الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عام على هجوم الكونجرس.. وصمة العار الباقية من إرث ترامب.. تبريرات الجمهوريين تثير القلق.. ودعوات لمراجعة دور وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي

اقتحام الكونجرس 6
اقتحام الكونجرس 6 يناير 2021

في مثل هذا اليوم، السادس من يناير 2021، اقتحمت جموع من أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مقر الكونجرس في أثناء جلسة التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أثمرت فوز جو بايدن.

شكلت الواقعة جرحًا غائرًا في جبين الديمقراطية الأمريكية؛ فبالنسبة لأمة حديثة الولادة نسبيًا كالولايات المتحدة، لا يمكن ببساطة محو حادثة كهذه، تعرضت قلعة الديمقراطية خلالها لانقضاض الألوف من الغوغائيين، من الذاكرة.

بحسب إذاعة "دويتشه فيله" الألمانية، فعلى مدار قرنين من الزمن، مَثل تصديق الكونجرس الأمريكي على نتائج الانتخابات الرئاسية مجرد إجراء روتيني، بيد أنه في السادس من يناير  2020، مَثل يوم التصديق على فوز جو بايدن لحظة قاسية وصرخة يقظة وحدثا اعتبره مراقبون زلزالا هز جوهر الديمقراطية الأمريكية المتمثل في انتقال السلطة السلس والسلمي من رئيس سيغادر البيت الأبيض إلى رئيس سيحل ضيفا على البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة.

الهجوم

في ذلك الوقت وفيما كان يجتمع المشرعون الأمريكيون داخل الكابيتول أو مبنى الكونجرس للتصديق على فوز بايدن في حينه بالانتخابات الرئاسية، ألقى الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب خطابا حماسيا أمام حشد من أمريكيين وقعوا فريسة لنظرية مؤامرة ساقتها وسائل إعلام يمينية وحركات تروج لهذه النظرية مثل حركة "كيو آنون" أو QAnon وحركة "الأولاد الفخورون" أو Proud Boys اليمينية المتطرفة التي تزعم أن بايدن سرق الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وفي محاولة لوقف "سرقة" الانتخابات على حد قول هذه الحركات وأنصارها، اقتحم حشد من أنصار ترامب مبنى الكونجرس وتسبب في أعمال عنف وفوضى داخل مبنى الكابيتول - رمز الديمقراطية الأمريكية – إذ حاولوا إيقاف إجراءات التصديق على فوز بايدن.

أسفرت أعمال الشغب تلك والمصادمات بين الشرطة وأنصار ترامب إلى مقتل أربعة متظاهرين وضابط شرطة فضلا عن إصابة 140 فردا من الشرطة الأمريكية. وأثار ذلك إدانة جماعية من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على حد سواء. وكان ترامب كان قد زعم أن نتائج الانتخابات الرئاسية فاز بها بايدن كانت بمثابة "الكذبة الكبرى".

وتستعيد سوزان سبولدينج - مديرة مشروع الدفاع عن المؤسسات الديمقراطية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – ما حدث في ذاك اليوم بين أعضاء الحزبين، وقالت "كان هناك شعور بأن هذا السلوك خرج عن نطاق السلوك المقبول. لقد ذهب ترامب بعيدا جدا وتجاوز المعتاد".

الظاهرة الترامبية وسط الجمهوريين

وفيما يتعلق بالحزب الجمهوري، ففي الوقت الذي تعرض فيه ترامب لإجراءات لعزله من منصبه أحبطها الجمهوريون الذين كانوا يشكلون أغلبية آنذاك في مجلس الشيوخ بتبرئة ساحته ليشرع في التحريض على العنف، بدأ الانقسام بين الأصوات الرافضة لنظرية "الكذبة الكبرى" واضحا.

وفي ذلك، قالت سبولدينج "أعتقد أن الجمهوريين رأوا أن ما حدث في الأسابيع والأشهر التي تلت ذلك هو أن ترامب استمر في السيطرة على الحزب الجمهوري"، مضيفة أن ترامب قد هدد السياسيين داخل الحزب ضد محاولات النأي بأنفسهم عنه.

يشار إلى أن التحقيقات لا تزال تجرى مع ترامب والعديد من أعضاء دائرته الخاصة إزاء مزاعم تورطهم في التمرد الذي حدث في السادس من يناير.

بيد أن اللافت وجود قبول لتصرفات ترامب من الكثيرين (داخل الحزب الجمهوري) خاصة في ظل هذا الكم الكبير من المعلومات الخاطئة والأكاذيب المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الرئيسية.

ووفقا لاستطلاع للرأي أجرته جامعة جامعة مونموث العام الماضي، فإن نصف الناخبين من الحزب الجمهوري يعتقدون أن أعمال الشغب التي وقعت في ذاك اليوم كانت احتجاجات مشروعة.

كذلك فإن العديد من الأشخاص الذين جاءوا من جميع أنحاء الولايات المتحدة لحضور تجمع ترامب لم تساورهم أي شكوك حيال الأكاذيب ونظرية المؤامرة الخاصة "بسرقة الانتخابات". وعلى إثر ذلك، واجه البعض منهم عواقب قانونية جراء تصرفاتهم فيما لا يزال البعض الآخر ينتظر المحاكمة.

مسار التحقيقات

أما فيما يتعلق بالتحقيقات، فقد اتهم  مكتب التحقيقات الفيدرالي "أف. بي. آي" 727 شخصا استنادا إلى أدلة جُمعت من كاميرات المراقبة ومقاطع مصورة انتشرت على موقع يوتيوب وهواتف محمولة، فيما كانت التهم تتدرج من عرقلة إجراءات حكومية رسمية من قبل الكونجرس وحتى استخدام سلاح خطير والتورط في اعتداء وأعمال عنف.

ومن بين هؤلاء، تم تغريم البعض غرامات طفيفة بلغت 500 دولار بسبب تدمير ممتلكات، فيما سيحكم على آخرين بالسجن لمدة تزيد عن خمس سنوات بتهمة الاعتداء على ضابط شرطة.

الاستقطاب والتضليل الإعلامي

وفي محاولة لفهم واقع الأمر لدى الشعب الأمريكي، تجدر الإشارة إلى وجود حالة انقسام واستقطاب داخل المجتمع الذي بات يتابع دور منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في البلاد، وكيف يدور النقاش حول الحقائق أو حتى تشويهها.

وفي هذا السياق، قالت ريجينا لورانس – التي تشغل منصب عميد مشارك في كلية الصحافة والاتصال بجامعة أوريجون- "يتم تغذية الناس أكثر وأكثر بروايات متطرفة لما حدث عن طريق منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام".

وفيما يتعلق بالخطاب الإعلامي الذي وصفته بالمتأكل، أعربت لورانس عن أملها في أن تتعامل المؤسسات السياسية بقوة أكبر مع تداعيات "ليلة اقتحام الكونجرس"، مضيفة أن الإعلام سيسلك هذا المسار.

وبعيدا عن المنافسة الإعلامية والدوائر السياسية، يبدو أن هناك حاجة إلى تعزيز الحوار داخل المجتمع الأمريكي  لسد الفجوة بغية الوصول إلى إجماع عام بشأن الأحداث التي وقعت في السادس من يناير ومن يجب أن يتحمل المسؤولية عن تلك الليلة الدامية والمظلمة في تاريخ ديمقراطية الولايات المتحدة.

وعن ذلك، قالت لورانس "قد يكون من المفيد فعلا الاستماع بقدر الإمكان للأشخاص الذين لديهم أفكار متطرفة لفهم الأسباب التي دفعتهم للاعتقاد بمثل هذه الأمور".