الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إماما الحرمين الشريفين : الله يبدأ النعمة قبل الاستحقاق .. الصبر على الابتلاء يقين بالخالق .. وهذا وعد الله

المسجد الحرام
المسجد الحرام
  • إمام الحرم المكي: الله يغني السائل ويكفي العائل ويبدأ النعمةَ قبل الاستحقاق
  • خطيب المسجد النبوي: ما من شدّةٍ إلا ويعقبها فرجٌ ورخاء
  • الله لا تُحجَبُ عنه دعوة ولا تَخِيبُ لديه طِلبة.. ولا يَضِلُّ عنده سَعي

أدى إماما الحرمين الشريفين، ظهر اليوم الجمعة، موضوع خطبة الجمعة من ساحة المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، حيث أكدا على ضرورة أن يعلم الإنسان حكمة الخالق جل وعلا في تأخير إجابة الدعاء، وأن الصبر على الابتلاء جزء من اليقين بأنه يعقب كل غمة فرج.

يَبدأُ النِّعمةَ قبل الاستحقاق

أكد الدكتور بندر بليلة إمام وخطيب المسجد الحرام، أن شَرَفُ العِلمِ في شَرَفِ المعلوم، وأشرفُ العُلومِ وأجَلُّها: العلمُ بالله تعالى، مبينا أن الله هو المعبُود، الربُّ المشكُورُ المحمود، الملِكُ المعظَّمُ المقدَّس، الحيُّ القيوم، ذو الجلالِ والإكرام، والأُلوهيةِ والعُبوديةِ على خَلْقه أجمعين.

وقال "بليلة" في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في الحرم المكي الشريف: الله هو الأولُ بلا ابتداءْ، الآخِرُ بلا انتهاءْ، جلَّ عن مِثل ومَثَلٍ ومِثال، وتعالى عن حُكمِ فِكرٍ وخَيال ، لا تَبلُغُه الأوهام، ولا تُدرِكُه الأفهام، ولا يُشبِهُ الأنام في الحديث: (سُبحانك لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك) أخرجه مسلم ، كما أنه سبحانه وتعالى المستحِقُّ لصِفاتِ الكمال، المنعُوتُ بنُعُوت الجَلال، تَأْلَهُهُ الخلائقُ تعظيمًا وخُشوعا، وخوفًا وخُضُوعا ، سبَّحَتْ لِعظمتِه الأفلاك، وخَرَّتْ لمُلكِهِ الأملاك ، لهُ نُصَلي ونسجُد، وإليه نَسعى ونَحْفِد، وإياهُ نُوحِّدُ ونَعبُد ، تهفُو له القُلوب، وتَسكُن إليه النفوس، وتَلْتَذُّ بمعرفتِه العُقول، وتَفتقِرُ إليه المخلوقاتُ بأَسْرِها؛ كيف لا؟ وهو مُنْشِئُها وباريها، ومُعيدُها ومُبديها.

الله يغني السائل

وبين إمام الحرم المكي أن الله يُغني السائل، ويَكفي العائل، يَبدأُ النِّعمةَ قبل الاستحقاق، ويَجُود بالإحسانِ من غير استثابة، لا تُحجَبُ عنه دعوة، ولا تَخِيبُ لديه طِلبة، ولا يَضِلُّ عنده سَعي، هو القريب في عُلُوِّه، العَلِيُّ في دُنُوِّه، إذا ناديتَه سَمِعَ نِداك، وإذا ناجيتَه عَلِمَ نَجواك، فأفْضَيتَ له بحاجَتِك، وأبْثَثْتَه ذاتَ نَفْسِك، وشكوتَ إليه هُمُومَك، واستكشفتَه كُرُوبَك، واستَعَنْتَه على أمورِك، وسألْتَه من خزائن رحمتِه ما لا يَقدِرُ على إعطائه غيرُه، من زيادةِ الأعمار، وصحةِ الأبدان، وسَعَةِ الأرزاق، وفَتحِ الأغلاق.

وأفاد الدكتور بندر بليلة، أن الله عز وجل جعل في يدك مفاتيحَ خزائِنِه بما أَذِن لك من مَسألتِه، فمتى شِئتَ استفتحتَ بالدعاء أبوابَ نعمتِه، واستَمْطرتَ شآبيبَ رحمتِه، فلا يُقنِّطُكَ إبطاءُ إجابتِه؛ فإنَّ العطيةَ على قَدْر النية، ورُبما أُخِّرَت الإجابةُ ليكون ذلك أعظمَ لأجرِ السائل، وأَجْزَلَ لعطاءِ الآمِلْ، فَتح لك بابَ المَتاب، وهَداك لسبيلِ الاستعتاب، ولم يَجعلْ بينه وبينك مَن يَحجِبُك عنه، ولم يُلْجِئكَ إلى مَن يشفعُ لك إليه، ولم يمنعْكَ إن أسأتَ من التوبة، ولم يُعاجِلْك بالنقمة، ولم يُعيِّرْك بالإنابةِ ولم يفضحْك ، جَعلَ نُزُوعَك عن الذنب حسنة، وعَدَّ سيئتَكَ واحدة، وعدَّ حَسَنتَكَ عَشرا.

وأوضح إمام الحرم المكي، أن العبدَ إذا عَلِمَ ما لمولاه من صِفاتِ الكمال والجلالْ، ودلائلِ العَظَمةِ والجمالْ، وشَواهِدِ الإنعامِ والإفضالْ: أحَبَّهُ محبةً عظيمةً تَفُوقُ محبةَ النفسِ والأهلِ والولد، وتلك مرتبةٌ عُظمى، ومنزلةٌ كُبرى 

 

واستدل بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وَجدَ حلاوةَ الإيمان: أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحَبَّ إليه مِمَّا سِواهُما، وأن يُحِبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلا لله، وأن يَكرهَ أن يعودَ في الكفر كما يَكرهُ أن يُقذَفَ في النار» أخرجه البخاريُّ ومسلم، واللفظُ للبخاري. 

 

وأردف: ومن لَوازِم حُبِّ العبد لربِّه تعالى: عبادتُهُ وحدَه لاشريك له، والإخلاصُ له، وفِعلُ أوامِرِه، وتَرْكُ زَواجِرِه. ومنها: إدامةُ ذِكره عزوجل؛ لأن من أَحَبَّ شيئًا أكْثَرَ مِن ذِكرِه، وفي الحديث القُدسي: يقول اللهُ تعالى: (وأنا معه إذا ذَكَرني) أخرجه البخاريُّ ومسلم.

فضل الصبر

أكد الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي، فضل الصبر وأثره على النفوس، وما يناله المؤمن عند صبره ويقينه برحمة الله ولطفه من أجر وتكفير للخطايا، ورفعة في الدرجات، والفرج والتيسير من اللطيف الخبير.

وبدأ "آل الشيخ" خطبة الجمعة مستدلاً بآيتين عظيمتين من كلام ربنا جل وعلا تقود إلى الثبات عند الشدائد، وتبعثُ في النفوس الفأل والرجاء عند الملمات والمصائب، وما في اليقين بمعناهما من دواء نافعٌ تفرحُ به النفوس المؤمنة، وتنشرح عنده الصدور فترتقبُ اليسر بعد العسر، والفرج بعد الكرب، فلا اليأس يدخل في قلب استنار بهديهما، ولا قنوط يخيم على نفوس من عمل بمنهجهما، انهما قول تعالى : " فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا".

وأوضح خطيب الحرم المدني أن في هاتين الآيتين وعدٌ ممن بيدهِ مقاليدُ الأرض والسماء بأنه ما من شدّةٍ إلا ويعقبها فرجٌ ورخاء، وما من عسرٍ إلا ويغلبه يسر من المولى جل وعلا، إنه وعدٌ من الله لعبدهِ المؤمن أن من التجأ إليه بتوحيد خالص، وتضرّعٌ صادقٌ جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل عسر يسراً ومن كل ضيق مخرجاً.

حال المؤمن كله خير

وأفاد أن في ذلك وعدٌ حقٌ من اللطيف البر الرحيم المحسن الكافي الشافي أن من ذلّ لعظمتهِ، وانكسر لعزّتهِ، وخضع لكبريائهِ، وخشع قلبه لربه، وانقادت جوارحهُ لأوامره، كفاهُ ما أهمّهُ، ودفع عنه كل الهموم والغموم والأنكاد والحسرات، فمن أيقن بمدلول هاتين الآيتين صفا قلبه، وزكت نفسه، وانشرح صدره، وعظُم أمله ورجاءه، وحينئذ فلن يتخلف عنه الفرج والتيسر البته.

ودعا الشيخ حسين آل الشيخ إلى وجوب تعظيم حسن الظن بالله جل وعلا واليقين برحمته ولطفه وتيسيره، موصياً بالصبر عند الشدة صبراً جميلاً لا جزع معه ولا شكوى ولا يأس ولا قنوط، واللجوء إلى المولى عزّ وجل، والتضرّع والتذلل والتقرب منه سبحانه فهو القوي القادر اللطيف المجيب بيده كل عون وفلاح، فمن راقب الله نجا، ومن صدق معه سبحانه انكشفت عنه كل بلوى.

وختم الخطبة مبيناً أن حال المؤمن كله إلى خير، فمع وعد الله الكريم لعباده بكشف الضراء وتيسير العسير، فالعبد المسلم في كل حالاته ما يصيبه من عسرٍ ومشقةٍ وشدةٍ، يكفِّرُ الله بها خطايا عباده وذنوبهم، ومن صبر واحتسب أُجر وأُثيب على صبره، مورداً الحديث الذي رواه أَبي سعيد وأَبي هريرة -رضي اللَّه عْنهَما- أن النّبي صلى الله عليه وسلم قَال : " َما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولاَ سقم ولاَ حزن حتّى الهم يهمه إلاّ كفّر اللَّه بها من سيئاته".