الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الصوم عن الكلام

محمد مندور
محمد مندور

ليست بدعة أو تكليفا ولكنها فضيلة .. كنت أفكر دوما في فضيلة الصمت وهل الصوم عن الكلام من العبادات التي يمكن التقرب بها إلى الله. 

ففي القرآن الكريم آيات للناظرين ولمن تدبر، فقد كان الصوم عن الكلام من أوامر الله لسيدنا زكريا كآية يجد فيها ضالته، فكان صيامه ثلاث ليال جاء بعدها الفرج وبشره الله بيحيى. وكان الصوم عن الكلام توجيه رباني لسيدتنا العذراء مريم، بأن يكون ردها على الناس بأنها نذرت للرحمن صوما ولن تكلم أحدا، فجاء الرد على لسان المسيح عيسى بن مريم ليرد على كل الأسئلة التي طرحت على أمه، فكان آية من آيات الله.

هكذا كان الحديث عن صوم الكلام في القرآن الكريم، لكن في التشريع الإسلامي لم يكن الصوم عن الكلام تشريعا للعبادة والتقرب إلى الله. بل كان أداة لتهذيب النفس، وفضيلة تحدث عنها النبي صلى الله عليه وسلم حين فسر الصوم بأنه ليس الصوم عن الطعام والشراب والشهوة فقط، لكن الصوم عن المعاصي والفسوق والسباب، فكان توجيهه للعموم " فإن سابك أحد أو جهل عليك، قل إني صائم".

الصمت فضيلة العظماء، فكما يقولون عنهم رجال أفعال لا أقوال. والثرثار مذموم في مجالس العلماء، فدائما الصمت له هيبة في القلوب. فكما قالوا عنه قديما " زينة بدون حلية، ووهيبة بدون سلطان، وحصن بدون حائط".

الصمت هو التزام الذكر والتفكر والتدبر، والترفع عن الصغائر وأهلها، والبعد عن الغيبة والنميمة، لكن الصمت لا يعني مطلقا الكف عن مواجهة الباطل وقول الحق ولو كان مراً. فشتان بين الصمت عن اللغو وعن صمت الشيطان الأخرس، يريد أن يحمي نفسه تحت ستار أن الصمت فضيلة. فنحن في زمن رخص فيه الكلام وقل من جرؤ على قول الحق، فالحق هنا كف الظلم عن مظلوم، ووقف الغيبة في حق إنسان، وحفظ حقوق الآخرين، فكما قال حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم “فلتقل خيرا أو لتصمت”. فالقول هنا مرتبط بفعل الخير ودفع الأذى.

فاللهم أنطق بالحق ألسنتنا دوما، واجعلنا منشغلين بذكرك وشكرك وحسن عبادتك.