الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عملية المخلب السيف .. هل يمنح أردوغان داعش في سوريا قبلة الحياة ليحتفظ برئاسة تركيا ؟

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

تشهد منطقة شمال شرقي سوريا توترا متصاعدا على خلفية التهديد التركي بشن هجوم بري عليها، ردا على تفجير إسطنبول الذي وقع في 13 نوفمبر الماضي، والذي اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية بالوقوف وراءه، في خطوة يحذر خبراء من أنها تهدد بإحياء تنظيم داعش الإرهابي.

تركيا تستعد لعملية برية في شمال سوريا

وقال أردوغان مع بدء الطلعات الجوية المعروفة بعملية "المخلب - السيف" على شمال شرق سوريا في 20 نوفمبر، إن الخناق يضيق حول أكراد سوريا، وإن العملية الجوية هي بداية الانتقام لضحايا تفجير إسطنبول، وسيتبعها هجوم بري في الوقت الذي يراه مناسبا، فيما دعت كل من واشنطن وموسكو أنقرة إلى ضبط النفس، مع الاعتراف بمشروعية المساعي التركية لحماية أمنها القومي من خطر الإرهاب.

وحذر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية باتريك رايدر من أن الغزو البري للمنطقة سيقوض المكاسب الدولية التي تحققت في مواجهة تنظيم داعش، بينما اتهمت قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الأكراد (والمدعومة من الولايات المتحدة) تركيا باستخدام القصف الجوي كذريعة لشن هجوم مخطط له منذ فترة طويلة عبر الحدود، وطالبت روسيا بالضغط عليها للتراجع، وهدد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي بتوسيع نطاق الحرب ليشمل كامل الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا إذا نفذت تركيا الهجوم البري.

ونقلت قناة "فرانس 24" عن المحاضر في الجغرافيا بجامعة لوميير ليون 2 الفرنسية فابريس بالانش، أن أردوغان يؤجج النعرة القومية التركية آملا في الفوز بالانتخابات الرئاسية في يونيو 2023، كما أعرب عن قلقه من أن تؤدي العملية البرية التركية  شمالي شرق سوريا إلى خلق جيل جديد من مقاتلي تنظيم داعش في سوريا.

وأكد بالانش أنه إذا أراد الروس والأمريكيون منع هذه الخطوة، فسيتعين عليهم نشر قوات على الحدود بين تركيا وسوريا، لكن ما يحدث هو العكس، حيث أوقفت روسيا الدوريات المشتركة مع تركيا في المناطق المعرضة للهجوم، كما سحبت الولايات المتحدة موظفيها المدنيين من شمال شرق سوريا.

أردوغان.. كل الضجيج بشأن سوريا من أجل الانتخابات؟

ويهدد أردوغان بالهجوم منذ أكثر من عام، وهو يطالب بتوسيع حدود الأمن القومي التركي، وفي وقت يحتاج كل من الروس والأمريكيين إلى خدماته في الشأن الأوكراني، يستغل أردوغان هذا الاحتياج لتحقيق هدفه بضم منطقة كردية جديدة في شمال سوريا، وقد صوتت تركيا ضد طلبي انضمام فنلندا والسويد لعضوية حلف الناتو بسبب العلاقات القوية التي تجمع كلا البلدين بأكراد سوريا، ما دفع السويد للتعهد بالتوقف عن دعمهم.

ومن المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية في يونيو 2023، ورغم أن أردوغان يحكم قبضته على السلطة في تركيا منذ عام 2002، إلا أنه من المتوقع أن تتراخى هذه القبضة مستقبلا، وقد دب الانقسام في صفوف المعارضة التركية بين الكماليين (أنصار فكر مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية) المؤيدين للعملية البرية، وحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.

ومن المرجح أن يعرقل انقسام المعارضة التركية تشكيل تحالف انتخابي في مواجهة حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان، الذي يرغب في شن الهجوم البري على الأكراد لأسباب داخلية على رأسها تعزيز القومية التركية، حيث يأمل في أن تزيد خطته لضرب الأكراد من شعبيته لدى الناخبين.

شمال سوريا.. مأساة مستمرة

ويعاني سكان منطقة شمال شرق سوريا خاصة في كوباني والرقة ودير الزور أوضاعا معيشية كارثية من نقص حاد في الغذاء والوقود والكهرباء، ورغم أن المنطقة كانت تصنف سابقا كسلة غذاء سوريا، إلا أنها تضطر الآن لاستيراد القمح بسبب الجفاف ونقص الأسمدة، وتسود حالة من الإحباط لدى السكان، حيث لا يتوقعون أن يعود الاستقرار والأمن إلى المنطقة مرة أخرى، بل يعتقدون أن القوات التركية لن تلقى مقاومة تذكر من العرب أو الأكراد على السواء في حالة قيامها باجتياح بري.

ويبدو أن الأكراد لم يعودوا يثقون في الولايات المتحدة، التي تخلت عنهم في المعركة التي استولت تركيا على إثرها على بلدة عفرين عام 2018، وكذلك عندما استولت على تل أبيض ورأس العين عام 2019، حيث قام الجيش التركي بعملية تطهير عرقي للأكراد في هذه المناطق، ولا تكفي المساعدات التي يقدمها الغرب لسكانها، وهي ليست ضمن أولويات الجهات المانحة، علاوة على شبهة الفساد والنهب المنظم التي تشوب توزيع المساعدات مثلما حدث من قبل في أفغانستان، وهو ما يعد بمثابة وقود إحياء تنظيم داعش الذي لم يستأصل بعد، بل انقسمت عناصره بين ميليشيات حرب العصابات والخلايا النائمة.

مدينة الحسكة السورية منقسمة إلى جزء شمالي يسيطر عليه الأكراد وجزء جنوبي يسيطر عليه العرب، وقد شنت عناصر التنظيم هجوما في يناير الماضي على القسم الجنوبي حيث يقع سجن الحسكة، ونجحت في تحرير 3500 عنصرا تابعين له منهم قيادات، وقد استطاعوا الإفلات من مراقبة المخابرات الكردية.

وأشار عرب المدينة إلى أن المراهقين المحبطين لا يجدون أمامهم إلا أحد خيارين: إما إدمان المخدرات التي تغرق المنطقة أو الانضمام لصفوف داعش حيث يجنون الكثير من الأموال، وقد أصبحوا أكثر عدوانية ولا يميلون للمصالحات، كما تراخت قبضة زعماء القبائل عليهم، وفقدوا الأمل في عودتهم إلى مدنهم الأصلية خوفا من التنكيل بهم، وهو ما يساهم في خلق جيل جديد من مقاتلي التنظيم.