الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أضحكنا ومات حزينا.. قصة الشاويش عطية الذي توفي غاضبا من إسماعيل ياسين

إسماعيل ياسين ورياض
إسماعيل ياسين ورياض القصبجي وأحمد رمزي - أرشيفية

الشاويش عطية والمعلم زلط، وحسب الله.. كل تلك الشخصيات وغيرها الكثير من الأدوار التي خلدتها ذاكرة السينما للفنان الكبير رياض القصبجي، والتي ظلت حتى اليوم محفورة في وجدان الجماهير، لما اشتهرت به من خفة الظل، والتي جعلته أحد أشهر نجوم الكوميديا في السينما المصرية.

رياض القصبجي الذي أشتهر الإفيهات التي ما زالت تردد حتى اليوم من بينها «شغلتك على المدفع بوروروم» والتي قالها للفنان سماعيل يس، في فيلم إسماعيل ياسين في الأسطول عام 1957، و «هو بعينه بغباوته بشكله العكر» وغيرها من الإفيهات التي حملت بصمته خلال مسيرته الفنية والتي تظل شاهدة على عبقريته كموهبة فنية متميزة.

في مدينة جرجا بمحافظة سوهاج، ولد الفنان رياض محمود القصبجي في 13 سبتمبر 1903، لأسرة مهددة بنيران الثأر، وبدأ حياته كمحصل في السكة الحديد، وبدأ على تنمية موهبته الرياضية في رياضة رفع الأثقال، والملاكمة، حتى أنه لم يلتحق بالتعليم، لكنه تعلم القراءة والكتابة، واشترك في جماعة التمثيل الخاصة بالسكة الحديد.

لم تكن الشخصية التي أسعدت جماهير الشاشة المصرية والعربية، مرفهة في بداية حياتها، فقد كان الثأر الذي كانت تشتعل نيرانه في محافظات الصعيد سببا مباشرا لتركه أسرته بمركز جرجا بمحافظة سوهاج، بعدما بات مهددا بالثأر منه في دوامة الثأر التي كانت بين عائلته وإحدى العائلات الأخرى بالمركز.

«لازم تهرب يا ابني نار التار مبترحمش»، فلم تكن تلك الجملة التي ترددت في العديد من الأفلام السينمائية، غير حقيقة عاشها العديد من أبناء الصعيد الذين فارو هاربين من نار الثأر في الصعيد إلى محافظات الوجه البحري، وعلى رأسها القاهرة والإسكندرية، والتي فر بعدها الفنان رياض القصبجي من بلده إلى الإسكندرية.

الفنان الذي ترك بلاده هاربا من الثأر، أصر على أن تكون حياته مختلفة، نظرا لموهبته الفنية التي كان يتميز بها في صغره، والذي استقر به الحال بعد وصوله للإسكندرية جارًا لمنزل أشهر سفاحتين في مصر، وهما «ريا وسكينة»، الذي شارك بنفسه بعد ذلك في فيلمين تناولا قصة حياتهما بشخصية «حسب الله».

انتقل الفنان رياض القصبجي إلى القاهرة بحثًا عن العمل، والتحق بهيئة السكك الحديدية ليعمل بها كُمساريا، والذي سكن في حي العباسية، والتي التحق فيها بأحد الأندية ليمارس رياضة البوكس ورفع الأثقال، حتى جاءته الفرصة للتمثيل، حيث تواجد الفنان علي الكسار في النادي لتصوير مشهد من فيلم "سلفني 3 جنيه"، واستعان بـ"القصبجي" كشاب يُصارعه ضمن أحداث العمل، فكانت شرارة البداية الفنية له، وبقى مع الكسار، حيث عمل معه في مسرحه بروض الفرج، ليقدم خلال مسيرته الفنية أكثر من 100 عمل فني وفيلم سينمائي.

كان فيلم "أبو أحمد" الذي شارك فيه القصبي مع الفنان فريد شوقي، آخر محطاته الفنية، التي لم تكتمل، حيث تسبب تصويره في "كراكة" إلى تدهور حالته الصحية، وإصابته بانسداد في الشرايين، ومن ثم توقف الذراع والقدم اليسرى عن العمل، وذكر الطبيب أن شفاءه من هذا المرض سيستغرق من 5 إلى 7 سنوات، وإن لم يحدث سيتوفى، وهو ما حدث بالفعل بعد 5 سنوات.

وخلال فترة مرضه التي عانى فيها القصبجي، تدهورت حالته الصحية والنفية صورة كبيرة خاصة بعد انقطاع الكثير من الفنانين عن زيارته، فرغم المشاهد الكوميدية التي جمعت إسماعيل ياسين بالشاويش وأضحكت الملايين، إلا أن الفنان الكوميدي الشهير لم يزر رفيق الشاشة عندما أصيب بالشلل، وهو ما أثر فيه بشدة وتسبب في تفاقم الأمر وتدهور حالته الصحية، كما ذكر ابن رياض القصبجي خلال أحد لقاءاته التلفزيونية، حيث قال إن أسماعيل ياسين لم يحضر حتى عزاء والده، وأن فريد شوقي هو الذي كان يسأل عليه باستمرار ويشد من أزره وقت المرض.

قبل وفاته، أرسل له الرئيس جمال عبد الناصر يقدم له العون، وإن لزم الأمر السفر للخارج إلى أنه رفض السفر، وتم علاجه على نفقة الدولة في المستشفى الإيطالي، وفي 23 أبريل 1963، لفظ رياض القصبجي أنفاسه الأخيرة عن عمر ناهز الـ60 عامًا بعد أن قضي سهرة مع عائلته، استمع فيها إلى حفلة للسيدة أم كلثوم.

هكذا كانت تذكرة القطار الذي استقله الشاويش عطية خلال فراره من نار الثأر بالصعيد بمثابة تذكرة لحياة مختلفة تماما عاشها الفنان رياض القصبجي، بدأها كمساريا وانتهت بنشر البهجة ورسم الضحكة على الوجوه.