الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عرب كريم تودع 7 من زينة شبابها.. روايات الموت لضحايا ميكروباص الدائري الأوسطي

صدى البلد

بجلبابه الصعيدي المعتاد وابتسامته المعهودة للجميع خرج عبد الله طاهر يونس، ليقود سيارته في رحلته المعتادة من دلجا الى الاسكندرية يرافقه نجل عمه وعدد آخر من شباب القرية.

سائق الميكروباص المنكوب بحادث الطريق الدائري الاوسطي الشهير بـ "ابو خالد" انهى تحميل الركاب الذي يعرف اغلبهم بحكم الجيرة والمصاهرة والقرابة، وبدأ رحلته على الطريق المتجه إلى قرية عرب ابو كريم في مركز ديروط بأسيوط مرورا بعدة محافظات ينتمي اليها باقي الضحايا.. بعد رحلة ليست بالقصيرة اقترب من نزلة الفيوم كان حينها أحد مرافقيه يتحدث لوالده في الهاتف يخبره بعودته في الطريق قائلا: انا جاي في عربية ابو خالد قبل أن تنطلق الصرخات وتقع الكارثة بدهس التريلا لهم.

7 ضحايا من قرية واحدة.. الميكروباص “اتعجن بيهم”

 
من داخل قرية عرب كريم بمركز ديروط بمحافظة أسيوط، كانت المأساة الأكبر بمصرع 7 من أبناء القرية في الحادث المأسوي.

شقيق أحمد عبد التواب أحد الضحايا انتابته حالة من الحزن الشديد عندما روى أن شقيقه البالغ من العمر 33 عاما كان يعمل مزارعا بأحد المزارع ويغيب بالشهور من أجل "لقمة العيش" وتوفير الاحتياجات الضرورية لأسرته، مضيفا: أخويا ساب 4 أطفال وزوجة، أكبر أطفاله يبلغ 6 سنوات، والأصغر سنة واحدة، ويعيش بمنزل بسيط من الطوب اللبن، وعلمنا بالحادث عن طريق مكالمة هاتفية، ونعيش حالة من الحزن والأسى منذ معرفتنا بالخبر مرددا: مين هايراعي الصغار دول. 

 

الضحايا عمال باليومية في وادي النطرون

 

"محمد عادل"، من أهالي الضحايا وزميلهم، قال إن الشباب الذي لقوا مصرعهم تجمع بينهم علاقات قرابة ونسب، مشيرًا إلى أن الـ 19 جميعهم كانوا عمال باليومية في أحد المواقع بوادي النطرون.
وأضاف: "كنت لسه جاي من البلد، والرجالة اللي ماتوا كانوا راجعين يقضوا إجازة من الشقا كام يوم يقعدوه بين أهاليهم وعيالهم، لكن أمر الله نفد وماتوا في الطريق".


وتابع: "ركبوا ميكروباص ومشيوا بعد الضهر، وإحنا كملنا يومنا عادي في الشغل، بعدها جالنا تليفونات كتير بتقول ألحقوا قرايبكم عملوا حادثة في الطريق، جرينا على طول من الموقع، وركبنا لما وصلنا مكان الحادثة قلبي اتقبض من مشهد الميكروباص اللي اتعجن باللي فيه، من غير ما نسأل حد حسينا إن الكل مات، جرينا على المستشفى وعرفنا هناك إن كل الحابيب راحوا، محدش من اللي في العربية عاش".

 

من بين الضحايا أيضا الشقيقان سيد وعبد الغفار خميس سيد جمعة، كانا سويا في ميكروباص الموت، يضحكان و يتهامسان ويتناولان سويا أطراف الحديث حتى حانت اللحظة، وكتب القدر كلمته بوفاتهما سويا واختلاط دمائهما معا أحياء وأموات.
 

 

 لحظات ما قبل الفراق

استقل السائق عبد الله طاهر يونس الشهير ب "أبو خالد" سيارته الأجرة بابتسامته ولهجته الصعيدية المعهودة قادما من الإسكندرية إلى أسيوط، فهو مشهور بالآية القرآنية التي تزين خلفية سيارته "فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين" والتي تصادف أنها ذات الآية التي تزين واجهة التريلا التي دهستهم جميعا. 
قبيل الغروب بنحو ساعة ونصف الساعة وقبل وصول السيارة الميكروباص إلى نزلة الفيوم ويدور حوار هادئ وطريف بين مستقليها ظهرت من العدم سيارة نقل "تريلا".. ثوان معدودة انتبه خلالها الركاب لما يحدث وتعالت صرخاتهم: حاسب يا عبد الله حاسب يا أسطى النقل في وشك، لكن عم الصمت وعلت أصوات الارتطام فوق الصرخات وتسيل الدماء على الطريق. مفاجأة أصابت كل قائدي وركاب السيارات القادمين في الخلف والاتجاه المعاكس منهم من توقف ليحمد الله على نجاته ومنهم من أسرع في محاولات لإنقاذ الركاب إلا إنها جميعا باءت بالفشل لاختفاء الأجساد خلف كومة من الحديد وعادت أصوات "سارينة" الشرطة والاسعاف لتملأ المكان مرة أخرى.

ويقول والد "يونس" ابن عم قائد السيارة الميكروباص، انه فقد ابن شقيقه "عبد الله" أيضًا واضاف: "اللي عرفناه من الناس إن فيه مقطورة دخلت عليهم من الاتجاه الثاني فرمت العربية باللي فيها، محدش مصدق اللي حصل وإن كل الرجالة دي تروح في غمضة عين 19 شاب زي الورد.