"أنا نفسي استر بناتي بين أربع حيطان يداروهم عن العيون اللي مبترحمش.. احنا في زمن لو فيه واحد ابن حلال فيه قدام عشرة ميعرفوش ربنا"، بنبرة يملؤها الحزن وبعينان تقتحمهما الدموع، تحدثت الأم الحنون بخيته محمد، البالغة من العُمر 70 عامًا، ابنة قرية أولاد نصير بمحافظة سوهاج، مع موقع صدى البلد.
دموع تنهر على خديها بعد أن أذبلهما الزمان، والحزن وكسرة الأسى، وقلب يرتجف وهي تتحدث عن نجلتيها التي لم تخرج من الدنيا إلا بهما، ولم تملك من حِطام الدنيا شيئًا لتأمينهما والاطمئنان عليهما بما تبقى من عمرها، سوى منزلاً صغيرًا بجدران مُتهالكة من الطوب والطين، وسقفٍ من غوص وخشب.
رعشة يديها وهي تستنجد وتستغيث بمن يُطمئنها على نجلتيها ببناء جدران منزلهم وسقفه عليهم بما يُخفيهم عن أعين المارة والجيران، كانت كفيلة بأن توقف قلوب مُستمعيها، وتُنهي ما تبقى من دموعهم.
واستكملت الأم السبعينية رادفة:"أنا جوزي تعب وكافح علينا لحد ما مات وأهو قدر يجيب لنا حتة أرض وفيها كام حيطة تدارينا.. ياريت حد ينجدنا ويغيثنا ويبني بيت حيطانه تحفظ بناتي من عيون الناس اللي بتنهش في لحم الميت قبل الحي.. نفسي أطمن عليهم قبل ما أموت أنا نفس طالع خارج والله أعلم امتى هيكون اخر نفس ليا بس نفسي أكون وقتها مطمنة على بناتي ومش خايفة على واحدة فيهم".
وقالت ابنة قرية أولاد نصير بمحافظة سوهاج، إنها لم تستطع مقاومة المرض وأن عظامها أنهشتها العقاقير الطبية، مشيرة إلى أن كِبر سنها يُشعِرها بالعجز تجاه نجدتهم، مُشيرة إلى أن إحدى نجلتيها تُعاني من مرض التوحد ورغم تخطيها العشرين عامًا إلا أنها مازالت بعقلية طفل بعمر العامين.
وتُناشد بخيته محمد، من خلال موقع صدى البلد، المسؤولين المعنين والجمعيات الخيرية بإعادة بناء وتأهيل المنزل لنجلتيها، ومساعدتها في تامينهما والاطمئنان عليهما.