الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المغامرات الأمريكية

منذ أن استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية حسم الحرب العالمية الثانية باستخدام القنابل الذرية وهي لم تحقق نجاحًا يذكر في أيٍ من المغامرات التي خاضتها خارج حدودها

ففي حرب فيتنام التي دخلتها تدريجيًا منذ عام 1955 حتى انخرطت فيها، خرجت منها خاسرة ما يقارب الستين ألفًا من عسكرييها ومئات الآلاف من الجرحى مضطرة للانسحاب عام 1975 رغم تعاقب خمسة من الرؤساء الأمريكيين على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية أثناء هذه الحرب وهم ايزنهاور وكينيدي وجونسون ونيكسون وجيرالد فورد، وبرغم أن أسباب دخول أمريكا تلك الحرب كانت الحدّ من المدّ الشيوعي في تلك المنطقة عن طريق دعم فيتنام الجنوبية لمواجهة تلك الشمالية المدعومة من الاتحاد السوفيتي والصين الممثلين للقوى الشيوعية في ذلك الوقت، إلا أن الحرب مع استمرارها قرابة العشرين عامًا كانت قد انتهت بذلك الانسحاب للقوات الأمريكية وضمّ فيتنام الجنوبية إلى الشمالية المنتصرة، وإعلان فيتنام الاشتراكية الموحدة!

لم يستفد المغامر الأمريكي من تلك التجربة المريرة التي يعرفها الأمريكيون جيدًا، رغم ما ظهر من آثارها في اتخاذ القرار بالتصدي للغزو العراقي للكويت عام 1990 وتجنب أمريكا مواجهة العراق وحدها وإنما عملت على بناء تحالف مكون من ثمانية وعشرين دولة لمواجهة القوات العراقية التي اجتاحت الكويت لتحريرها، مع عدم دخول قوات برية للأراضي العراقية آنذاك.

لكن الأمر كان قد اختلف في غزو أفغانستان عام 2001 بعد أحداث سبتمبر الأليمة والتي راح ضحية انهيار برجيّ مركز التجارة العالمي بنيويورك فيها ما يربو على أربعة آلاف من الضحايا، بعدما اصطدمت بهما طائرات مدنية يقودها إرهابيون منتمون لتنظيم القاعدة، حينها قرر الرئيس جورج بوش الإبن حشد الدول للهجوم على أفغانستان كما فعل أبوه بوش الأب تجاه العراق، وبالفعل دخلت الولايات المتحدة إلى أفغانستان لمحاربة الإرهاب الذي كانت ترعاه طالبان ولتغيير النظام هناك إلى آخر ديمقراطي

ولما كانت القوة الأمريكية المستخدمة مع دعم حلفائها الدوليين مفرطة، استطاعت تغيير شكل الوضع على الأرض سريعًا في أفغانستان مما جعل القيادة السياسية والعسكرية الأمريكية تتناسى الدرس الفيتنامي القاسي وتكرر تجربة أفغانستان في العراق للمرة الثانية مستعرضة قوتها العسكرية الغاشمة تجاه دولة منهكة من الحرب مع جارتها إيران ومحاصرة لسنوات بدعوى امتلاكها لتكنولوجيا الأسلحة النووية التي ثبت لاحقًا عدم صحتها
وفي هذه المرة أقدمت  الولايات المتحدة على احتلال العراق ودخلت قوات المارينز العاصمة بغداد في مشهد هوليوودي مدهش، في خلفيته جعجعة وزير إعلام النظام العراقي حينها محمد سعيد الصحّاف وهو يستدعي من التاريخ أوصافًا مضحكة وغريبة للجنود والعسكريين الأمريكيين، ويؤكد على قدرة نشامى الجيش العراقي على دحر المعتدين!

وبعد مرور قرابة العشرين عامًا على تلك الأحداث، ينتهي الوضع على ما انتهى عليه عام 1975 في فيتنام!

فتنسحب القوات الأمريكية بشكل غريب و هوليوودي أيضًا من العاصمة كابول والعالم كله يشاهد تطاير أولئك الأفغان العالقين في أجنحة وهياكل الطائرات الحربية الأمريكية، وتعود طالبان للحكم أكثر قوة وتنظيمًا من قبل وكأن شيئًا لم يحدث في العقدين الماضيين

كما تخرج أمريكا من العراق بعد تلك الأعداد التي خلّفتها من القتلى والجرحى والمعاناة التي يعاني منها الشعب العراقي بعد زرع الفتنة الطائفية والعرقية بين أفراده، وتفريخ ما يعرف بتنظيم الدولة (داعش) الذي ينتشر كالخلايا السرطانية في أرجاء المنطقة والعالم

والآن ماذا حققت الولايات المتحدة من تلك المغامرات الخارجية في فيتنام وأفغانستان والعراق؟
هل حققت مكاسب سياسية واستراتيجية؟ 
هل حققت مكاسب توسعية وفرض للنفوذ الأمريكي؟
هل استطاعت حماية أمن أمريكا ومواطنيها في الداخل والخارج؟، وكم كانت التكلفة من الأرواح التي أزهقت والأموال التي أنفقت؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط