الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيفية الإخلاص لله .. أمور تحقق لك العبادة الخالصة لا تغفلها

كيفية الإخلاص لله
كيفية الإخلاص لله

كيفية الإخلاص لله .. يبحث كثير منا عن كيفية الإخلاص لله، باعتباره أحد أهم أسباب القبول ونيل أرفع الدرجات وأعظمها عند الله تبارك وتعالى، يقول تعالى: قال تعالى: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ "، وقال تعالى أيضاً: "قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ".

ومن خلال التقرير التالي نرصد لك مفهوم الإخلاص وكيفية تحققه حتى تنل أسمى وأرفع الدرجات وأرجاها عند الله تبارك وتعالى..

كيفية الإخلاص لله

 

كيفية الإخلاص لله

الإخلاص هو الصفاء والنقاء وإزالة الشوائب، وقد ترد بمعنى النجاة، وخلص إلى أمر أي بلغه وانتهى إليه، والإخلاص في الطاعة يُقصد به انعدام الرياء فيها، وإرادة وقصد التقرّب من الله، أما الإخلاص اصطلاحاً: توجيه القصد والعزم في العمل للتقرب من الله -سبحانه- فقط؛ طلباً للثواب وخشيةً من العقاب وطمعاً في نيل رضا الله، دون السعي في نيل السُمعة الحسنة أو الرياء.

وفي القرآن الكريم نجد الإخلاص في مواطن عدة بل إن هناك سورة تعدل ثلث القرآن تسمى الإخلاص يقول الله تبارك وتعالى:" أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ". ويقول الدكتور ماهر المعيقلي إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه لا عبادة صحيحة دون الإخلاص، موضحاً أن الله تعالى خلق الخلق، وبعث الرسل، وأنزل الكتب، لعبادته وحده لا شريك له: "وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ"، ولا تقوم هذه العبادة إلا بالإخلاص، فلا يبتغي بها العبد إلا وجه الله تعالى، لا رياء فيها ولا سمعة.

ويكمل خلال خطبة الجمعة بالمسجد الحرام، أن الإخلاص هو حقيقة الدين، وأساس العبادة، وشرط قبولها، وهو بمنـزلة الروح للجسد، فلا عبودية لمن لا إخلاص له، (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فبالإخلاص ترفع الدرجات، وتغفر الزلات، ويطمئن القلب، ويرتاح البال، والإخلاصُ يا عباد الله عزيز، يحتاج إلى مجاهدة، وإلى دوام محاسبة، والرياء أخفى من دبيبِ النّمل، على صفاةٍ سوداء، في ليلة ظلمَاء، وهو يفسِد العبادة، ويحبط الأجر، والله جل جلاله، هو الغنيّ الحميد، العزيز المجيد، لا يرضى أن يشرِك معه غيره، فإن أبى العبد إلا الشرك، تركه الله وشركه، وردّ عليه عملَه، ، قال رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: "إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمُ الشِّركُ الأَصغَرُ"، قَالُوا: وَمَا الشِّركُ الأَصغَرُ يَا رَسُولَ اللهِ ! قَالَ: "الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذَا جَزَى النَّاسَ بِأَعمَالِهِم: اِذهَبُوا إِلى الَّذِينَ كُنتُم تُرَاؤُونَ في الدُّنيَا، فَانظُرُوا هَل تَجِدُونَ عِندَهُم جَزَاءً".

وحول كيفية الإخلاص لله قال إمام الحرم المكي: أن مما يعين على تربية النفس على الإخلاص، ودفع أسباب الرياء، أن يجعل المؤمن لنفسه خبيئة من عمل صالح، يرجو بها ما عند الله جل جلاله، والخبيئة الصالحة: هي كل طاعة في السر، لا يطلع عليها إلا الله، ركعات في ظلمة الليل تركعها، أو تلاوات وختمات للقرآن تختمها، أو صدقة تخفيها، أو كربة تفرجها، أو رعاية أرملة وأيتام، أو بر أب وأم، أو استغفار بالأسحار، أو دمعة في خلوة من خشية القهار، أو إصلاح في السر بين الناس، أو صيام لا يعلم به أحد من الناس، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ".

 

 

كيفية الإخلاص لله

ويكشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عن كيفية الإخلاص لله، فيقول: إن النية مَحَلُّها القلب، فهي عمل من أعمال القلب، والنية لا بد فيها من المقصود الحَسَن، وتكون النية بقصدٍ حسن عندما تكون موجَّهة لله رب العالمين، فالإخلاص هو سر الأعمال، والأعمال التي تتم من غير إخلاص أعمال عليها علامة استفهام، وفي الغالب الأعم لا تُقبل عند الله سبحانه وتعالى، أما الأعمال التي تتمُّ وفيها إخلاص فإن عليها كثير من الثواب، يقول الإمام الفُضَيل بن عِيَاض -رحمه الله تعالى-: لا يَقبل الله العمل إلَّا بالإخلاص والصواب.

وأضاف جمعة: “تكلَّم العلماء عن هذين الركنين: الإخلاص والصواب، متى يكون الأمر فيه إخلاص؟ عندما يكون لله وحده، وتكلَّموا عن أن الإخلاص على ثلاثة أنواع أو مراتب، ولكن هناك عموم الناس إخلاصه أن يكون العمل خاليًا من الرياء، والرياء هو الشِّرك الخفي كما وصفه رسول الله ﷺ ، فينبغي عليك عندما تصلي ألًّا تصلي للناس، وألَّا تُرائي بعملك هذا من أجل أن يُقال عنك إنك مُصَلِّي، وعندما تُجاهد في سبيل الله سبحانه وتعالى لا تفعل هذا من أجل أن يُقال عنك إنك شجاع، وعندما تتعلَّم العِلْم لا تُريد بذلك الشُّهرة والمَجد والفَخَار، وأن يُقال عنك إنك عالم ويُشار إليك بأنك عالم، لا تفعل هذا من أجل هذا، بل لوجه الله وحده،  ومن أجل أن يرضى عنك الله؛ لأن الله أمرك بالعبادة، وأمرك بالعلم، وأمرك بكل خير يجب أن تفعله، فلابد عليك أن تفعله وأنت مخلص إخلاصًا لا شَوْبَ فيه ولا رياء فيه، لا الخفي ولا الظاهر، لله رب العالمين ، هذا إخلاص عموم الناس”.

وأوضح أن هناك إخلاصا آخر، وهو إخلاص المحبين، وفيه الإنسان يعمل العمل إجلالًا لله، يعني كأنه سوف يفعل هذا حتى لو لم يأمر به الله، يعني الله سبحانه وتعالى لو خيَّرَنا في الصلاة، يعني الصلاة فرض، لكن نفرض أن ربنا جل جلاله قال إن الصلاة ليست فرض، كنا هنصليلُه، لماذا ؟ لإننا بنحبه، يعني الذي وجَّه العمل عند المحبين حبهم لله رب العالمين، وأنه مُستحقٌّ للعبادة، وأنه مستحق لأن يبذلوا نفوسهم في سبيله سبحانه وتعالى، فإخلاص عموم الناس أن يكون خاليًا من الرياء، لكن إخلاص المحبين شيء آخر، وهو تعظيم الله، حب الله، إجلال الله في قلوبهم.

وتابع: “هناك نوع آخر من الإخلاص، وهو إخلاص المُقَرَّبين، وإخلاص المقربين يأتي مِن مَا يُسمونه بالشهود، المقربون يحدث لهم حالة كأنهم ينفصلون عن الكون، ويشاهدوا ما الذي يحدث في الكون، فيروا فِعل الله سبحانه وتعالى أنه أعطى هذا، وأغنى هذا، ومَنَع هذا، وأفقر هذا، وأمرض هذا، وجعل هذا عالِمًا، وجهل هذا جاهلًا، وجعل هذا متسامحًا، وجعل هذا حقودًا، أَمْر الله في الكون يراه، هذه المشاهدة للكون وكأنه ينظر لشيء ويشاهده تجعله دائمًا يرى فعل الله في الناس، وتجعله دائمًا يُسلم لأمر الله فيهم، ويقول دائمًا: لا حول ولا قوة إلَّا بالله، آمنَّا بالله، ويجعل نفسه هو أحد الأفراد، ولذلك فهو لا يطلب ولا يرفض، هذا حال المقربين، حال المقربين إخلاصهم مبني على الشهود”.

واستطرد: "إن حال الإخلاص عند عموم الناس هو الخلو من الرياء، وعند المحبين هو إجلال الله وتعظيمه وحبه، وعند المقربين هو الشهود، الشهود هذا هو غاية المراد، لأنها تصل بالإنسان إلى الرضا بقدره وبقضائه وبحكمه ، فلا يستطيع الغضب ولا الاعتراض، ولا التَّبَرُّم، تسليم مطلق لقضاء الله".

