الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

200 جنيه

 
دُعيت للعرض الخاص لفيلم ٢٠٠ جنيه كنت فى منتهى السعادة وسأوصف سعادتى  وأنا أتجول فى كل نفس بشرية من خلال تشريحى للأدوار .

إستمتعت بالأداء التمثيلى  وأتوقع لهذا الفيلم النجاح الباهر وأتوقع له أنه سيعاد كثيرا على شاشات التليفزيون المصرى بعد خروجه من دور العرض والمنصات الاليكترونية.
لأنه فيلم مهم دراميا  جسد المواطن المصرى ورحلة معاناته مع لقمة العيش سواء بالحلال أو بالحرام من خلال رحلة حياة أو رحلة عمل ال ٢٠٠ جنية.

هذا الفيلم ستغوص  معه فى بحور النفس البشرية الملخصة فى جملة قرآنية  "فألهمها فجورها وتقواها" .

فترى الأم المصرية صاحبة المعاناة فى طابور المعاشات والتى جسدته القديرة إسعاد يونس والتى أبهرتنا بعودتها وبإلتزامها الشكلى بالدور وخرجت علينا بدون ماكياج أو الماكياج الخفيف الذى يليق بالأم الشعبية فأقنعتنا بملابسها الجلبية البيتى ومن فوقها العباية الشعبى السوداء وربطة الرأس والشعر المشدود أسفلها فلما لا وهى فنانة طبيعية تمتلك قوة جذب غير عادية عرفناها بتلقائيتها فى برامجها وفى أفلامها ما يميز يونس عن الأخريات أنها لا تدعى صاحبة  وعى بالسينما المصرية وتحمل ارث كبير من هموم الصناعة .
وعلى المستوى الإنسانى تقترب منها فتستنشق عبير الأمومة والجدعنة فتراها مبتسمة وتضم بعينتيها الواسعتين كل من حولها بحب وأهم ما يميزها إحترامها لجمهورها .
شهادتى فيها مجروحة لأن عشقها متغلغل بداخلى كالكثيرين من محبيها .
سأترك سطوراً لأتكلم عن طعم الفيلم وهنا إستخدمت كلمة طعم لأنه شبيه بوجبة دسمة بعد طول غياب "طول جوع" وحشتنا السينما "اللى بجد"

وهنا أقصد عظمتك يا مصر  فى فنك السابع الذى يشكل الوعى عند الجماهير ويبنى الثقافة التوعوية المجتمعية  ونعود لريادتنا بعيدا عن أفلام الهلس .
بطل هذا العمل هى ورقة من فئة ال ٢٠٠ جنية من خلال دورة حياتها الإجتماعية 
فهذه الورقة التى خُتمت بختم السيدة عزيزة السيد بالخطأ سرقت منها لتبدأ حكاية ال ٢٠٠جنية التى تدخل كل بيت ويمسكها كل مالك ،  ووراء كل باب هناك قصة بطلها ورقة ب ٢٠٠ جنية وكل قصة بها معاناه إجتماعية خاصة بها .

وأنا أشاهد العمل تذكرت مقولة "أرسطو" عندما وصف فن الأداء بأنه: فن تقليد الطبيعة وهنا فى فيلم ٢٠٠ جنية ذكرونى بوصف أرسطو من شدة وجمال وطبيعية   أداؤهم وهذا يعكس جودة السيناريو الذى كتبه المؤلف أحمد عبدالله .

مؤلف هذا العمل له أعمال مسرحية مميزة وله أعمال سينمائية مثل عبود على الحدود ، كباريه ،غبى منه فيه ، الناظر ، اللمبى ، عسكر فى المعسكر ، يانا يا خالتى ، الفرح  ...الخ
ستجد هذا العمل يلامس معيشة كل منا وهذا سر العمل المميز .
الفيلم إخراج محمد أمين 
ولأن المخرج هو مايسترو العمل فهو يقوم بتفسير السيناريو وبناء المشاهد بشكل إحترافى ليقدم فى النهاية المنتج الذى يبهرنا ومن أعمال محمد أمين على سبيل المثال فيلم ثقافى ،جاءنا البيان التالى ، فبراير الأسود ، ليلة سقوط بغداد ، وبنتين من مصر .

