الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عقود زواج أخلاقية


من حين لآخر يباغتنا أحد الباحثين عن الشهرة بمبادرة "فيسبوكية" أو فتوى إعلامية في أحد المسائل الزوجية،.. وسرعان ما تنتشر فتواه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يدعمه، وتلك تهاجمه.. وفضائيات تناقشه دون أن يكلف أحدهم نفسه ويراجع عقود الزواج المعمول بها فعليًا والتي يتحايل على بنودها البعض، فلا يستخدم حقه المكفول بموجب  القانون والشرع .. وعندما يأتي الفأس في الرأس ويدب الخلاف بين طرفي الزواج، يدخل كلاهما في وصلة صراخ على ما فات وولى من شروط خاصة تجاوز عن الاتفاق عليها في عقد الزواج المبرم، رغم أنها مذكورة بنص المادة 33من لائحة المأذونين،.. ولو سألته عن سبب شطبها أجاب "أحنا حنتخانق ولا حنتجوز!"..

أقول هذا الكلام بمناسبة الضجة الفيسبوكية على مبادرة تهدف للحد من الطلاق وذلك بعقد آخر موقع بجانب عقد الزواج الشرعي يتضمن ما يحتاجه طرفا العلاقة من شروط ومتطلبات كرفض الزوج عمل زوجته أول 3سنوات على سبيل المثال أو رفض الزوجة زواج شريك حياتها من أخرى، على حد قول صاحب المبادرة!.. 
والعجيب أن كل ما جاء في مبادرته وأكثر موجود بالفعل في عقود الزواج الحالية.. أي أن المشكلة تكمن في الناس وليس القانون ..

فكم من أزواج وزوجات نشأت بينهما خلافات لا تعد ولا تحصى جراء إخفاء أحدهما مرض يعرقل الإنجاب، أو الاستمتاع بعلاقة زوجية صحية،.. ولو سألت الطرف المتضرر عن سر عدم معرفته بحالة الأخر الصحية رغم الفحص الطبي الذي اشترطه القانون 126لسنة 2008 لإبرام عقد الزواج أجاب "للأسف أجريناه صوريا"!..

وكم من رجال ونساء وعد كل منهما بما لا يناسبه، وبين حنايا قلبه أمل ورجاء أن وجودهما تحت سقف واحد كفيل بتغير الأخر كما يريد،.. وبكل ما أوتي من رغبات غرامية مكبوتة شطب بقلم جاف على كل شرط يضمن حقه في التمتع بعيشة سوية، مثل من تكون له ملكية المنقولات الزوجية، عدم اقتران الزوج بأخرى إلا بإذن كتابي من الزوجة، تفويض الزوجة في تطليق نفسها، من له حق الانتفاع وحده بمنزل الزوجية حال الطلاق أو الوفاة، رصد مبلغ مقطوع أو راتب شهري إذا طلق الزوج زوجته دون رضاها.. وغيرهم من الاتفاقات والتي لا تحرم حلالًا ولا تحل حرامًا في المكان المعد لذلك بوثيقة الزواج !.. 

وبعد كل ما نصت عليه عقود الزواج الحالية من شروط ضامنة للسعادة الزوجية،.. أليس ما يقال من اقتراحات ومبادرات لتغير وثائق الزواج ليس له جدوى، ولا أهمية تذكر، لأنه ببساطة نقاش لا داعي له وليس له محل من الإعراب !.. 

يا سادة نحن لسنا بحاجة لوثيقة زوجية أخرى، فما نحتاجه حقًا نية صافية معقودة على حياة مبنية على الرحمة، المودة، العطاء المتبادل.. نريد رجال ونساء بارتباطهم تتغير الأقدار إلى الأحلى.. أزواج يتسمون بالنبل، الشهامة، الإخلاص.. وزوجات يجدن لغة العواطف، الحب، والاحتواء..     

ما نريده لنجاح العلاقة الزوجية لا يمكن لمشرع أن يفرضه ولا قانون يضمنه، ولا حتى أموال توفره.. فالمبادئ العشقية والأخلاق الغرامية لا تباع ولا تشترى.. لأنها تتلخص في عبارتين وهما، إماطة الأذى العاطفي، وستر أمانة القلوب.. فلو وجد أحدكما طرف يمتلك تلك العبارتين حظي بنعيم الفرحة، ونال أجمل زيجة في الكون..

اللهم أوعد كل طالب للحلال برجال ونساء يطمئنوا، يحنوا، يسندوا، جاءوا ليبقوا إلى الأبد ويكونوا دومًا نعم السند..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط