الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحلام أردوغان الوردية تغرق في البحر الأسود.. تركيا تعجز عن الاستفادة من حقل الغاز الجديد.. عقبات بيئية وفنية تعرقل عمليات التطوير.. الاكتشاف ثروة حبيسة بلا قيمة

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

حقل الغاز الجديد على عمق كبير تحت قاع البحر الميت
شركة البترول التركية تفتقر إلى القدرات اللازمة لاستغلال الحقول العميقة في المياه
أنقرة ترفض التعاون مع شركات التنقيب والإنتاج الكبرى بسبب شروط الشراكة
أوهام أردوغان بتحويل تركيا إلى مصدّر صاف للطاقة بعيدة المنال


أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أواخر أغسطس الماضي أن سفينة التنقيب "فاتح" التابعة لشركة البترول التركية اكتشفت حقلًا يضم احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي تبلغ 11 تريليون قدم مكعب في البحر الأسود.




وبحسب مجلة "فوربس" الأمريكية، يقع الحقل المكتشف في ضمن بئر تونا-1 في حقل غاز صقاريا داخل المياه الاقتصادية الخالصة التركية في البحر الأسود، وبعمق 4525 مترًا تحت قاع البحر، الذي يبدأ على عمق كيلومترين من سطحه.


وقوبلت أنباء اكتشاف الحقل المذكور بسعادة في تركيا، بالنظر إلى التكلفة الباهظة التي تتحملها تركيا لاستيراد الغاز الطبيعي من الخارج.


وبحسب المجلة، فمن المؤكد أن الاكتشاف يعد تطورًا واعدًا بالنسبة لأمن الطاقة في تركيا، لكن لا تزال هناك تساؤلات معلقة تحيط بالجدوى الاقتصادية لبئر تونا-1، ووفقًا لبنوك استثمارية، فإن القضية الرئيسية هي القيمة الاقتصادية لاحتياطي الغاز القابل للاستخراج من البئر وما إذا كانت هذه القيمة ستبرر عمليات التنقيب المكلفة في المياه العميقة.


أوضحت المجلة أن حقل غاز صقاريا يقع على عمق كبير في منطقة امتياز تبلغ مساحتها الإجمالية 7 آلاف كيلومتر مربع، وعلى مسافة 150 كيلومترًا من الساحل التركي غرب البحر الأسود متاخمًا للحدود البحرية البلغارية والرومانية، وعلى مقربة من حقل غاز نبتون الروماني، المكتشف قبل 8 سنوات والذي كان يضم أكبر احتياطي معروف من الغاز الطبيعي في البحر الأسود قبل اكتشاف الحقل التركي.


ويعني ذلك أن تركيا ستواجه نفس الصعوبات التي تعترض عملية استخراج الغاز من حقل نبتون الروماني بسبب العمق الكبير للحقلين.


ونقلت المجلة عن الباحث بمؤسسة وود ماكينزي لأبحاث واستشارات الطاقة والتعدين توماس بوردي أن "مركز حوض البحر الأسود عميق وبارد ويحتوي على كمية ضئيلة من الأكسجين، وهذه الظروف تتطلب خبرات متخصصة ليست في متناول شركة البترول التركية. إن تطوير حقل غاز صقاريا تتم في أعمق نقطة من البحر الأسود وفي بيئة شديدة الصعوبة".

ويؤكد خبراء أن تركيا بحاجة إلى مساعدة من شركة كبيرة للتنقيب وإنتاج الغاز من أجل استغلال الحقل الجديد، لا سيما إن اكتشفت شركة البترول التركية المزيد من احتياطيات الغاز على أعماق أبعد.


على أن تركيا لا تُبدي حماسة كبيرة للتعاون مع شركات التنقيب والإنتاج العالمية الكبرى في ظل الشروط التي تفرضها هذه الشركات للمشاركة في الإنتاج، وأعلن وزير الطاقة التركي فاتح دونمز أن شركة البترول التركية ستتولى وحدها أعمال الحفر بالكامل، وإن كان يمكن التعاقد مع شركة من الباطن لتنفيذ الجزء الخاص بمد أنابيب الغاز إلى الشاطئ التركي.


ومن المؤكد أن شركات خدمات النفط والغاز المحلية التركية ستقدم ما تستطيع من مساعدة لشركة البترول التركية من أجل استغلال الاكتشاف الجديد، لكن أحد العوائق الأساسية في هذا الصدد أن شركة البترول التركية لا تتمتع بخبرة كبيرة في أعمال الحفر والاستخراج على أعماق بعيدة تحت سطح الماء.


ونقلت المجلة عن الباحث بمؤسسة وود ماكينزي أندرو لاثام أن "عمليات التنقيب والاستكشاف في المياه العميقة مكلفة، ومع تراجع أسعار النفط بدءًا من عام 2015 وخلال العام الحالي أصبحت الشركات أكثر حرصًا على توفير النفقات، ولا تميل إلى المجازفة إلا بحفر الآبار الواعدة وتطوير الحقول المضمون احتواؤها على احتياطيات ضخمة، ومن خلال استهداف الخزانات الأكثر إنتاجية في المياه العميقة فقط، تهدف شركات التنقيب والإنتاج إلى زيادة الاحتياطيات المضافة لكل بئر".


وتعتمد تركيا بشكل كبير على الغاز الطبيعي عبر الأنابيب والغاز الطبيعي المسال لتلبية الطلب المحلي. وفي عام 2019، اشترت الدولة أكثر من 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بتكلفة 41 مليار دولار.

ويرى مراقبون أن كمية احتياطيات الغاز الضخمة في بئر تونا-1 من شأنها أن تساعد على تقليل فاتورة استيراد الغاز، لكنها لا تزال بعيدة عن تحقيق حلم الرئيس التركي بتحويل تركيا إلى مصدّر  للطاقة.