الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

150 سنة على الإنشاء.. قناة السويس بطولة سطرت بدماء المصريين

قناة السويس
قناة السويس

في شهر نوفمبر من عام 1869 كان العالم على موعد مع حدث فريد لخدمة حركة التجارة والملاحة بين دول العالم، وتسهيل حركة عبور ومرور السفن بين الشرق والغرب، بافتتاح قناة السويس، أول قناة تربط مباشرة بين البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر في العصر الحديث.

القناة التي شاهد العالم حفل افتتاحها، قبل 150 عاما من اليوم، والتي كان حفل افتتاحها هو الأبرز على المستوى العالمي، خاصة بعد الأبهة التي أصر الخديوي إسماعيل على ظهور الحفل بها، حيث تكلف الحفل وحده 2 مليون و400 ألف جنيه، حتى وصل عدد الضيوف المشاركين في الحفل إلى قرابة 100 ألف من المصريين والأجانب من مختلف دول العالم.

ورغم كل تلك الأبهة التي خرج عليها حفل افتتاح قناة السويس ظلت بطولات وتضحيات المصريين خلال عملية حفر قناة السويس نموذجا للتضحية والبناء من أجل الوطن، حتى قدر وقتها عدد من توفوا في عملية حفر القناة بـ120 ألف شخص وفقا لكتاب «السخرة في حفر قناة السويس» للمؤرخ عبد العزيز محمد الشناوي.

بداية الفكرة 

بداية إنشاء القناة التي تعد أول قناة في العصر الحديث للربط بين البحر المتوسط والبحر الأحمر، كانت في أواخر ديسمبر ١٨٥٥ حينما وصلت اللجنة الدولية التي شكلها ديليسبس إلى مدينة «الفرما» التي تقع على بعد ٢٨ كم من مدينة بورسعيد لدراسة تقرير «لينان وموجيل»، وهما المهندسان الفرنسيان اللذان كانا يعملان كبيري مهندسين في الحكومة المصرية، واللذان أثبتا عمليًا إمكانية شق قناة مباشرة بين السويس والفرما، وقضى بذلك على خرافة ارتفاع منسوب البحر الأحمر بثلاثين قدمًا والتي وقع فيها «لوبيير» بعد تكليفه بدراسة المشروع عام ١٧٩٩ من قبل نابليون بونابرت خلال الحملة الفرنسية على مصر، والذي كانت محاولته أول محاولة لشق القناة في العصر الحديث.

أمضت اللجنة الدولية التي شكلها ديليسبس، ثلاثة أيام في دراسة منطقة حفر القناة، وبحث إمكانية إنشاء ميناء على الساحل، ونهاية القناة ومنفذها على البحر، وأنهت كل الدراسات أثبتت اللجنة سهولة إنشاء ميناء ومدخل للقناة مباشرة على الخليج البيلوزي على بعد ٢٨ كيلو مترًا غرب الفرما، والموقع الذي أصبح الآن، مدينة بورسعيد.

إقناع الخديوي بالمشروع

وفي عام 1854، نجح الدبلوماسى الفرنسى المهندس فرديناند ماري ديليسبس في حشد اهتمام الخديوي سعيد باشا للمشروع، واستطاع إقناعه بفكرة حفر قناة السويس، حتى تشكلت بعدها الشركة العالمية لقناة السويس البحرية في عام 1858 وحصلت على امتياز لحفر القناة وتشغيلها لمدة 99 عاما على أن تؤول ملكيتها بعد ذلك إلى الحكومة المصرية، وتأسست الشركة على أنها مؤسسة مصرية خاصة ويملك معظم أسهمها مستثمرون مصريون وفرنسيون، حتى قامت الحكومة البريطانية في عام 1875 بشراء أسهم الحكومة المصرية.

أزمات التمويل

واجهت شركة قناة السويس في البداية مشاكل مالية للتمويل، اشترى سعيد باشا 44% من الشركة للإبقاء على تشغيلها، ومع ذلك كان البريطانيون والأتراك يشعرون بالقلق من هذا المشروع ورتبوا لوقف المشروع ولو لفترة قصيرة، حتى تدخل نابليون الثالث وبدأ حفر القناة بالفعل في 25 أبريل لعام 1859 وبين ذلك إلى 1862 تم الانتهاء من الجزء الأول من القناة، ومع ذلك ومع تولى إسماعيل الحكم خلفا لسعيد باشا توقف العمل من جديد، فلجأ فرديناند دي لسبس مرة أخرى لنابليون الثالث، وتشكلت لجنة دولية في مارس من عام 1864، وقامت اللجنة بحل المشاكل وفي غضون ثلاث سنوات اكتملت القناة.

وبعد تولي الخديوي إسماعيل الحكم في عام 1863 زادت وتيرة العمل في حفر قناة السويس لتحمسه الكبير للمشروع، بعد توقف لقرابة عام بعد انتهاء المرحلة الأولى من عملية التنفيذ، والذي دفع بأكثر من نصف مليون عامل للمشروع توفي منهم 120 ألف عامل وفقا لكتاب «السخرة في حفر قناة السويس» للمؤرخ عبد العزيز محمد الشناوي.

أمراء العالم في حفل الافتتاح

الانتهاء من حفر قناة السويس كان سببا كبيرا للاحتفال في بورسعيد، والتي أقيم لها حفل افتتاح اعتبر الأكبر وقتها في العالم، حضره العديد من رؤساء الدول، بما فيها الإمبراطور أوجينى وإمبراطور النمسا وأمير ويلز وأمير بروسيا وأمير هولندا، حتى استمرت تلك الحفلات لأسابيع، وتميز الاحتفال بافتتاح دار أوبرا إسماعيل العتيقة في القاهرة والتي لم تعد موجودة الآن.

فتح القناة للملاحة الدولية

في عام 1875 وبسبب الديون الخارجية، قامت الحكومة البريطانية بشراء أسهم المستثمرين المصريين، خاصة أسهم سعيد باشا، بنحو 400.000 جنيه إسترليني، ومع ذلك لا تزال فرنسا صاحب الامتياز الأكبر في قناة السويس، وبموجب شروط الاتفاقية الدولية التي وقعت في عام 1888 والتي عرفت باسم اتفاقية "القسطنطينية"، افتتحت القناة لسفن جميع الدول دون تمييز، في السلم والحرب.

التأميم وعودة القناة لأصحابها

استمرت قناة السويس تحت الإدارة البريطانية والفرنسية حتى استطاع مصر تأميمها خلال الخطاب التاريخي لرئيس جمال عبد الناصر، في 26 يوليو 1956، معلنا أمام العالم أجمع «تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية (شركة مساهمة مصرية) وتنتقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات»، وهو القرار الذي اعتبرته فرنسا وبريطانيا بمثابة الصفعة الكبرى، والذي شنت بسببه العدوان الثلاثي على مصر.