EN 
منذ بداية شهر مايو الماضي، شعر الأطباء في الهند بالذعر عقب زيادة حالات العدوى بـ "الفطر الأسود" أو فطر الغشاء المخاطي، وهي عدوى نادرة تقتل الآلاف معظمهم من مصابي فيروس كورونا ، وكان آخرهم في مصر، الفنان الراحل سمير غانم الذي توفي بهذا الفطر.
تحدث عدوى الفطر الأسود" بسبب عفن موجود في التربة والمواد العضوية المتحللة مثل الأوراق المتعفنة، حسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وحسب التقارير، يصاب الشخص بداء الفطريات الذي توجد منه أنواع عدة، عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية "الأبواغ" التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التي تحتوي على مياه قذرة.
- مدى خطورة الفطر الأسود ؟
يجب اكتشاف الإصابة بـ الفطر الاسود مبكرا، نظرا لأنها عدوانية، حيث يحتاج العلاج لكشط الأنسجة الميتة وإزالتها، ويضطر الجراحون أحياناً إلى إزالة أنف المرضى أو عيونهم أو حتى فكهم لمنع الفطر من الوصول إلى الدماغ.
وقالت المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن متوسط معدل الوفيات بالعدو يبلغ 54%، وبمجرد الإصابة بالفطر الأسود، يكون المريض معرضاً للموت في غضون أيام.
ورغم ذلك، فإن "الفطر الأسود" ليس معديا، كما تتعامل الهند عادة مع بضع عشرات من حالات الإصابة بالفطر الأسود سنويا، لكن في الأسابيع الماضية، أبلغت الهند عن الآلاف من حالات الإصابة بـ"الفطر الأسود" في جميع أنحاء البلاد، وتم نقل المئات إلى المستشفيات فيما توفي 90 شخصا على الأقل، وأعلنت ولايتان بأنه "وباء"، فيما جعلته الحكومة المركزية مرضا يمكن الإبلاغ عنه.
وفي الغالب، تصد دفاعات الجسم الفطريات التي تؤثر فقط على من يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة، مثل المرضى الذين أجريت لهم عملية زرع أو مرضى السرطان.
ويؤثر "الفطر الأسود" بشكل شائع على الجيوب الأنفية أو الرئتين بعد أن يستنشق الشخص جراثيم فطرية من الهواء، كما أنه يمكن أن يؤثر على الجلد بعد التعرض لإصابة سطحية مثل جرح أو حرق.
أما أعراض الفطر الأسود فتعتمد على مكان نموه في الجسم، لكن يمكن أن تشمل تورم الوجه والحمى وتقرحات الجلد والآفات السوداء في الفم.
- كيف يشكل خطرا على مصابي كورونا؟
عند الإصابة بفيروس كورونا أو أمراض أخرى، يمكن أن تحدث ظاهرة خطيرة تسمى "عاصفة السيتوكين" بسبب إفراط جهاز الجسم المناعي في رد فعله لمحاربة الفيروس عبر إفراز كمية كبيرة من السيتوكين، الأمر الذي يتسبب في تلف الأعضاء.
ولهذا السبب كان الأطباء يصفون المنشطات "ستيرويد" لتقليل الاستجابة المناعية، لكن كلاهما يضعف دفاعات الجسم ويزيد من مستويات السكر، مما يؤدي إلى نمو الفطريات التي تتغذى عليه.
وقالت وزارة الصحة الهندية يوم 14 مايو الجاري إن المرض "يبدأ في الظهور على شكل عدوى جلدية في الجيوب الهوائية الموجودة خلف الجبهة والأنف وعظام الخدود وبين العينين والأسنان، بعد ذلك ينتشر في العينين والرئتين ويمكن أن ينتشر فى الدماغ".
وأوضحت الهند أن الفطر الأسود يؤدي إلى اسوداد أو تغير في لون الأنف، وعدم وضوح الرؤية أو ازدواجها وألم في الصدر، وكذلك صعوبات في التنفس وسعال في الدم.
