الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مدرسة المشاغبين.. أسرار وحكايات أشهر مسرحيات مصر في العيد

صدى البلد

اعتاد المشاهد المصري في الأعياد على متابعة أفلام ومسرحيات أصبحت ثوابت يحفظها المشاهد عن ظهر، إلا أن “مدرسة المشاغبين” تظل للأبد أيقونة وبطلة مسرحيات التليفزيون في العيد، ورغم ذلك يكتفي المشاهد بما يتابعه على الشاشة دون أن يعلم كيفية خروج هذا العمل إلى النور.

أصل الحكاية

في السبعينيات، وتحديدا عقب نصر أكتوبر 1973 ب18 يوم، أراد المنتج الفني الشهير سمير خفاجي تقديم عرض مسرحي غير مسبوق، وحشد من أجله جميع العناصر الفنية المميزة، حيث استعان بالمخرج الكبير جلال الشرقاوي، والمؤلف علي سالم، لتحويل تجربة من تأليف الفرنسي "روجيه فريدمان" إلى نص بديع، فضلا عن مشاركة نجوم كبار بحجم عبدالمنعم مدبولي وسهير البابلي ومجموعة من الشباب حينذاك مثل عادل إمام وسعيد صالح وأحمد زكي، ليتحول العمل إلى أيقونة في الفن المصري والعربي.

رؤية المخرج

منذ الوهلة الأولى كان للشرقاوي نظرة خاصة ورؤية مختلفة عن "مدرسة المشاغبين"، ربما لم يقدر على استيعابها باقي أفراد العمل، وذكر في إحدى لقاءاته التليفزيونية كيف اعترض عادل إمام على دوره بعد البروفة الأولى، قائلا: "الدور ده لايق على شكري سرحان، لأنه دراما مش كوميديا"، وبعد نقاش سريع اتفقا على الانتظار حتى مرور أسبوع من الجلسات التحضيرية للمسرحية.

وأضاف الشرقاوي: "بعدها اعتذرلي وقالي أنا كنت فاهم غلط"، حيث اتضحت أكثر طبيعة الشخصيات والاحتفاظ بمساحة من الضحك المناسبة بجانب رسالة المسرحية الجادة.

نجاح ساحق للمسرحية

بعد عرض المسرحية حققت نجاحا ساحقا ارتفع إلى عنان السماء، وتحول العمل إلى حديث الشارع المصري، تكالب يومي على الذهاب إلى المسرح، طوابير ضخمة أمام شباك التذاكر، الجميع يحفظ "الإفيهات".

ورغم ذلك يأتي الناس من كل مكان لرؤيتها، حتى أن مسرحية المشاغبين جرى عرضها في التليفزيون، ثم أعيد إنتاجها مرة ثانية في الثمانينيات بنفس الأبطال، فيما كان يرى الشرقاوي أن الفضل الأكبر في هذا الإنجاز إلى مضمون النص المسرحي وما يحتويه من أفكار هامة لم يصل بعضها إلى الجمهور بسبب الأبطال.

تحذير بعدم الخروج عن النص

كان  الاتفاق واضحا، لا خروج عن النص، الالتزام بالمتفق عليه في البروفات، لكن الشرقاوي فوجيء بنجومه يميلون إلى الارتجال في العروض أمام الجمهور، حاول كثيرا منعهم لكن محاولته باءت بالفشل، وقال: "كانو بيحطوا نادورجي على أول الشارع في المسرح، لما يعرفوا إني جاي ميقولوش الإيفهات، ولما أغيب يقولوها"، من بينها الافيه الشهير الخاص بـ"لغاليغه"، أنا رفضته طبعا".

ويعتقد المخرج الراحل أن أبطاله "أساءوا إلى مضمون ومفهوم المسرحية السياسي والاجتماعي، زودوا حجم المشاغبة من خلال القفشات وهذا ما دفع بهم الى مرحلة الغرور، ومنهم أحمد زكي الذي اتهمه عادل إمام بالتعالي في أحد حواراته.

فكرة مدرسة المشاغبين

تعتمد فكرة المسرحية في الأساس، وفقا للشرقاوي، على "الصراع بين السلطة والشعب، الشباب بيمثلوا الناس، والأبهات وناظر المدرسة بيمثلوا السلطة، وقدرة العلم والحب من خلال أبلة عفت "سهير البابلي" الحاصلة على الدكتوراه في التربية وعلم النفس على فض الاشتباك ما بينهم، يُدلل على ذلك مشهد النهاية في وداع المعلمة، وكيف يدرك الجميع أن هؤلاء الشباب يحاولون التغير والعودة إلى نقطة الصواب بسبب وجودها وحضورها بالغ الأهمية.

سعى الشرقاوي على مدار فترة تواجده على رأس المنظومة في مدرسة المشاغبين على عدم ابتعاد العمل عن الرؤية الأساسية، لكن أبطال العمل تحدثوا في لقاءات تليفزيونية عديدة عن الارتجال أثناء التواجد أمام الجمهور، من بينهم  سعيد صالح، الذي قال: "كان فيه تواصل إنساني على المسرح بينا كممثلين، وده بيطلع مننا الضحك"، فضلا عن يونس شلبي الذي أوضح أن المسرحية تغيرت عدة مرات على مدار سنوات، مؤكدا أن كافة الممثلين كانوا يغيروا في النص، خاصة بعد عرضها في التليفزيون، فيما يؤكد المخرج الراحل عدم إشرافه على النسخة التي خرجت للناس عبر الشاشات قائلا: "أنا مصورتهاش".

قصة المسرحية

تدور قصة المسرحية حول 5 من الطلبة المشاغبين في فصل واحد، وتفقد إدارة المدرسة السيطرة عليهم، وتحمل الكثير من المواقف الكوميدية الساخرة التي ساهمت في نجاح المسرحية بشكل كبير.

بعد النجاح استثمر صناع المسرحية هذا النجاح في مسرحية أخرى، وهي «العيال كبرت»، كما صُنع فيلما سينمائيا يحمل نفس الاسم إلا أنه لم يحقق نفس الشهرة والنجاح والرواج.

انتقادات حادة للمسرحية

تعرضت المسرحية لعدد من الانتقادات من علماء الاجتماع، والمثقفين، الذين رأوا أن بها سخرية من القيم والمثل العليا، وأن ذلك قد يؤدي إلى قبول عام بالفوضى.

ودافع المؤلف عن مسرحيته، وقال إنها كانت انعكاسا لفترة ما بعد النكسة، التي انهارت فيها القيم التقليدية للمجتمع المصري والعربي بشكل عام.

ولم تكن الانتقادات من خارج المسرحية فقط، بل إن أحد أبطالها وهو الفنان أحمد زكي، كان ينتقد دوره فيها، ويرى أنه كان صغيرا.