الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين العزلة الدولية والمعارضة الداخلية.. هل تقترب لحظة هزيمة أردوغان المذلة أمام الأسد؟

رجب طيب أردوغان وبشار
رجب طيب أردوغان وبشار الأسد

ماذا كانت حسابات أردوغان عندما قرر التدخل عسكريًا بشكل مباشر في شمال سوريا، وقبلها عندما قدم الدعم بلا حدود لفصائل سورية مسلحة متطرفة ضد الحكومة السورية؟ تكشف تطورات الموقف العسكري في شمال سوريا أن قرار التدخل التركي صُنع على عجل وبشكل فردي ودون استشراف لمصير هذا التدخل وتبعاته المحتملة، وما اعتقد أردوغان أنه سيكون نزهة سريعة لجيشه تحول إلى فخ يطبق على قدميه.

وبحسب مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية، نجح الجيش السوري في السيطرة على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط العاصمة دمشق بمحافظة حلب، وتأمين الأخيرة ضد قصفات المدفعية من جانب الفصائل الموالية لتركيا.


وأضافت المجلة أن التطورات الأخيرة في الشمال السوري تكشف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد فشل، ليس فقط في تحقيق هدفه بإسقاط النظام السوري، وإنما كذلك في إقناع روسيا بوجهة النظر التركية حول سوريا.

وبالرغم من تنامي العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين تركيا وروسيا مؤخرًا، يقف الوضع في إدلب وسوريا بشكل عام عقبة في طريق نقاء العلاقات التركية الروسية من الشوائب، فرهان أردوغان الأخير في سوريا كان استمالة روسيا إلى جانبه، لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يفوت فرصة لإبعاد يد أردوغان عن سوريا وتضييق الخيارات التركية في الأزمة السورية.

وتابعت المجلة أن الدعم العسكري الروسي للحكومة السورية كان حاسمًا في هزيمة الفصائل المعارضة المسلحة، لا سيما تلك الموالية لأنقرة، وبالتوازي مع فقدان الأخيرة مزيدًا من الأراضي كل يوم في شمال سوريا، تتعافى تدريجيًا العلاقات السورية مع كل من السعودية والإمارات.

ومن حيث أراد أردوغان قبل سنوات أن تتحول تركيا إلى نموذج إقليمي للديمقراطية والتنمية، انتهى به الحال إلى عزلة إقليمية ودولية متزايدة، ومن حيث أراد عزل الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد عربيًا، انتهى به الحال إلى وحدة صف العالم العربي ضده وضد تدخله الاستعماري في سوريا.

وأشارت المجلة إلى أن مصير الوجود العسكري التركي في سوريا أصبح رهنًا بالموقف الروسي، وتلك لا شك هزيمة موجعة لأردوغان، قياسًا بطموحه قبل سنوات بشأن الإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد وضم سوريا إلى فلك النفوذ التركي، أما الأكثر إذلالًا لأردوغان، فهو أنه مجبر على التفاوض والاتفاق مع الحكومة السورية، ليس فقط للسيطرة على موقف القوات الكردية المناهضة لتركيا في شمال سوريا، وإنما لضمان ألا تنقلب الفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا ضدها وتبدأ بمهاجمتها بمجرد استعادة الجيش السوري السيطرة كاملة على إدلب.

داخليًا، وحتى من قبل إطلاق عملية "نبع السلام" العسكرية التركية في الشمال السوري أكتوبر الماضي، يواجه أردوغان انتقادات وضغوطًا متزايدة من جبهات عدة، في مقدمتها ثلاثة من الآباء المؤسسين لحزب العدالة والتنمية الحاكم، والذين انشقوا عنه فيما بعد رفضًا لسياسات أردوغان، وهم الرئيس التركي الأسبق عبد الله جول، ورئيس الوزراء الاسبق أحمد داوود أوغلو، ووزير الاقتصاد والخارجية الأسبق والسياسي البارز علي باباجان، وقد غدا هؤلاء الثلاثة من أعلى الأصوات الرافضة لسياسة أردوغان تجاه سوريا، وتبعًا لذلك، تتعالى داخل تركيا الأصوات المعارضة لإفساد أردوغان علاقات تركيا مع جوارها العربي، لا سيما مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين.

وفضلًا عن ذلك، أحيا التدخل التركي في سوريا حزازات قديمة من عهد الإمبراطورية العثمانية البائدة مع شعوب وقوميات عدة بالمنطقة، وتسبب في موجة من الاعتراف الدولي بالمذابح العثمانية ضد الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى، وفي اللحظة الراهنة يمكن القول إن هناك ما يشبه جبهة موحدة من العرب والأكراد والأرمن واليونان ضد التوسع الاستعماري التركي في شمال سوريا ومنطقة شرق المتوسط بوجه أعم.