تمثل قضايا التنمية بمجالاتها المختلفة التحدي الحقيقي الذي يواجه بلدان العالم الثالث؛ حيث تتطلب عملية التنمية تشخيص لمشكلات التنمية ثم البدء في إزالة كافة المعوقات التي تحول دون تحقيق معدلات كبيرة من التقدم والنمو فالاساس الذي تقوم عليه عملية التنمية هو الاستغلال الامثل للموارد المتاحة والتخطيط العلمي والتصنيع التكنولوجي المتطور.
غير أن تحقيق الأهداف التنموية بالمجتمعات الصحراوية عادة ماتصطدم بالعديد من المعوقات علي مستويات متعددة مما يستدعي البحث عن ايجاد اليات وطرق لتجاوز هذه المعوقات لخلق بيئة مناسبة للتنمية و منها الاهتمام بتنمية الروابط والعلاقات الاجتماعية القائمة بين أفراد المجتمع الصحراوي والعمل علي ترقية مستوي الخدمات المقدمة اليهم سواء كانو افراد أو مستثمرين وتلبية حاجاتهم المختلفة وغرس روح الانتماء لديهم ورفع الوعي بأهمية المشاركة جميع افراد المجتمع في تنمية المجتمعات الصحراوية .
نعلم جميعا ان المناطق الصحراوية في مصر تمثل حوالي 96% من مساحتها اما باقي المساحة يعيش فيها 97% من سكان مصر ، يتمركزون في الوادي والدلتا وفي الاونى الاخيرة اتجهت الدولة لتعظيم فكرة أقامة المشروعات القومية الكبري خاصة في ك من سيناء وجنوب الوادي ومع ذك فمازالت الصحراء تشكل الجزء الاكبر من المساحة الكلية للبلاد وهو امر يمثل اكبر التحديات لعملية التنمية وعلي الرغم من تنامي اتجاه الدولة نحو تنمية المجتمعات الصحراوية بقصد تحقيق الاستقرار علي المستويين المحلي والقومي ، فإن جهود التنمية في تلك المجتمعات مازالت تواجه حتي الان بالكثير من الصعوبات والمعوقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمادية والتقنية .
فمصر اليوم بحاجه للخروج من الوادي الضيق الي الصحراء الواسعة للخروج من ازماتها ومشكلاتها من خلال مجموعة من التدابير تستهدف أحداث التنمية الشاملة بالبيئة الصحراوية لانها تمثل الجزء الاكبر من مساحة مصر باعتبارها أمتدادا طبيعيا لوادي النيل وتتوافر بها لأراضي القابلة للاستصلاح الزراعي وأنها الأمل لعلاج الكثير من المشكلات التي يعاني منها المجتمع المصري كأرتفاع اسعار المنتجات الغذائية وتوفير فرص العمل للشباب وخفض حدة المشكلة السكانية حيث ان القوي البشرية هي المحرك الأول لكل جهود التنمية. فتحقيق التنمية الزراعية وتوفير الامن الغذائي يشكل اساسا لنمو اقتصادي واجتماعي شامل لكنه يتطلب القيام بالعديد من الاجراءات للتغلب علي العقبات والمشكلات التي تحول دون تنمية وتطوير قطاع الزراعة .
ومن هنا تحددت اهداف وبرامج التنمية التي طرحت من قبل الدولة للمجتمعات الصحراوية في الوفاء بالحاجات البشرية بجانب الاستفادة من المقومات الاقتصادية لهذه الصحاري بقصد تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي علي مستوي المجتمع الصحراوي والمجتمع المصري ولعل مايدفع الي التفكير في تنمية المجتمعات الصحراوية هو اعادة توزيع القوي البشرية المكتظة داخل الوادي والدلتا فضلا عن البحث عن الموارد الطبيعية والثروات في المناطق الصحراوية والتي يسهم استغلالها في حل العديد من المشكلات الاقتصادية التي تنجم عن الزيادة اسكانية وايضا تحسين مستوي معيشة سكان هذه المجتمعات الذين عانوا كثيرا الأهمال نتيجة لتدني مستوي الخدمات والمشروعات التنموية المقدمة اليهم علي مدار سنوات طويلة سابقة .
فتعد التنمية الزراعية في مصر من الضروريات الملحة للنهوض بالكفاءة الانتاجية الزراعية وتلبية احتياجات السكان الغذائية في ظل معدلات الزيادة السكانية المضطردة ومايترتب عليه من زيادة الطلب علي المواد الغذائية والتغلب علي محدودية الرقعة الزراعية لذلك اهتمت الحكومة المصرية بالعمل علي اعادة توزيع السكان فوق المساحة الارضية فأعلنت عن سياستها التي تهدف الي تنمية هذه المجتمعات والخروج من الوادي الضيق الي تعمير وتنمية الصحاري المصرية وذلك من خلال تشجيع العمليات التنموية في المناطق الصحراوية والعمل علي تطوير التقنيات المستخدمة في العمليات الزراعية حيث تعد التنمية الزراعية من اهم العوامل التي تؤدي الي الاستقرار البشري في المناطق الصحراوية .
لكن جهود التنمية بالمجتمعات الصحراوية تواجهها الكثير من العقبات و المعوقات التي تحد من عمليات التنمية الزراعية منها المعوقات الخاصة بالتربة الزراعية والري والمياه الجوفية والمعوقات الخاصة بتسويق المنتجات الزراعية ومعوقات خاصة بالعمل الارشادي الزراعي وأيضا معوقات أجتماعية تعود الي طبيعة السكان بالمناطق الصحراوية بجانب تعرض العديد من المناطق الصحراوية لمخاطر التعدي البشري والتغيُّر المناخي، مما يجعلها عاجزةً عن توفير المتطلبات الضرورية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية لسكانها؛ فنصيب الفرد من المياه العذبة يتضاءل، كما تتدهور نوعيةُ التربة مما يتطلب التدخُّل لتحسينها، كذلك فلقد أدَّتِ الضغوط على الموارد الطبيعية إلى استنزافها وفقدان التراث التقني المرتبط بالتعامل معها، الذي يمثِّل إرثًا حضاريًّا متميزًا ووسائل مجرَّبة للاستفادة المستدامة منها في تلبية الحاجات الإنسانية للسكان.
لهذا نعلم جميعا أن البحث العلمي يعد القاطرة التي تقود حركة التنمية والتطور في جميع المجالات حيث يمثل حجر الاساس القوي لجميع الخطط التنموية والاستراتيجية .
من هنا يجب ان توجه الأنظار الي تعريف المجتمع من مستوطنين او مستثمرين بالمجتمعات الصحراوية لتعريفهم بدور المراكز البحثية وذلك من خلال التوعية بشتي انواعها سواء اعلامية أو أرشادية وتغيير النظرة القديمة عنها داخل المجتمع ولدي المستثمرين من انها مراكز للبحوث الأكاديمية فقط وليس بها من بحوث تطبيقية تعود بالنفع علي حل مشكلاتهم فيجب تسليط الضوء علي دورها حيث الهام فالمراكز البحثية المتخصصة في تنمية المجتمعات الصحراوية تلعب دورًا فاعلا ًفي الرقي بالمجتمع في زمن باتت التكنولوجيا والثورة المعلوماتية هي المسيطر الأساسي لدعم المجتمع نحو التقدم المطلوب ومسايرة التطور الحاصل في عالمنا المعاصر، ولذلك باتت الدول النامية تتصارع من أجل اللحاق بركب الدول المتقدمة وذلك بإنشاء مراكز بحث علمية هادفة تسعى إلى تحقيق التطور والرقي العلمي والفكري بالمجتمع.
ومن منطلق التطور المجتمعي أصبحت مراكز البحث العلمي هي منارة للتواصل بين المجتمعات وربط ثقافاتها ببعضها البعض، وتقليص الهوة بين الثقافات والمجتمعات المتباعدة وبناء أطرًا متجانسة بين المجتمعات لإيجاد قنوات للتواصل الدائم للارتقاء بالبحث العلمي لبناء إستراتيجية هادفة لتنمية المجتمعات.
فترجع أهميّة المراكز البحثية إلى كون كثيراً من مشكلات العالم المعاصر لا يمكن حلّها إلا من خلال مؤسسات أو مجموعات نخبويّة ذات تركيز معرفي عالي تكون قادرة على تحديد طبيعة هذه المشكلات وسبل علاجها وفق أسس علميّة مدروسة والتحرّك برؤيةٍ واضحةٍ مُقترنةٍ بتذليل الصعوبات وتجاوز التحدّيات من خلال بحوث تطبيقية مؤهلة للتطبيق داخل المجتمعات الصحراوية.
فالمراكز البحثية هي من أهم مصادر تطوير المعارف الانسانية فهي تحقق التنمية المستدامة والتمايز المعرفي في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والزراعية وغيرها فضلا عن انها تولد الابتكار الذي يحقق الشراكة المجتمعية بجوانبها المادية والانسانية وامكانية من التقنيات والامكانات المتوافرة لخدمة المجتمع وحل مشكلاته وإثراء المعرفة بأنماطها المختلفة .
مما يجعل للمراكز البحثية دورا هاما و بارز في دراسة جميع معوقات تنمية المجتمعات الصحراوية من تربة وري ومياه جوفية الي جميع المشكلات الخاصة بالتربة والتراكيب المحصولية المناسبة لهذه المجتمعات الصحراوية وايضا دراسات معوقات تسويق المنتجات الزراعية بالمناطق الصحراوية والمعوقات الخاصة بالارشاد الزراعي وزيادة تفعيل دوره الحيوي بالمجتمعات الصحراوية وكذلك دراسة المعوقات الأجتماعية الخاصة بكل المجتمعات الصحراوية بتنوع اعراقها وكيفية دمج الوافدين اليها والمستثمرين الزراعيين بهذه المجتمعات الزراعية .
من هنا يمكننا القول أن القيادة السياسية بالدولة المصرية لا تدخر أي جهد او دعم نحو تهيئة المناخ المناسب لعلمائها بالمراكز البحثية المتخصصة المنوط بها العمل بالمجتمعات الصحراوية حيث تقدم كل سبل الدعم للمراكز البحثية المتخصصة في تنمية المجتمعات الصحراوية حتي يضعوا أيديهم علي كل معوقات وسبل التنمية بالمجتمعات الصحراوية ليكونوا منارة لكل من يوجه استثماراته نحو هذه المجتمعات لتنميتها وتأهيل هذه المجتمعات الي طفرة تنموية تعود بالنفع علي قاطنيها من عشائر وقبائل ومستوطنيها ممن حدت بهم الأمال للهجرة نحو تعمير المناطق والمجتمعات الصحراوية وأيضا تعود بالنفع علي كل مستثمر أتي ليحقق أقصي ما يطمح من مكاسب استثمارية مز خلال مشروعات تنموية كبري داخل المجتمعات الصحراوية فبالعلم تذلل العقبات وتطرح الحلول والابتكارات العلمية في كافة مجالات التنمية التي من شئنها ان تحول الصحراء ألي خضار وعمار ونماء.