الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مصر أقوى.. التاريخ يشهد

نهى زكريا
نهى زكريا

رغم أننا فى زمن العالم تحوَّل فيه إلى قرية صغيرة، تستطيع أن تعرف الكثير عنها من خلال هاتفك المحمول وعبر النت، فإننا لا نُحاول أن نتجوَّل بين سطورٍ مكتوبة على هواتفنا؛ لنعلم أن الأزمة الاقتصادية هى أزمة عالمية، بسبب الفترة الزمنية المُنعدمة بين وباء فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية التى مازالت رُوحاها مُشتعلة حتى اليوم.

عندما سألت جوجل عن مخارج للمواطن فى (أى دولة) لهذه الأزمة، ظهرت لى بعض الحلول لبنى الإنسان عامةً، ومنها الشراء قدر حاجتك من السلع على أن تكون أقل من دخلك، وأيضًا شراء وبيع المستعمل، والتوجُّه ناحية مُنتجك المحلى، وهذا دور المواطن وهو لا يقل أهميةً عن دور الدولة فى تأمين احتياجات شعبها، فهل تعلم أن العالم يُهدر حوالى 900 مليون طن من المأكولات، يخص مصر فيها حوالى أربعين مليون طن سنويًا، ورغم أنه من الممكن الاستفادة منها، إلا أننا نُهدرها بل ونجعلها تضر بنا؛ بإلقائها فى الطرق التى نسير عليها، ومن هنا وفى ظل هذه الظروف يجب أن نشترى ما نأكل فقط.

ومن الواجب الذى تفرضه الوطنية قيام المواطن نفسه بمساعدة الدولة فى المرور من هذه المِحنة، ولا أقصد بالمساعدة هنا أن (يتفنَّن) كل مَنْ لا يعلم بوضع حلٍ للأزمة الحالية دون خبرة أو دراسة، ولكن أن يُفكِّر كيف يُساعد بلده فى الخروج من هذه الأزمة، وأن تهتم الدولة بالمشروعات الصغيرة والاستفادة من الثروة البشرية الهائلة لدينا، وهو ما بدأت العمل عليه بالفعل حاليًا، وعلى الإعلام التركيز على قرارات الدولة والفُرص المُتاحة للمواطن وشرحها جيدًا لمساعدته على الاختيار.

إن الدول لا تقع بسبب الكساد أو الركود، ولكنها تقع بسبب عدم إيمان مواطنيها بها، والركود كلنا نعلمه هو انخفاض الناتج المحلى وارتفاع البطالة، والكساد قريبٌ من ذات المعنى، ولكن الركود يُمكن أن يمتد لشهورٍ، أما الكساد فتمتد آثاره لسنوات طوال.

هذه ليست المرة الأولى التى يتعرَّض فيها العالم للركود أو حتى الكساد، ففى عام 1873 اجتاحت أوروبا حالة من الذعر بسبب الكساد الطويل الذى استمر فى إنجلترا مدة عشرين عامًا، وألغت بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا عُملاتها المعدنية، وانهارت فيينا اقتصاديًا، وكان ذلك نتيجة الاضطراب الاقتصادى فى أوروبا بسبب (الحرب السبعينية)، وأيضًا حرائق فى شيكاغو بأمريكا.

لقد حدث فى القرن العشرين أكثر من حالة كساد؛ أولها الكساد الكبير الذى بدأ بانهيار سوق الأسهم فى أمريكا، واستمر من عام 1929 حتى أواخر الثلاثينيات، وعُرف أنه أكبر كارثة اقتصادية طالت معظم دول العالم الغنية والفقيرة.. أيضًا كساد أزمة النفط بعد حرب 1973، حيث قرَّرت دول الخليج عدم تصدير النفط لأمريكا بسبب مُساندتها لإسرائيل فى احتلالها للأراضى العربية، واستمر حتى عام 1985.

ناهيك عن الأزمة المالية العالمية "2007–2008"، التى اعتبرها خبراء الاقتصاد الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929م، إذ بدأت الأزمة أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم لتشمل الدول الأوروبية والآسيوية والخليجية والنامية التى يرتبط اقتصادها مباشرةً بالاقتصاد الأمريكى، وقد وصل عدد البنوك التى انهارت فى الولايات المتحدة، خلال العام 2008م، إلى 19بنكًا، ونشأت هذه الأزمة من المؤسسات الخاصة، حيث إن المواطن الأمريكى كان يقترض من البنك حتى يشترى من الشركات العقارية بيتًا له عن طريق البطاقات الائتمانية، وكان سداد القروض العقارية يتم عن طريق البنوك التى تعتمد على أسعار الفائدة فى تعاملاتها المالية، وكان سعر الفائدة يزيد بزيادة سعر العقار لكل سنة، وأدى ذلك فى النهاية إلى عدم قدرة المواطن الأمريكى على سداد الرهن العقارى (وقد وُصمت هذه الأزمة بأزمة الرهن العقارى)؛ مما أدى بالتالى إلى انعدام السيولة فى البنوك، وعدم القدرة على تمويل المشاريع الجديدة، وانخفاض الطلب مع زيادة العرض، ومن ثمَّ إعلان إفلاسها بشكلٍ تدريجىٍّ، مما أدى إلى كسادٍ اقتصادىٍّ عالمىٍّ جديد.

فى معرض حديثه عن الأزمة الراهنة، أشار الدكتور محمد العريان، الخبير الاقتصادى المصرى العالمى، إلى أن ما يمر به العالم هذه الأيام لن يكون بخطورة ما حدث عام 2008، ورسم دكتور العريان صورة مبسَّطة للوضع الاقتصادى العالمى وموقع مصر من تلك الصورة؛ قائلًا: مصر مثل منزل يُوجد فى حىٍّ كبير يُؤثر فيها، فالحى الجيد يُعزِّز من قيمة المنزل فى الوقت الذى تُفرض التحديات على المنزل،
وأكد على عدم الاستقرار الذى يعيشه ألعالم، وأن المملكة المتحدة مثالٌ على عدم الاستقرار؛ بسبب سياستها المالية من مثل محاولة خفض الضرائب، وهو ما يُؤكِّد عدم الاستقرار فى جميع الاقتصادات المُتقدِّمة عالميًا.

لم أكتب كلمات من وحى خيالٍ، لكننى كتبت حقائق أقرها التاريخ وآراء سطَّرها أهل العلم والخبرة، ولكن رأيى الخاص مازال مع بلدى، وأعلم أن المصريين هم مَنْ يُؤمنون ببلدهم وهم دائمو الوقوف بجانبها فى كل الشدائد، وأتمنى أن يتحمَّل الجميع المسئولية، وألا نُفكر فى إلقائها على الدولة فقط، فتجمُّعنا معناه النجاة من حادث وقع فيه العالم كله.. حفظ الله مصر.