هناك أدوار تميزت بالتلقائية وتقمص روح الدور ومنها :

▪️الفنان أحمد السقا سائق أوبر "كابتن أوبر" وكالعادة لا يخلو دور السقا من الأكشن ولكن هذه المره مختلف ، السقا كان له دور حى كان يرسخ مفهوم الشهامة المصرية فى الوجدان ويحافظ على القيم الإنسانية من خلال مواقف تراجيدية وأخرى كوميدية فأسلوب توصيل السقا لرسالته كان أسلوب السهل الممتنع .

▪️الفنانة ليلى علوى التى جسدت دور لبيسة النجمة جاء أداؤها طبيعيا ويحسب لها الظهور بمكياج خفيف ولكن أداؤها العالى جدا منذ بداية مشاهدها صدمنى فى مشهد  موت زوجها كنت أتوقع منها أن توظف الكلمة والصوت لتعطينى دلالة المشهد فمرحلة الصمت عادة فى الموت تأتى بعد تصديق العقل للموقف وهى مرحلة لاحقة كمرحلة بعد الدفن التى  أبدعت فى أداؤها وجاء صمتها موظفا وممهدا لمشهد سرقة السعدنى لها .

▪️الفنان خالد الصاوى قام بدور الأب المتعثر هذا الدور من علامات السيناريو لأنه يلخص الواقع المرير بين الفلسفة الاجتماعية للغنى والفقير فهو صراع بين طبقتين  فجاء حوار النفس بين البيه المتعثر والشغالة التى جسدت دورها الفنانة نيرمين زعزع حوارا فى منتهى البلاغة العقلية الصاوى جسد الدور بإبداع فتخرج متشبع بأداء عبقرى وما قيل فى هذا المشهد يلخص حالة التنمر السائدة على السوشيال ميديا منذ فترة .

▪️الفنان أحمد السعدنى الذى تقمص الشخصية بمهاره فكان أداؤه محاكاة للواقع وجسد الملامح الخارجية لسواق التوكتوك ببراعة  فلا تجد نفسك إلا كاره له بشعره وبملابسه الشعبية الذى يكملان الأداء التمثيلى الذى يتوجه به ليؤثر بمتلقى العرض فهو يمتلك مفاتيح الشخصية بإحترافية والمخرج أجاد توظيف إمكانياته .


▪️الفنان أحمد أدم كان أداؤه مميز ومختلف إستمتعت جدا بالأداء وهو دور مميز ترك بصمه  فيه فهو صاحب عمارة بخيل وعلاقاته مشبوهه الدور جديد عليه جدا وأداؤه مزج بكوميديا طبيعية من قلب المشاهد غير مبتذله وكانت نهايته نهاية طبيعية لحرصه وبخله وأخلاقه الغير شريفة .

▪️الفنان أحمد رزق جاءت دخلته كمدير أوصاحب شركة وفجأة يمسك بطبلته ويدرس درس الفلسفة كموضة مدرسين السوشيال ميديا مدرسين الشهرة ، دوره مميز جدا فهو يجعلك تقع حائرا ما بين المدرس المستغل وبين الأب المطحون الذى يحرق نفسه فى عمله كى يوفر مستلزمات بيته وأولاده .

▪️الفنان هانى رمزى أبهرنى أداؤه التراجيدى جدا فلن تتوقعوه أداء إحترافى لم يقدمه من قبل فهى نقله فى أداؤه الدرامى تحسب فى تاريخه الفنى فقد حان الوقت يا رمزى لتجسيد أدوار تراجيديا فهى تليق بك لقد رسم صورة ذهنية حقيقية للأب المصرى المطحون الذى تضعه ظروفه بين حبه لإبنته وإمكانياته المتواضعة ودوره من الأدوار المميزه جدا وجديد عليه ويستحق جائزة ولى عتاب صغير عليه كنت أتوقع منه أن يعطى الملابس حقها كما اعطى الأداء الحركى واللفظى حقه "فقميصه الكروهات ومن تحته التيشرت الأبيض" لا يشبه لبس العتبة فألوانه البراقه تظهر أنه جديد فيشبه هانى رمزى ولا يشبه عامل يعمل ببنزينة مواطن كادح مطحون ، فى هذه اللحظه شعرت أن هانى أعلى من مستوى الدور فى ملابسه خصىوصا وهو يقول لإبنته : "ومالها هدومنا ما احنا بنلبس من العتبه أهو".