كيفية تحقيق الإخلاص لله

كيفية تحقيق الإخلاص لله

أجمع العلماء حول كيفية  تحقيق الإخلاص لله يكون بالآتي:

  1. تربية النفس بأن تؤدي العبادات دون أن يعلم بها أحد من الناس فتكون بينك وبين الله فقط، فلا تحدث أحد بما فعلته حتى لا تقع في الرياء يجب ان يكون لديك يقين كامل بأن كل ما تقوم به من عبادات وطاعات لن يوفي الله حقه وفضله عليك.
  2. كما يتحقق الإخلاص لله بمراجعة الإنسان لعيوبه وما يقصر فيه من الواجبات والفرائض.
  3. ويتحقق الإخلاص لله تعالى بأن يتذكر الإنسان دائما أن الحياة الدنيا زائلة والتدبر في يوم الحساب وأن الآخرة هي دار المستقر.
  4. ويتحقق الإخلاص لله تعالى بتذكر الموت دائما وأنه سيحاسب ولن يساعده في قبره إلا عمله فقط، لذا ينصح العلماء بزيارة المقابر من وقت إلى آخر لتذكر الموت.
  5. ويتحقق الإخلاص لله أيضا بالدعاء وطلب الزيادة في العبادة بقول: “اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”.

 

اقرأ أيضاً | أزهري عن فضل الصدقة: على قدر الإخلاص في العطاء يضاعف الله

اقرأ أيضاً| الإخلاص هو حقيقة الدين وأساس العبادة وشرط قبولها

 

الإخلاص والنية

يقول الشيخ الدكتور صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن العبادة بغير نية عناء، والنية بلا إخلاص رياء، والإخلاص من غير اتباع هباء، ورأس مال العبد نظره في حقوق ربه.

وأضاف أن محبطات الأعمال هي أشد ما ينبغي على المسلم الحذر منه، والتنبيه له، والإحباط هو إبطال الحسنات بالسيئات, ومن المحبطات ما يحبط جميع الأعمال من الكفر ، والردة، والنفاق الأكبر الاعتقادي، والتكذيب بالقدر ، وهذا هو الإحباط الكلي، مشيراً إلى أن منها إحباط جزئي لا يذهب بالإيمان، ولكن قد يبطل العبادة التي يقترن بها بسبب المعاصي والذنوب، كما ينقص الأجر والثواب، وقد يرقى إلى الإحباط الحقيقي نسأل الله العافية, وحاشاه عليه الصلاة والسلام أن يشرك، ولكنه التحذير العظيم والإنذار المخيف من الشرك والقرب منه.

واستطرد إمام الحرم قائلاً: وقد قال الله في مقام آخر في سياق ذكر الأنبياء، وفيهم أولو العزم عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه، وحاشاهم ثم حاشاهم، ولكنه الخوف العظيم من الشرك والاقتراب منه، ومن وسائله وذرائعه، وحفظُ جناب التوحيد، وإفرادُ الله وحده بالعبادة، وصرفُ جميع أنواع العبادة له وحده لا شريك له.

 

ثمرات الإخلاص وفوائده

ولـ الإخلاص ثمرات وفوائد عدة منها ما يلي:

1- يقلب المباحات إلى طاعات : فقد روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنك لن تنفق نفقةً تبتغى بها وجه الله إلا أُجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأت ".

2- النية الخالصة تبلغ مبلغ العمل: قال صلى الله عليه وسلم: " من أتى إلى فراشه وهو ينوى أن يقوم من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كُتب له ما نوى وكان نومه صدقه عليه من ربه عز وجل" (رواه النسائي وصححه الألباني)

وقال صلى الله عليه وسلم: من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه " (رواه مسلم).

3- يُخَلِّص العبد من كيد الشيطان: قال تعالى عن يوسف - وقد نجا من كيد امرأة العزيز - ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف:23].

4- تنفيس الكرب والخروج من الشدائد: ويدل على ذلك حديث الثلاثة أصحاب الغار الذين كاد الغار أن يكون قبراً لهم فدعوا الله بصالح أعمالهم وقال كل واحد منهم: اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون " (متفق عليه).

5- والإخلاص هو طريق الجنة.

6- الإخلاص سر الوصول إلى الله.

7- كما أن الإخلاص يُنقى القلب من الأحقاد والأغلال.

8- والإخلاص أيضاً يملأ حياة العبد توفيقاً وبركة.