الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محترف صناعة أزمات.. فاينانشال تايمز: 7 حسابات خاطئة تورط أردوغان في كوارث.. عداوات متنامية مع الجوار العربي والأوروبي.. وحصار بين معارضة صاعدة واقتصاد متهالك

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

  • تركيا تعتمد على روسيا في تأمين نصف وارداتها من الغاز الطبيعي
  • أردوغان دخل في عداوة مباشرة مع الاتحاد الأوروبي بنهب حقوق اليونان وقبرص
  • سياسات أردوغان وأزمة كورونا تجتمعان على الاقتصاد التركي الهش أصلًا
  • الملاحقات الأمنية لم تستثن أي فئة من مكونات المجتمع التركي


أفضت شخصية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المولعة بافتعال المشاحنات مع دول الجوار إلى توريط بلاده في سلسلة من الأزمات الداخلية والخارجية التي بلغت من استفحالها حدًا يفوق قدرته على احتواء تبعاتها.

وبحسب صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، انزلق أردوغان إلى جبهتين عسكريتين مفتوحتين في سوريا وليبيا، تضعه في مواجهة مباشرة مع العالم العربي وروسيا، الداعمة للرئيس السوري بشار الأسد والجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.

ورصدت الصحيفة 7 حسابات خاطئة خصمت كثيرًا من قوة أردوغان بعد قضائه 18 عامًا في السلطة كرئيس للوزراء ثم رئيس للجمهورية، وأخرجت صراعاته الداخلية والخارجية عن حد السيطرة.

أولًا، ما كان أردوغان لينجح في احتلال شريط طويل من المنطقة الكردية شمالي سوريا من دون تفاهمات مع روسيا، لكن الأخيرة هي التي رعت بنفسها عملية مصالحة بين القوى الكردية والحكومة السورية، كان من نتائجها عودة الجيش السوري إلى المناطق الكردية بعد غياب سنوات، ودخوله في مواجهات مباشرة مع قوات الاحتلال التركي التي كانت قبل ذلك تواجه القوات الكردية المنفردة ومكشوفة الظهر.


وثانيًا، استهدف أردوغان من تدخله سياسيًا وعسكريًا في ليبيا تأمين قدرة تركيا على نهب موارد هائلة من النفط والغاز في شرق البحر المتوسط من خلال عمليات تنقيب واستخراج غير قانونية، لكن هذا التعدي على ثروات لا يحق لتركيا استغلالها أدخلها في عداء مباشر مع الجارتين الملاصقتين، اليونان وقبرص، فضلا عن تشكيل دول شرق المتوسط تحالفًا جماعيًا مناهضًا للأطماع التركية التي لا تجد لها حليفًا أو داعمًا في المنطقة ربما باستثناء قطر.

وثالثًا، أدخل أردوغان نفسه في مشاحنة جديدة مع الاتحاد الأوروبي بتعديه على حقوق اليونان وقبرص في البحر المتوسط، وكلتاهما دولة عضو بالاتحاد، الذي بات أبعد من أي وقت مضى على قبول تركيا عضوًا به، فهو لم يكتف بنهب حقوق دول أعضاء به، وإنما استخدم ورقة فتح حدوده مع الأراضي الأوروبية لابتزاز دول القارة في ملفات شائكة.

ورابعًا، لا يكف أردوغان عن استفزاز الولايات المتحدة، مرة بالهجوم على حلفائها من القوى الكردية في شمال سوريا، وأخرى بشراء منظومة صواريخ الدفاع الجوي إس 400 من روسيا في انتهاك صارخ لقواعد حلف الناتو الذي يضم أنقرة في عضويته، وثالثة باحتجاز مواطنين أمريكيين للمساومة بهم على تسليمه رجل الدين المقيم بالولايات المتحدة فتح الله جولن، والذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016، ورابعة بخرق العقوبات الأمريكية التي تحظر المعاملات التجارية مع إيران، وأخيرًا وعلى الأرجح ليس آخرًا الحكم بالسجن على موظف بالقنصلية الأمريكية في إسطنبول بتهمة "مساعدة مجموعة إرهابية"، وبالتأكيد لم تمر هذه الاستفزازات المتتالية دون رد من واشنطن، فبجرة قلم فرضت الأخيرة عقوبات على تركيا أدت من بين ما أدت إلى تراجع مؤلم في قيمة الليرة التركية أمام الدولار، مضيفًا ورطة أخرى إلى اقتصاد مأزوم أصلًا.

وخامسًا، فحتى بعد التعدي على حقوق اليونان وقبرص في البحر المتوسط ونهب مواردهما من الغاز الطبيعي، فضلًا عن نهب موارد ليبيا من النفط والغاز الطبيعي باتفاق غير قانوني مع حكومة الوفاق في طرابلس، حتى بعد كل ذلك تظل تركيا معتمدة في تأمين نصف وارداتها من الغاز الطبيعي على روسيا، الأمر الذي يضع الخطط التركية بشأن سوريا تحت رحمة الإرادة الروسية.

وسادسًا، كشفت التبعات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا وإجراءات الإغلاق المفروضة لمكافحته مدى رعونة سياسات أردوغان الاقتصادية، فالإصرار على خفض أسعار الفائدة إلى أدنى حد والتوسع في الإقراض بدون ضمانات والتمسك بالهيمنة على البنك المركزي، كل ذلك حفز المستثمرين الأجانب على الفرار باستثماراتهم من تركيا خوفًا عليها من مزاج أردوغان المتقلب، وبإضافة ذلك إلى الضربات الموجعة التي تلقتها الليرة بسبب العقوبات الأمريكية، أصبح الاقتصاد التركي يتحمل ما يفوق طاقته بمراحل في فترة كان أحوج فيها إلى التماسك في مواجهة التداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كورونا.

وسابعًا، لم توفر الحملات الأمنية المتتابعة لملاحقة معارضي أردوغان أحدًا، فمن نواب البرلمان إلى ضباط الجيش إلى موظفي الحكومة إلى الصحفيين إلى رجال الأعمال إلى السياسيين الحزبيين والمستقلين لا يكاد أحد ينجو من الرقابة والملاحقة في تركيا، ومع كل هذا العنف في إقصاء أي صوت معارض تلقى حزب أردوغان، العدالة والتنمية، صفعة مؤلمة العام الماضي بخسارته الانتخابات المحلية في العاصمة أنقرة والعاصمة المالية إسطنبول.