EN 
مرت بالأمس ذكرى ميلاد الشاعر الأمريكي والت ويتمان، المُلقب بأبي الشعر الحر، وواحدًا من أبرز شعراء أمريكا وأكثرهم تأثيرًا في القرن التاسع عشر، صاحب المجموعة الشعرية «أوراق العشب»، التي شكلت أحد العلامات الفارقة في الأدب الأمريكي،
وُلد والت ويتمان في 31 مايو عام 1819، لأبوين ينتميان إلى أصول إنجليزية وهولندية، عاشت عائلته في بروكلين بين عامي 1832 - 1833، حيث تلقى تعليمه الأولي في بروكلين إحدى البلدات التابعة لمدينة نيويورك، لكنه لم يكمل تعليمه واتجه إلى العمل في مطبعة؛ فقرأ كل ما وصل إلى يداه:الإنجيل، شعراء الهند وألمانيا القدماء، شكسبير، سكوت، هوميروس، كذلك قرأ دانتي كله، وبالطبع أثرت هذه القراءات على شعره في الإيقاع والمضمون، خاصة في مراحله المتاخرة.
نهجه الفكري.. ترسيخ الديمقراطية
يُعد والت ويتمان رائدًا للشعر الأمريكي، وأهم شاعر عبر عن الديموقراطية الأمريكية، وكان أول شاعر أمريكي يحوز إعجاب الأمريكين والأوروبين على حد سواء، كما اعتبر علماء النفس أشعاره دراسة ثرية لمكونات النفس البشرية، فيما نظر إليه النقاد. كفيلسوف يملك النظرة الشاملة المتكاملة إلى الكون والأحياء، وهي النظرة التي احتوت الإنسان والمجتمع والعلاقة بينهما من حب وديموقراطية وغموض وصراع.
هاجم التعصب والفاشية و الديكتاتورية، وأكد على أهمية ترسيخ الديمقراطية لتحقيق الإزدهار، ولُقب والت ويتمان بأبي الشعر الحر؛ حيث أنه ضرب بكل القوالب الشعرية القديمة عرض الحائط، فقد تمكن من تحطيم القوالب الأوروبية التي كان يصب فيها الشعر الأمريكي عنوة، آمن ويتمان بأن الحرية الفردية لن تجد متنفسًا لها إلا في الحب، على حين تتمثل الحرية الاجتماعية في الديمقراطية، وأن الحب والديمقراطية وجهان لعملة واحدة هي المجتمع الإنساني كما يجب أن يكون. وكانت عينه على الحياة الأمريكية، في حين تتبعت عينه الأخرى الحياة في كل مكان.
أوراق العشب
صدرت له المجموعة الشعرية «أوراق العشب»، والتي شكلت أحد العلامات الفارقة في تاريخ الأدب الأمريكي، كان ذلك أثناء عمله في سكرتارية المكتب الهندي بوزارة الداخلية الأمريكية، فما كان من الوزير إلا أن طرده من وظيفته؛ حيث اعتبر أن هذا الديوان الشعري عمل غير أخلاقي، فيما لم يتحمل الكُتاب والمثقفين هذه الإهانة التي لحقت بالشاعر والت ويتمان؛ فكتب وليام أوكونور كتاب «الشاعر الشيخ الصالح» عام 1866، و أصدر جون باروز كتابه «ملاحظات على والت ويتمان:الشاعر والإنسان»، في عام 1867.
أثره في الأدب العربي الحديث
في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان العالم العربي يعيش فترة تحوّل هامة على مختلف بناه الثقافية، وشهد الأدب العربي محاولات جادة لإخراج الشعر من أسر الصناعة والتقليد، وتزعم أمين الريحاني وجبران خليل جبران حركة تجديد الأدب العربي في المهجر. وبحكم وجودهما في الولايات المتحدة وإتقان اللغة الإنجليزية؛ توفر لهما الاطلاع على أعمال والت ويتمان، وهو ما فتح المجال أمام الريحاني ومن بعده جبران لابتكار نمط شعري جديد أسماه الريحاني الشعر الحرّ، وأطلق عليه النقاد لاحقًا اسم الشعر المنثور أو قصيدة النثر، وقد جمع الريحاني نصوصه التي كتبها متأثرًا بويتمان في كتابه «هتاف الأودية» الذي يعده النقاد أول ديوان في الشعر المنثور في الأدب العربي، وتبع جبران خليل جبران الريحاني في تأثره بويتمان وسار على نهجه.
