أصبحت تكاليف الزواج باهظة، ولَم يعد في استطاعة الجميع توفير ما يلزم لبدء حياة جديدة، المغالاة أصبحت سمة العصر، ما أدي إلي امتناع العديد من الشباب عن التفكير في ذلك الرباط المقدس الذي يعمر البيوت.

المشكلة الحقيقية ليست فقط في الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد في تلك المرحلة الانتقالية الحرجة من عصر سادت فيه الفوضي إلي عصر بداية التعمير ووضع أسس حقيقية للاستثمار ، إنما تكمن المشكلة في اشتراطات الأهل والعروس التي أصبحت غير محتملة وخصوصًا لشباب الطبقة المتوسطة والفقيرة.

في السنوات القليلة الماضية ازدادت حالات الطلاق بما يقرب من ثمانين بالمئة من المتزوجين حديثًا، وازداد عدد قضايا الطلاق والخلع في ساحات محاكم الأسرة علي مستوي جميع المحافظات، ما أدي إلي ظهور حالة من عدم الثقة لدي الأهل يصاحبها حالة من الرهبة والخوف علي مستقبل بناتهم ، فاتجه الكثيرون منهم إلي وضع اشتراطات شديدة الصعوبة محاولة منهم لتأمين الفتيات قبل الدخول في الزواج ظنًا منهم أن صعوبة الشروط تضمن لبناتهم الاستقرار في الحياة الزوجية.

أدي ذلك الخوف إلي المبالغة في المهر المقدم منه والمؤخر كذلك الشبكة مع كتابة قائمة تضمن للفتاة إمتلاك كافة محتويات المنزل تحسبًا لغدر الزوج ، وأحيانًا اتجه البعض إلي كتابة إيصال أمانة علي الزوج خوفا من أن يتعدي علي الفتاة بعد الزواج ويهدر حقوقها.

ولا نستطيع أن ننسي العادات القديمة التي توارثتها الأجيال من المبالغة في الاحتفال بالعرس عند قراءة الفاتحة والشبكة وعند فرش الأثاث كذلك ليلة الزفاف، مع دعوة الأهل والأصحاب والجيران وكلما انتقلنا إلي المحافظات والقري بعيدًا عن العاصمة كلما زاد عدد المدعوين علي تلك المناسبات ويتخللها موائد طعام مبالغ فيها أيضًا مما يرهق العريس المقدم علي الزواج وأهله، ويؤدي بالتالي إلي عدول البعض عن فكرة الزواج لعدم قدرتهم علي تحمل كل تلك التكاليف التي لا تتناسب مع مستوي دخولهم الفعلي .

ناهيك عن عادات بعض الفتيات في التقليد الأعمي والغيرة التي تنتشر بينهن فكل منهن تريد أن تكون محط أنظار الجميع فتبالغ في طلباتها ظنًا منها أنها ستكون الأفضل بين الأهل والأصدقاء، فتكون النتيجة تأخر سن الزواج لصعوبة تنفيذ تلك الطلبات، فيقف الشاب عاجزًا أمام رغبات الفتاة التي يتقدم لخطبتها.

الزواج ليس معركة بين شاب وفتاة ، الزواج الهدف منه التعمير والاستقرار، العنصر الأهم فيه هو حسن الاختيار والتوافق بين الطرفين لضمان العشرة الطيبة والاستمرار في الزواج ، وتقليل النسب المفزعة للطلاق والتي أصبحت سمة العصر مع الأسف الشديد.

من أهم أسس الاختيار للفتاة هو حسن الخلق والتدين، كذلك الحال بالنسبة للشاب، فاختيار من يتقي الله في زوجته أهم بكثير من كتابة إيصال أمانة أو قائمة أو مؤخر يكبل الزوج ظنًا أن تلك القيود سوف تمنعه عن هدم المنزل والاستغناء عن الزوجة، من كان في نيته الغدر يستطيع أن يفعل الكثير ليضغط علي زوجته للتنازل له عن حقوقها، يستطيع إذلالها حتي تخلعه فترد إليه كل ما أعطاه لها، فاحسنوا الاختيار ويسروا ولا تعسروا ، وعلموا أولادكم أن المودة والرحمة هي الأسس السليمة للتعمير.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط