حكم نهائى جديد يحمي العاملين بالبنك الأهلي من الحد الأقصى للأجور

أصدرت المحكمة الإدارية العليا، حكما نهائيا جديدا، بعدم خضوع العاملين بالبنك الأهلي المصري للقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى أجهزة الدولة.
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن رئيس الوزراء أصدر قرارا تنفيذا لمبدأ العدالة الاجتماعية يكفل تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وإقرار النظام الضريبي العادل وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن حياة كريمة للمواطنين كافة، وبحد أقصى لكل من يعمل بأجر في أجهزة الدولة؛ صونًا للسلام الاجتماعي وضمانًا لعدم تسلل المرارة والضغينة في نفوس أرباب المراكز القانونية المتماثلة.
وحددت المحكمة المخاطبين بأحكام قانون الخدمة المدنية طبقا للقرار الحكومى وهم العاملون بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والأجهزة التي لها موازنات خاصة بها والهيئات العامة والقومية الاقتصادي والخدمية وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة والعاملون الذين تنظم شئون توظيفهم قوانين أو كادرات خاصة، وذلك سواء كان العامل شاغلًا لوظيفة دائمة أو مؤقتة أو مستشارًا أو خبيرًا وطنيًا أو بأي صفة أخرى بتلك الجهات، وباستثناء العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء مدة عملهم بالخارج.
وقالت إن الأموال التي تخضع في حسابات صرفها للحد الأقصى للأجور متى صرفت للمخاطبين بأحكامه وهي أموال الدولة وأموال الهيئات والشركات التابعة لها أو الشركات التي تساهم هذه الجهات في رأس ماله، وأخيرًا تكفل القرار بقانون المذكور بتحديد الحد الأقصى لصافي دخل المخاطبين بأحكامه بحيث لا يجوز أن يزيد عن خمسة وثلاثين مثل الحد الأدنى وبما لا يجاوز اثنين وأربعين ألف جنيه".
وأشارت المحكمة إلى أن القانون يكون بذلك قد عبر عن الفهم الصحيح للأصول الدستورية، فلا يجوز تأويله بمنهج يؤدي إلى تطبيق أحكام الحد الأقصى للأجور على غير الفئات التي عددها حصرًا؛ لما في ذلك من إرهاق لنصوصه، وجنوح بها عن غايات التشريع ومقتضيات المصلحة العامة من وراء إقراره.
وأكدت المحكمة أنه تنفيذًا لتلك الأغراض صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1265 لسنة 2014 بالقواعد التنفيذية لأحكام القانون المذكور وعدد الجهات العامة الخاضعة لأحكامه، ولم يورد من بينها البنك الأهلي المصري، لكونه ليس من الجهات العامة التي عددها القانون، بل هو شركة مساهمة خاصة وفقًا لأحكام قانون الشراكات المساهمة، ومن ثم فإن إخضاع العاملين به لأحكام الحد الأقصى للأجور –مهما بلغت نسبة مساهمة المال العام فيه– يخالف نصوص القانون الصريحة التي لا تحتمل تأويلًا يخضعهم لحكمه، ويكون القرار المطعون فيه حريًا بالإلغاء. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون موافقًا لصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه فاقدًا سنده حريًا برفضه.
وشددت المحكمة على أنه لا ينال من قضائها ما ساقته هيئة قضايا الدولة بتقرير طعنها من أن المادة الثالثة من مواد إصدار قانون الشركات المساهمة، تعطي لرئيس مجلس الوزراء الحق في وضع القواعد التي تكفل تحديد حد أعلى للأجور في تلك الشركات، مؤكدة أن ذلك الأمر مردود عليه من ثلاثة أوجه، أولها أن القرار المطعون فيه لم يستند لقانون الشركات المساهمة وإنما استند إلى تأويل هيئة مستشاري مجلس الوزراء لقانون الحد الأقصى للأجور.
ويتمثل الوجه الثاني في أن الثابت من استقراء عجز المادة الثالثة المشار إليها أنها اختصت مجلس الوزراء وحده بوضع هذه القواعد، ومن ثم فإذا وضعها رئيس مجلس الوزراء منفردًا أصبح قراره في هذا الشأن مشوبًا بعيب مخالفة القانون، فيما تمثل الوجه الثالث في أنه وعلى فرض قيام مجلس الوزراء بتفعيل قانونا فوض فيه، فإن ذلك لا يكون مشروعًا إلا إذا أفرغت القواعد في صورة عامة مجردة يخضع لها جميع العاملين بالشركات الخاضعة لأحكام قانون الشركات المساهمة، بعد إجراء موازنة دقيقة بين ما تجلبه هذه القواعد من مزايا من منظور اجتماعي وما ترتبه من مواجهات حادة بأحكام الدستور الرامية إلى حماية الملكية الخاصة وكفالة الحق في العمل ونشجيع الاستثمار في البلاد، وهو مالم يقصده القرار المطعون فيه.