وحول سبب تسميته بالفطر الأسود، قال الدكتور هيمانت ثاكر، الطبيب الاستشاري وأخصائي استقلاب القلب في مستشفى براش كاندي في مومباي إن "إحدى الطرق التي ينتقل بها داء الغشاء المخاطي هي غزوه للأوعية الدموية.. فهو يضر الدورة الدموية حتى آخر عضو في الجسم.. وبالتالي ينتج ما يسمى بالنخر أو موت الأنسجة والتي تصبح سوداء اللون بعد ذلك، ومن ثم يطلق عليه اسم الفطر الأسود".
وأشار إلى أنه في الحالات الشديدة ، تنتقل العدوى عبر الأوعية الدموية إلى المخ، ما قد يؤدي إلى فقدان البصر أو إحداث "فجوة" في الوجه، وإذا لم يتم السيطرة عليه ولم يتم علاجه ، يمكن أن يسبب معدل وفيات من 20% إلى 50%.
كما يقول البروفيسور سريناث ريدي من مؤسسة الصحة العامة الهندية لوكالة فرانس برس "بدأ الناس في استخدامها دون ضوابط وعلى نحو مفرط وغير مناسب".
وبحسب صحيفة "هندوستان تايمز" ناك ما لا يقل عن 7250 حالة إصابة بـ"الفطر الأسود" في الهند حاليا، حيث أبلغت ولاية ماهاراشترا وحدها عن أكثر من 2000 حالة.
فيما أعلنت 9 ولايات هندية على الأقل أن العدوى تحولت لديها إلى وباء، وخصصت المستشفيات في عدة مدن أجنحة خاصة لهؤلاء المرضى.
وزاد الحديث عن الفطر الأسود في مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا، بعدما أعلن شقيق الفنان المصري الكوميدي الراحل، سمير غانم، الجمعة، عن إصابة الفنان بالعدوى الخطيرة في أيامه الأخيرة بالمستشفى.
وتؤكد الهند أن لأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة هم أكثر عرضة لعدوى "الفطر الأسود"، بما في ذلك مصابي فيروس كورونا ومرضى السكري والأشخاص الذين يتناولون المنشطات وأولئك الذين يعانون من أمراض مصاحبة أخرى مثل السرطان أو زرع الأعضاء.
- العلاج من الفطر الأسود؟
يتم علاج الفطر الأسود عبر الأدوية المضادة للفطريات، والتي غالبا ما يتم إعطاؤها عن طريق الوريد، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة.
ومن ضمن الأدوية الأكثر شيوعا لعلاجه "أمفوتيريسين بي"، وهو دواء يستخدم حاليا في الولايات الهندية لمكافحة تفشي المرض، وقد يحتاج المرضى ما يصل إلى 6 أسابيع من الأدوية المضادة للفطريات للتعافي، لأن شفاءهم يعتمد على درجه تشخيصه في وقت مبكر وعلاجه قبل تفاقم الحالة.
وفي كثير من الحالات، يستلزم إجراء جراحة لقطع الأنسجة الميتة أو المصابة، وتقول وزارة الصحة الهندية إنه "في بعض المرضى، قد يؤدي ذلك إلى فقدان الفك العلوي أو حتى العين في بعض الأحيان".
ويتزايد الطلب على عقار "أمفوتيريسين بي" في الهند، لكنه يشهد نقصا في توافره بسبب عدم توقع المستشفيات استقبال عدد كبير من الحالات المصابة بـ"الفطر الأسود".
وفي هذا السياق، تقول أموليا نيدي الناشطة في المجال الصحي إن الحكومة الهندية فشلت في وقت سابق في الاستعداد وتخزين إمدادات كافية من أدوية فيروس كورونا مثل "ريمديسفير" والبلازما، ومع الفطر الأسود كررت الخطأ نفسه.
