الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طه حسين.. بعد أن أصبح قبر عميد الأدب العربي مهددًا بالهدم.. هل أخطأت وزارة الآثار؟

طه حسين
طه حسين

خلال الأيام الماضية، انتشرت أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرها الخبراء ومهتمون بالتراث، أفادت أن مقبرة طه حسين سوف تتعرض للإزالة خلال الفترة المقبلة، لتعارضها مع محور ياسر رزق الجديد المزمع إنشاءه.

 

فقد تم وضع علامات إكس باللون الأحمر مع وضع كلمة “إزالة” حول المقبرة، وهو الأمر الذي أعاد حالة الجدل التي حدثت منذ أشهر حول نقل قبر طه حسين من عدمه، إلا أن هذه التصريحات قد هدأت خلال تلك الفترة، نتيجة التصريحات التي أدلت بها محافظة القاهرة، من خلال نائب محافظ القاهرة إبراهيم عوضي، الذي أوضح في تصريح صحفي أن محافظة القاهرة لم يتم مخاطبتها بشكل رسمي بمكان المحور أو مساره أو عرضه حتى الآن، قائلًا: "مفيش حاجة وصلت للمحافظة تفيد تنفيذ محور ياسر رزق أو بيان رسمي بذلك ويجب تحري الدقة فى نشر المعلومات سواء على الحسابات الخاصة أو المواقع الإخبارية".

 

ظلت الواقعة طوال تلك الفترة محل ترقب وانتظار من جانب المختصيين في التراث، لكنهم تفاجأوا منذ أيام بوجود علامات حول قبر عميد الأدب العربي.

تفكير أسرة طه حسين في نقل الرفات إلى فرنسا 

 

وهو الأمر الذي دفع الدكتور محمد أبو الغار لكتابة منشور على صفحته فيسبوك ذكر فيه أن أسرة طه حسين ناقشت أمر نقل رفات طه حسين لفرنسا، إذ أوضح أيضًا أن الحكومة الفرنسية ترحب بعمل مدفن يليق بأهم مثقف مصري في القرن العشرين.

 

وأضاف: طه حسين هو النهضوي الأول وقائد تطور مصر نحو الحداثة، وأوروبا بدورها تطورت وتقدمت حين طبقت الأفكار الحداثية، التي تضع التعليم الحديث والثقافة وإعمال العقل في المقدمة.

 

واستطرد: حاول طه حسين كثيرًا وتم إعلان الحرب عليه في حياته والآن يعلنون الحرب عليه في مماته ويريدون نقل مدفنه إلى ١٥ مايو.

 

وأنهى حديثه: "خرجنا أفواجًا بالبلاطي البيضاء من القصر العيني أثناء حرب أكتوبر لنسير في جنازته من مسجد صلاح الدين وعلي كوبري الجامعة إلى جامعة القاهرة. تحية لروح هذا العظيم الذي أراد تحديث مصرنا الحبيبة ولكننا لم نستمع إليه فوصل حالنا إلى ما نحن فيه الآن".

 

العائلة ترفض نقل الرفات

 

مها عون حفيدة طه حسين، من جانبها، أكدت ما ذكره أبو الغار خلال منشور لها على فيسبوك، إذ أوضحت أنه خلال الأيام الماضية جرت أحاديث مطولة بين أفراد عائلة طه حسين. وقالت: «أردت نقل رفات طه حسين إلى بلد يحترم سلام الموتى وربما حتى تكرم شخصية كانت رائدة في صناعة النهضة».

وأضافت: لكن خالي وخالتي رفضا الفكرة، قالا إن أحد دفن هنا لن يرضى أن يدفن خارج مصر.

وأنهت حديثها: بعد العديد من الاجتماعات، وأمام حالة الحب إزاء العميد قررت الأسرة أنها لن تنقل رفات عميد الأدب العربي هذا ما استقر عليه رأى الأغلبية في العائلة بعد مناقشات طويلة.

طه حسين


اتهامات متبادلة


وخلال منشور لها أيضًا تحدثت الدكتورة جليلة القاضي أستاذة التخطيط العمراني بجامعات باريس بعنوان: “عن مدفن طه حسين مرة أخرى”.

وجاء فيه: ما زالت المحافظة تنفي و تتهم. المتخصصين وشهود العيان في المنطقة بأنهم يدعون ادعاءات كاذبة. لكن نظرًا لما يحدث الآن في محيط المدفن الذي دمغ بعلامة x ذات السمعة و التاريخ المشين، وخط عليه بالأحمر إزالة، نجد أن الأرض أصبحت خلاء، وفي هذه الفورة التدميرية، أزيلت مدافن يوسف صديق بشكل شبه كامل، و هو من تم تكريمه منذ سنوات قليلة ماضية، والنائب الوفدي علوي حافظ، وبعض شهداء القوات المسلحة في حرب ٧٣، و أحدهم شقيق الفنانة سهير المرشدي.

 

أضافت: سوف تشاهدون الآتي، فهو أكثر شراسة واستهانة برموزنا الثقافية و السياسية، والماضي ليس ببعيد، فمن أزال مدافن ابن خلدون، و المقريزي، لا يتورع عن إزالة مدفن طه حسين، وإذا كنا نرفع صوتنا عاليًا لأنه العميد الرمز، فلنتذكر، أنه منذ عامين، عند إنشاء محور الفردوس، أزيلت مدافن أحمد لطفي السيد، وزكي المهندس ومحمد التابعي، وعائلات طراف و النديم.

 

وأنهت جليلة القاضي حديثها وقالت: لقد صمتنا علي ما فات، هل من وقفة لمنع محو تاريخ مصر بإزالة  كل مناطق الجبانات بكل ما تحمله من قيم وكل ما تمثله في وجداننا؟ هناك العديد من الحلول البديلة. لوقف هذا الدمار.

طه حسين

هل أخطأت وزارة الآثار؟

 

وفقًا لقانون حماية الآثار، كان ينبغي تسجيل قبر طه حسين ضمن عداد الآثار، بقرار وزاري فهناك حالتين يتم تسجيل الأثر من خلالهما في عداد الآثار؛ أولها أن يتجاوز الأثر على إنشائه 100 عام، وفي هذه الحالة يتم تسجيل الأثر بقرار الوزير المختص فقد جاءت في المادة الثانية من قانون حماية الآثار شارحة لهذه الجزئية وجاء فيها: “يعتبر أثرا كل عقار أو منقول أنتجته الحضارات المختلفة أو أحدثته الفنون والعلوم والآداب والأديان من عصر ما قبل التاريخ وخلال العصور التاريخية المتعاقبة حتى ما قبل مائه عام متى كانت له قيمة أو أهمية أثرية أو تاريخية باعتباره مظهرا من مظاهر الحضارات المختلفة التى قامت على أرض مصر أو كانت لها صلة تاريخية بها . وكذلك رفات السلالات البشرية والكائنات المعاصرة لها”.

 

وهناك حالة أخرى يتم تسجيل الأثر بناء عليها إذا لم يمر عليه مائة عام وفقًا لقانون الآثار، وهي الحالة المطابقة لقبر طه حسين والتي جاء فيها "تنص المادة على أنه يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص أن يعتبر أي عقار أو منقول ذا قيمه تاريخية أو علمية أو دينية أو فنية أو أدبية أثرا متى كانت للدولة مصلحة قومية في حفظه وصيانته وذلك دون التقيد بالحد الزمني الوارد بالمادة السابقة ويتم تسجيله وفقاً لأحكام هذا القانون".

 

لماذا لا يتم تسجيل المبان الأثرية؟

 

خلال السنوات القليلة الماضية لم تتجه وزارة الآثار لتبني تسجيل الآثار رغم أن القانون يجيز لها الأمر، دون التقيد بالحد الزمني خاصة، إذ كان المبنى الأثري يخص شخصية مهمة أو رمز من رموز الوطن، إلا أن الوزارة خالفت قانون تسجيل الآثار ولم تتبنى تسجيل المباني الأثرية.

 

مصدرمن وزارة الآثار صرح وقال: إن عملية تسجيل الآثار تكلف الوزارة عبء مالي، لأنها في هذه الحالة تكون ملزمة بحكم القانون بترميم الأثر، وصيانته بشكل دوري، وهو أمر لا تريده الوزارة خلال الوقت الراهن “الوزارة اكتفت بما لديها ولا تريد تسجيل المزيد من الآثار التي تشكل عبء على نفقات الوزارة”.

 

حتى الآن اكتفت وزارة الآثار بالصمت فلم تعلن أسباب عدم تسجيل قبر طه حسين وغيره من مقابر رموز مصر ضمن عداد الآثار، رغم أن القانون يجيز لها الأمر دون التقيد بالحد الزمني (100عام)، إذ كان يمكن للوزارة تسجيل القبر وحماتيه.

 

كانت هناك مؤشرات عديدة تشير لاقتراب “هدم” قبر طه حسين ففي شهر يناير الماضي، اتخذت وزارة الآثار قرارًا بشطب قبة مصطفى جاهين من عداد الآثار (هدمت في عام 2016)، وكذلك نقل قبة رقية دودو الأثرية، رغم أن لجنة المعاينة لم تذكر كلمة “نقل” في التقرير الذي أعدته، إلا أن اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية وافقت بتاريخ 8-2-2022 على نقلها، وقد ذكرت المذكرة أنه سيتم نقلها “على أحد جانبي الطريق المقترح”، وهو نفس الطريق الذي يتعارض مع قبر طه حسين أيضًا!