الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عباس شومان: بيع البلازما لعلاج المصابين بـ كورونا حرام شرعًا

لدكتور عباس شومان
لدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق

قال الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر السابق، إن بعض النشطاء على مواقع التواصل نشروا أن بعض المتعافين من كورونا يبيعون البلازما لعلاج المصابين؛ فإن صح هذا فهو أمر سيء ويتنافى وأخلاقياتنا وتعاليم ديننا ومجتمعنا من جهتين.

وأوضح «شومان» في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أن الجهة الأولى: بيع البلازما أو الدم وكافة المشتقات وأعضاء الجسد حرام شرعا؛ فالجسد ليس سلعا متقومة بمال يملكها صاحب الجسد حتى يتاجر بها بخلاف التبرع؛ فهو من العون بما هو مملوك لله.

ونبه وكيل الأزهر السابق أن صاحب الجسد أمين عليه، وله أن يستخدمه في طاعة الله ونفع الآخرين؛ لذا جاز له أن يقدمه بالكامل دفاعا عن دينه ووطنه وعرضه ولم يجز له قبض الثمن ليستشهد في ساحة المعركة.

وأضاف أن الجهة الثانية أن هذا يدل على قسوة في القلوب وجحود لنعم الله، فقد من الله على المتبرع بالشفاء في وقت مات فيه آخرون كانوا يرقدون إلى جواره، وكان من أبسط الشكر الواجب المسارعة بالتبرع إنقاذا لمن بقي في أسر المرض؛ فالتبرع بالبلازما والدم وكافة مشتقاته إذا لم يكن به ضرر حلال وطاعة، وبيع شيء من  ذلك حرام شرعا، والثمن حرام على آكله.

اقرأ أيضًا:

في سياق متصل، أعاد مركز الأزهر العالمي للفتوى نشر بيانه بشأن وجوب تبرع المتعافين من فيروس كورونا بالبلازما، وحرمة الامتناع عن التبرع بغير عذر، قائلًا: في ظل سعي البشرية الدءوب؛ للوصول لعلاج أو لقاح يُنهي أزمةَ جائحة فيروس كورونا، ويخفف آلام المُصابين به؛ دعت الأجهزة الطبية المُتعافين من هذا الدّاء للتَّبرع ببلازما دَمِهِم لمساعدة المُصابين؛ سيَّما الحالات الحرِجة منهم؛ نظرًا لما تحتوي عليه بلازما المُتعافي من أجسام مُضادَّة للفيروس قد تُسهِم بشكل كبير في تحسن تلك الحالات؛ خاصة مع الشواهد البحثيَّة في العديد من دول العالم .
                
وأفاد « مركز الأزهر» عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيسبوك» أن استجابة المُتعافين لهذه الدعوة واجبٌ كفائيٌ إنْ حصل ببعضهم الكفاية، برئت ذمتهم، وإنْ لم تحصل الكفاية إلَّا بهم جميعًا تعين التَّبرع بالدم على كل واحد منهم وصار في حقِّه واجبًا ما لم يمنعه عذر، وإن امتنع الجميع أَثِم الجميع شرعًا؛ وذلك لِمَا في التَّبرع من سعي في إحياء الأنفس، وإحياء نفسٍ واحدةٍ عند الله سُبحانه كإحياء النَّاس جميعًا، قال سُبحانه: {..وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..}. [المائدة: 32] فضلًا عمَّا في التّبرع من اتصافٍ بحسْن الخُلق، والجُود، والمروءة، ونَفْع الخَلق، وقضاء حوائج العباد، والمحافظة على حياتهم، وحب الخير للناس.

وأكد مركز الأزهر العالمي أن هذه عبادات عظيمة في الإسلام، قال ﷺ: «ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ -يعني مسجدَ المدينةِ- شهرًا» [أخرجه الطبراني في الأوسط]، وقال ﷺ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُم أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ» [أخرجه مسلم]، وقال ﷺ لأحد صحابته: «أَتُحِبُّ الْجَنَّةَ؟» قال: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَحِبَّ لِأَخِيكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ»، [أخرجه أحمد].


ونوه أن التبرع بالبلازما للمصابين نوع من الشَّكر العملي على نعمة العافية بعد البلاء، والشّفاء من عُضال الدّاء، قال سُبحانه: {..اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، وقال ﷺ: «صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ»، [أخرجه الطبراني في الأوسط]، أما امتناع المُتعافي عن التَّبرع مع قُدرته فشُحُّ نفسٍ، وضعف يقين، وأَثَرة وأنانية، ولا شك هي أمور مذمومة، مذموم من اتصف بها آثم، قال سبحانه: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ . فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ . وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ . فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ . الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ . وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 1-7]

وواصل: قال القرطبي: (قال الماوردي: الْمَعُونَةُ بِمَا خَفَّ فِعْلُهُ وَقَدْ ثَقَّلَهُ اللَّهُ) [تفسير القرطبي (20/ 214)]، ولا شك أن منع البلازما بغير عذر من منع الماعون، وذَكر ﷺ من بين ثَلَاثَة لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ، فيَقولُ اللَّهُ: اليومَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كما مَنَعْتَ فَضْلَ ما لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ. [متفق عليه]، والممتنع عن بذل ماء فائض عن حاجته لمن يحتاجه جازاه الله تعالى بأن منع عنه فضله ورحمته، والامتناع عن التبرع بالبلازما دون عذر أولى بالذمِّ من البخل بالماء؛ لأن الماء مهما عزَّ يمكن الوصول إليه؛ بينما بلازما المُتعافين لا يمكن الوصول إليها إلَّا من خلالهم.

واختتم الأزهر أن حكم تبرع المُتعافين بالبلازما يهيب بهم جميعًا أن يتنافسوا في أداء هذه الفريضة ونيل أجرها العظيم؛ فقد اختصهم الله سبحانه بفضله، وشملهم بلطفه، وجزاء الإحسان عند الله إحسان، مختتمًا بالدعاء: « نسألُ الله أنْ يَحفَظَنَا وبِلادَنا مِن كلِّ مَكرُوهٍ وسُوء، وأنْ يرفعَ عنَّا وعَن العَالَمينَ البَلاءَ، وأن يَمُنَّ علىٰ كُلِّ مُصَابٍ بالشِّفَاءِ، إِنَّه سُبحَانَه ذو فَضْلٍ وكَرَمٍ ونَعْمَاء».