EN 
صدرت مؤخرًا رواية «الصنادقية»، للكاتب الشاب يوسف الشريف، عن دار العين للنشر، حيث لاقت الرواية مؤخرًا إشادة كبيرة من جانب القراء والنقاد وكانت الأكثر مبيعا في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023، إذ ترشحت الرواية لـ جائزة خيري شلبي للعمل الروائي الأول. فكان الحوار التالي والذي حاولنا من خلاله الاقتراب أكثر من مشروع يوسف الشريف الإبداعي..
حدثنا عن تفاصيل رواية الصنادقية ما فكرتها؟
الصنادقية هي اسم حارة داخل حي الجمالية بالقاهرة وهي الحارة التي يوجد بداخلها زقاق المدق، والتي استلهم منها الأديب العالمي نجيب محفوظ فكرة روايته الشهيرة التي تحمل نفس الاسم. وتدور أحداث الرواية حول اختفاء شيخ مسجد الأشرف برسباي، وقد كان اختفاؤه مريبًا، لكن الاختفاء بدأت التعرف على حكايات الأشخاص الموجودين داخل المكان، وعن طريق الحكايات حاولت إعادة تأمل تاريخ مصر خلال العصر الحديث تحديدًا آخر سبعون عام، وحاولت الوقوف أمام أبرز الأحداث السياسية والتاريخية في تلك الفترة، وذلك لرصد مدى انعكاس تلك التغيرات على حركة المجتمع وتحولاته وكذلك على الأسرة والفرد داخل مصر، فمثلًا فترة السبعينات كانت فترة شديدة الأهمية في تاريخنا، وهي تحتاج للتأمل والدراسة، لأن بعض القرارات التي اتخذها النظام آنذاك لايزال أثرها ممتدًا إلى اليوم؛ مثل الانفتاح والتصالح مع جماعات الإسلام السياسي. والرواية بدورها تعيد طرح فكرة علاقة مجتمعنا بالدين، وعلاقة الأشخاص بمفهوم الأصالة بكل ما تعنيه الكلمة وتحديدًا الأصولية الدينية التي حرمت على الإنسان التفكير في كل شئ بما في ذلك جسده الشخصي.
وبالتالي نشأ شئ شديد الخطورة، وهو الجمود الذي سيطر علينا في السنوات التالية بعد هزيمة ١٩٦٧، والذي حاولت مساءلته داخل روايتي، عن طريق خلخلة هذا الجمود المطبق، وطرح سؤال التغيير المغاير له وكذلك حاولت إبراز علاقة الفرد داخل المجتمع بالأحداث التاريخية التي تجري من حوله، وتساءت هل على الإنسان المشاركة في صنع التاريخ أم الاكتفاء بالمشاهدة؟ بالإضافة إلى أنني حاولت التعبير عن مأزق جيلي هذا الجيل الذي ولد في الفترة من ١٩٩٠ وحتى فيما بعد ٢٠٠٠، فكل هذه الأسئلة وأشياء أخرى حاولت طرحها وتأملها ومناقشتها من خلال حكايات الأشخاص الموجودين داخل الحارة الواقعة في قلب العاصمة المصرية وبشكل آخر في قلب الأحداث التاريخية والاجتماعية لأن موقع الحارة يفرض عليها كل ذلك.
الرواية لاقت إشادات واسعة هل ذلك يدفعك لمواصلة الاستمرار في الكتابة والسعي لكتابة رواية أخرى؟
أكتب لأنني مشغول دائما بأفكار تؤرقني بشكل شخصي، وأشعر أنها بشكل أو بآخر أفكار تؤرق المجتمع ككل؛ وبالتالي أنا دائمًا في رحلة البحث عن المزيد من الأفكار وعن البحث عن المزيد من الاجابات للأسئلة، وحتى عن طرح الأسئلة التي تخصنا، وذلك لا يتم ذلك إلا من خلال الكتابة أو الفن الذي أجيده.
تأثرت بمن من الكتاب؟
أنا أقرأ تقريبًا لكل الكتاب والأساتذة الكبار سواء عرب أو أجانب، وسواء راحلين أو على قيد الحياة.
ولكن ممكن أن أقول أن أكثر الكتاب الذين تأثرت بهم هم نجيب محفوظ وجمال الغيطاني على المستوى العربي، وعلى المستوى العالمي أحب من الكلاسيك تولستوي ودوستويفسكي وثربانتس وجوته، ومن الجيل الأحدث ماركيز ويوسا ومياس.
هل ستتجه لكتابة القصة القصيرة في الفترة المقبلة؟
بعض الأفكار تصلح للطرح في قصة قصيرة وبعضها يحتاج للطرح على مدار رواية، ولكني أفضل كتابة الرواية لأنها تمثل تحدي خاص للكاتب وتبرز موهبته بشكل أكبر، لأن الرواية تحتاج لجهد كبير سواء في البحث والإطلاع، أو التأسيس الدرامي للشخصيات، والبحث عن البنية والأسلوب المناسب، وما إلى ذلك من العناصر الجمالية والفنية التي تجعل من النص الأدبي، نص مقبول أو جيد.
الرواية مهداة لروح المخرج المصري العالمي يوسف شاهين، واستخدمت بداخلها بعض الأساليب الفنية التي كان المخرج الكبير يبتكرها في بعض أعماله الفنية، كما أن جميع القيم والاسئلة الموضوعة والمطروحة داخل الرواية هي القيم التي كان شاهين ينادي بها في كل أفلامه، ونهاية الرواية هي بداية فيلم حدوتة مصرية التي أراها ملخصة لأشياء كثيرة جدًا.
أخيرًا.. ما هو عملك القادم؟
أعمل الآن على كتاب سيرة ذاتية، وعلى رواية.. وأتمنى أن ينالوا إعجاب القراء بعد الانتهاء منهم.
