الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زيارة مريبة لوزير خارجية أردوغان إلى أفريقيا.. هل العثمانية الجديدة تتمدد نحو القارة السمراء؟

صدى البلد

في خضم الأزمة المشتعلة بين تركيا والاتحاد الأوروبي على خلفية دعم رجب طيب أردوغان لحكومة فايز السراج غير الشرعية في ليبيا، وتحالفهما لسرقة مقدرات الشعب الليبي وهو الأمر الذي يهدد الامن الإقليمي والدولي، أثارت زيارة مريبة لوزير خارجية أنقرة، مولود تشاووش أوغلو، إلى غينيا، شبهات حول مآل وأهداف هذه الخطوة. 

وبحسب وسائل إعلام تركية موالية لأردوغان، فإن أوغلو افتتح أول سفارة لتركيا في غينيا الاستوائية، أمس الخميس، وأنه أول وزير تركي يزور هذا البلد الذي له أهمية ساحلية شديدة على المستوى الاستراتيجي. 

ووصف أوغلو افتتاح سفارة بلاده في العاصمة الغينية مالابو، بأنه "حدث تاريخ"، وبأن غينيا الاستوائية "حليف استراتيجي" لتركيا،  وهو ما فتح الحديث عن مخططات أردوغان القديمة لتمديد نفوذه داخل القرن الأفريقي، سعيًا لعملية خطيرة لإعادة إحياء ما وصفه معهد "بروكينجز" المرموق للأبحاث في تقرير نشره العام الماضي بـ"العثمانية الجديدة". 


لم تكن التساؤلات حول أحلام أردوغان بتوسيع نفوذه في أفريقيا حديثة عهد، فمنذ عام 2011 وإبان ما يعرف بـ"الربيع العربي"، حامت الشبهات حول دور تركيا في القرن الأفريقي، خاصة مع زيارة أردوغان للصومال في فترة مجاعة مهلكة، ليكون أول مسئول غير أفريقي يزور منذ عقدَين من الزمن العاصمة الصومالية التي مزّقتها الحرب.

وفقًا لتقرير "بروكينجز" هذه الزيارة عززت آنذاك من فكرة أن تركيا تطبق سياسية "دفع الأموال" لتوسيع نفوذها، وهي السياسة التي بدأت أصلًا في تركيا منذ 2005 والتي أطلق عليها الأتراك حينذاك "الانفتاح على أفريقيا" حيث شملت تلك الخطة افتتاح عشرات السفارات الجديدة ورحلات للخطوط الجوية التركية ومؤتمرات قمة تركية أفريقية اعتيادية.

وبالفعل أردوغان أغدق بأموال المساعدات للصومال وأطلق مشاريع تنموية وفتح مدارس، وانخرطت تركيا في وضع أجندة بناء الدولة، بما في ذلك افتتاح منشأة عسكرية ضخمة لتدريب الجنود الحكوميين الصوماليين. 

واليوم، تشغّل شركات تركية مطارات مقديشو وموانئها وتزخر أسواقها ببضائع تركية الصنع، وفي يناير الماضي، كشفت صحيفة "تايمز" البريطانية، من أن أردوغان تلقى طلبًا صوماليًا بتولي التنقيب عن النفط في البلاد، مؤكدةً أن هذا الأمر يعتبر مؤشرًا غير مسبوقًا وخطيرًا على تمدد النفوذ "العثماني" داخل أفريقيا. 


بالتزامن مع تقرير "تايمز"، حذرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، مطلع العام الجاري، من مساعي أردوغان الخطيرة لتمديد نفوذ تركيا داخل أفريقيا، مؤكدة أنه يسعى لاستغلال موارد دول القارة، خاصة بعد زيارته الأخيرة إلى السنغال والجزائر وجامبيا، وطبعًا الاتفاق العسكري غير الشرعي مع حكومة السراج في ليبيا. 

وكما كانت الحال مع الصومال، سعى أردوغان على مدار عقدٍ كامل، لبناء شراكة تجارية مع السنغال، بمشروعات خاصة في أعمال البنى التحتية، وفي 2018، منحت مؤسسة "ديانيت" التركية، غانا واحدًا من أكبر المساجد في غرب أفريقيا، بسعة 5 آلاف شخص، ومدرسة للأئمة، وفي نهاية 2019، افتتحت جيبوتي أكبر مسجد في البلاد، بتمويل من نفس المؤسسة. 

وفي الكاميرون تم بناء مجمع "جابوما" الرياضي في دوالا، والذي سيستضيف كأس الأمم الأفريقية 2021، من قبل مجموعة "يانجان" التركية وبتمويل من بنك "ترك إكسيم" التركي، بقيمة 116 مليار فرنك أفريقي.

أما السودان، فمن المعروف أن أردوغان كان أكبر داعمًا لنظام عمر البشير الإخواني، والذي ساهم في تعزيز النفوذ العثماني داخل السودان، خاصة بعد زيارة أردوغان الشهيرة هناك 2017 وقضية جزيرة سواكن وبناء قواعد عسكرية تركية هناك، وهو الأمر  الذي كان أحد أهم دوافع الحراك الشعبي الذي أطاح بنظام البشير. 

لكن تقرير "بروكينجز" ألمح إلى نقطة شديدة الأهمية نرى انعكاساتها في الوقت الراهن، ألا وهو التعاون التركي الإثيوبي، فقد وصف التقرير إثيوبيا بأنها "قوة صاعدة" في منطقة القرن الأفريقي، وأن استثمارات تركيا هناك أكبر من تلك الموجودة في الصومال والسودان وأن هناك عددًا متناميًا من الأصوات التركية كانت تطالب أردوغان بجعل أثيوبيا أولوية.

ويقول التقرير إنه بالإضافة إلى تأمين سوق جديدة للتجارة التركية في إثيوبيا، أعرب بعض "المعلقين الصقور" في تركيا عن اعتقداهم بأن شراكة تركيا وإثيوبيا ستشكل قوى معادية لمصر، وأن هناك ترتيبات في الداخل التركي منذ 2019 لزيارة موسعة لأردوغان إلى أديس أبابا.