▪️الفنانة غادة عادل قامت بدور راقصة درجة عشرة تحب إبنها وتتمنى أن يصبح طبيبا أو مهندسا ولا يدخل "كارها" غادة عادل تتميز فى أدوار الأمومة جدا ربما لأنها فى الواقع أم مع مرتبة الشرف  فتجسيدها معاناة هذه الأم أعطانى  البعد الإنسانى وتأثرت بأداؤها .

▪️الفنان محمود حافظ برغم أن نجوميته جائت متأخره إلا أنه يترك بصمه مميزه فى كل عمل يقوم بتجسيده فهو يعطى الدور توازن بين الدلالات الشكلية البصرية وبين الصورة الذهنية التى يرسمها عند المتلقى وسأعتبر أن جاكيت "أديداس" الذى كان يلبسه السواق غير أصلى وتقليد فيجب أن يكون قديما ولن أعيد الكلام مره أخرى كما ذكرته من قبل لكن الدور لم يختلف كثيرا عن أدواره السابقة .

▪️الفنان طارق عبدالعزيز رأيت فيه كثيرون من نجوم التليفزيون الذين أعرفهم فهم أمام الكاميرات فى منتهى النبل والأخلاق والمثالية وخارج الكاميرات تظهر حقيقتهم يعلمون أنهم يبيعون الكلام الرنان فقط والماده تتحكم فى أخلاقهم تجسيده للدور كان مميزا .

▪️ مى سليم بارعه وتجسد دور الزوجة اللعوب بإتقان ولكن المخرجين يحصروها فى هذا القالب وهى تجتهد وتبذل مجهود ولكن التكرار لا يصنع تميزا مكياجها جاء مبالغ فيه على دور فتاه شعبية مع شعرها مشهدها الأخير كان أكثر من رائع وكان نهاية طبيعية للأحداث .

▪️ دينا فؤاد دورها زوجه تنتقد عدم وجود زوجها فى حياة أولاده الدور تقليدى لم أجد فيه خطوط درامية واضحة برغم أناقة دينا وجمالها وشياكتها  إجتهدت فى أداء دورها ولكنه ليس جديدا عليها ومكرر .

▪️الفنان عيد سليمان إجتهد جدا فى دوره فى البداية تجده بوابا عاديا ولكن هناك مشهدين أثروا وعلوا من أهمية هذا الدور مشهد لومه لصاحب العماره وهو يطرد الساكنه وزوجها على الفراش متوفى والمشهد  الثانى عندما تركها فى الطريق ، المشاهد جاءت مليئة بالتراجيديا ولكنها صنعت مشاهد قوية .

▪️الفنانة ملك قورة جسدت معاناة طالبات الكليات الغير قادراتعلى مصاريف الملازم  المتعففات تعاطفت معها فهى تقمصت الدور وقامت بمحاكاة الواقع المرير .
▪️الفنانه صابرين جاء دورها مخيب للتوقعات  دور ضعيف جدا .
شكرا للشركة المنتجة على هذا العمل الفنى الراقى .
 وكلمة أخيرة سأقولها لصناع الدراما جمهور أمس ليس كجمهور اليوم فمثلما أصبح طفل الأمس مختلف كليا عن طفل اليوم لما شمله من تغيرات فى التكنولوجيا الرقمية وتغيرات بصرية وسمعية ايضا جمهور اليوم يرى ويسمع ويتابع  ويتطور تذوقه وحسه الفنى فلا تمر عليه صغائر الأشياء وفقتم ودام الفن المصرى الأصيل صانع الوعى لدى المجتمع المصرى الذى يليق بالجمهورية الجديدة .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط