الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدراما والتاريخ

منى أحمد
منى أحمد

منذ أيام نوهت مجموعة قنوات ام بي سي عن إذاعة مسلسل تاريخي يحمل الصبغة الدينية في شهر رمضان القادم, ويتناول شخصية الصحابي معاوية أبن ابي سفيان ومنذ الإعلان عن المسلسل وردود أفعال متباينة علي مواقع التواصل.

 

وحالة من الجدل حول تلك الشخصية الجدلية والحقبة الزمنية التي عاشت فيها، وحملت العديد من الأحداث أهمها علي الأطلاق أحداث الفتنة الكبري والتي لا تزال حاضرة ويتم استدعائها في بعض القراءات للتراث. 

قراءات علمية كثيرة للمؤرخين تناولت شخصية معاوية وأحداث تلك الحقبة من التاريخ الإسلامي ,بعضها منهجي محايد تماما وبعضها تبني وجهة نظر أيدلوجية نابعة من توجه ديني أو سياسي.

 

وأعمال درامية عديدة تناولت أحداث تاريخية او سير ذاتية لعدد من الشخصيات عبر حقب زمنية طغي فيها الحضور الإبداعي علي الحضور التاريخي, وعكست الأيدلوجية الفكرية للمؤلف بما لا يتفق أحيانا مع السرد التاريخي المتعارف عليه وهو ما أنكره البعض لأنه جردها من مسلمات مترسخة.

 

وعندما يتم استدعاء شخصية معقدة مركبة بحجم معاوية يطرح تساؤل هام هل سيتم تبني فلسفة عربية جديدة تقوم علي طرح وجهات نظر نقدية للتاريخ. 

 

ورغم الغموض الذي يكتنف تفاصيل المسلسل والمدي الذي ستذهب اليه الأحداث, من حيث التناول او الشخصيات وهل ستتطرق الي فترة الخلافة , وما ألت اليه من أحداث جسام انتهت بمقتل الخليفة علي ابن ابي طالب ,وهي الفترة التي تختلف حولها الآراء ,وهل سيتم طرحها طبعا لقناعات صناعي العمل ومؤلفه أم من ذاكرة التاريخ الذي لم يحسم السجال حولها.

 

تباين ردود الأفعال خرج عن صفحات التواصل إلي صدور بيانات رسمية بعد أعلان هيئة الأعلام العراقية منع عرض المسلسل بالعراق , ولم تخلو السجالات عن دخول رجال الدين علي خط المواجهة ومنهم رجل الدين الشيعي  مقتضي الصدر الذي ادان عرض المسلسل وطالب بمنع عرضه.

 

ووصلت ردات الفعل الارتدادية أن تعلن أحدي القنوات ذات التوجه الشيعي , إنتاجها فيلم  يحمل عنوان شجاعة أبو لؤلؤة المجوسي ولمن لا يعرفه هو قاتل الخليفة عمر ابن الخطاب.

 

وزج الكثيرين بمؤسسة الأزهر الشريف حول القاعدة التي يحرم بمقتضاها تجسيد شخصيات الأنبياء والخلفاء الراشدين , فهل سيوافق الأزهر علي تجسيد الفنان اياد نصار شخصية علي ابن ابي طالب.

 

وأصبحنا أمام عمل فني تم اختزاله في حيز ضيق بعيدا عن الرؤية الفنية أو إعمال العقل بدفع المتلقي للبحث في تفاصيل الحدث التاريخي خروجا عن المسلمات التي لم تحسم تاريخيا , وتم الحكم علي المسلسل مسبقا قبل مشاهدته.


والجميع منقسم  بين عدة رؤي جميعها تصب في أن العمل لن يستطيع الإفلات من إحدي الفرضيتين ,أحداها وهي كون معاوية مرجعيا وصحابيا جليلا أسهم في تدوين القران الكريم ,أما الفرضية الأخري فهي تحمل معاوية أندلاع أحداث الفتنة الكبري, وما بين هذة وتلك إلي أي منطقة ستذهب المعالجة الدرامية ولاي مرجعية ستنحاز هو ما ينتظره المشاهد العربي.

 

وسؤال يقودنا إلي ماهية معايير تجسيد الشخصيات التاريخية والجدلية في الدراما ,وخاصة الدراما العربية التي بها الكثير من المناطق المحرمة والمحاذير العقائدية والمجتمعية.

 

وبعيدا عن أحداث و شخصية مسلسل معاوية لماذا تظل بعض الحقب الزمنية من المحرمات التي لا يجب  التطرق إليها من بعيد أو قريب وكأنها من المقدسات ولماذا لا يتم طرحها وتقديم رؤي مختلفة لها, طالما لا يتم التشكيك في الثوابت أو اختلاق وقائع لم تحدث, وهل يكون مسلسل معاوية هو البداية أم سينتصر حزب المنع والحجب.