الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سلامًا لمن أهلكونا


سألتني صحفية شابة في بداية حياتها الزوجية،.. كيف لقلبين تعانقا يومًا على كلمة عشق أن يفترقا لمجرد غلطة.. هفوة.. أو حتى جفوة؟!.. أليس طول مدة الارتباط ورضاء طرفي العلاقة العاطفية بعيوب الآخر قبل مزاياه كفيل بصيانة جدار القلب، ومنحه الصلابة اللازمة كي يقاوم ارتجاجات الوجدان الفجائية، واهتزازات الأحاسيس الوقتية، فتصبح نبضاته أكثر مرونة للتأقلم مع التقلبات المزاجية المباغتة، فلا ينهار ولا يسقط لأن حرفي الحاء والباء أعطونا حصانة أبدية ضد كافة الأمراض العشقية؟!.. 


أسئلة ومخاوف كثيرة حدثتني عنها صديقتي، أثناء روايتها لحكاية شقيقتها الكبرى مع حب حياتها الذي أتاها في ساعة متأخرة من العمر.. ورغم أنه لم يكن الأفضل، ولا هو الأنسب إلا أنه ملأ مفكرتها العاطفية بتفاصيل وهوامش كلها تدور حوله وفقط.. حتى أنها زهدت كل شيء عداه.. تزوجته، فتوجته ملكًا على عالمها.. فهل قدر مشاعرها تجاهه؟!.. للأسف، أخذ يعذبها بغموضه وخياناته المتكررة.. والغريب،.. أنها كانت تسامحه في كل نزوة، فبات الجميع على قناعة أنها لن تتركه مهما فعل!.. هكذا،.. مرت 7سنوات على زواجهما.. لنستيقظ ذات صدمة على صرختها المدوية وإصرارها الرهيب في طلب الطلاق.. وذلك على الرغم من تمسكه وإصراره عليها ألا معتاد، وكأن الرجل لا يعرف قيمة امرأته إلا بخسارتها.. والأغرب أن قرارها هذا لا يرجع لنزوة من إياهم بل لشجار على أهون سبب،.. أي بمعنى أدق الغدر لم يفرقهما وكذبة صغيرة هدمت المعبد على ما فيه!.. 


بهذه العبارة أنهت الصحفية الشابة حكاية أختها، وهي لا تدرك أن تعجبها لا محل له من الأعراب.. فببساطة، لا يوجد قاموس للمشاعر ولا شهادة ضمان أبدية.. 


المشكلة أن كثيرا من الرجال ينظرون لعطاء المرأة،  وتحملها لأخطائهم على أنه حق مكتسب بل أن بعضهم يتعامل مع فؤاد محبوبته كبناية مهيأة لمقاومة زلازله المزاجية، وكله ثقة ويقين أن نظرة احتواء، ووعد بعدم عودتهم لفعلتهم ثانية كفيل أن ينكس شروخ وتصدعات حفرت على حائط الذاكرة.. ناسين أو متناسين أن وقوعنا في أسر لهفتنا عليهم مرة لا يعني أننا سنتغاضى عن إهانة كرامتنا  في كل مرة.. 


فمع أول غلطة لمن وضعنا خصاله فوق الرجولة، ورهنا على غرامه أحلامنا وأمالنا، ينكسر القلب، ربما لا يخلف صوت.. وجائز لا تتفتت بقاياه على مسمع ومرأى كل من هب ودب، لكن الأكيد أنه يترك داخلنا وجع لا يوصف أو يقال.. فيظن الكل وأولهم من تنازلنا على كبريائنا من أجل طله حضوره أننا تغافلنا، لعجزنا عن العيش بعيدًا عنه.. فيظل يخطئ وبمنتهى الاستهانة يلف ويدور حول أخطائه.. ليعتذر مرة ويقلب الحقائق مرات .. حتى تأتي مرة ليست كغيرها.. وقتها، لا نجد ما نقول إلا جملة واحدة "سلامًا لمن استهلكونا حتى أهلكونا"..  


فيا كل رجل وامرأة، ليتكم تأخذوا عبرة من تجارب المتعافين من الخيبات العشقية.. ومن باب الاستفادة من غفوات الغير الوجدانية،.. تعلموا الإخلاص من قليلي الوفاء، فالقسوة تولد الآسية ..  إياكم أن تتعاملوا مع عطاءات من تحبون كوعد ببقاء له الدوام.. أو شيك على بياض من العواطف تسحبون منه كيفما وحينما تشاءون.. فالرصيد قد ينفذ دون مقدمات ولا سابق إنذار، والوعد قد يرد وأحيانًا يزول لو لم يجد من يقدر ماهية وقيمة كلمة "أحبك".. بعدها، تندمون على علاقة لن ولم تعوضونها أبدًا..    

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط