من المحتمل أنك قرأت محتوى عبر الإنترنت دون أن تدرك أنه كُتب جزئياً أو كلياً بواسطة نموذج لغوي ضخم (LLM) مثل ChatGPT أو Google Gemini.
ومع تطور هذه النماذج في إنتاج نصوص شبه بشرية، بات من الصعب تمييز ما إذا كانت المادة ناتجة عن عقل بشري أم عن ذكاء اصطناعي.
هذا التحدي أثار مخاوف داخل الأوساط الأكاديمية من أن الذكاء الاصطناعي بدأ يتسلل بصمت إلى الأبحاث العلمية المحكمة.
تحليل 15 مليون ملخص بحثي على PubMed
لمعرفة مدى انتشار استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة الأكاديمية، قام فريق من الباحثين الأميركيين والألمان بتحليل أكثر من 15 مليون ملخص لمقالات طبية منشورة على منصة PubMed.
نشرت الدراسة التي في مجلة Science Advances كشفت أن 13.5٪ من المقالات العلمية المنشورة في عام 2024 تمت كتابتها باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل كلي أو جزئي.
وبحسب الباحثين، فإن هذا الرقم اعتمد على تحليل نمط استخدام كلمات معينة "أسلوبية وبلاغية" ازدادت بشكل لافت بعد إطلاق ChatGPT، ما يشير إلى تدخل النماذج اللغوية في صياغة النصوص الأكاديمية.
تحوّل لغوي واضح بعد ظهور ChatGPT
بدلاً من الاعتماد على مقارنة نصوص من إنتاج بشري ونصوص تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي – وهي طريقة معرضة للتحيز – لجأ الباحثون إلى تحليل ما يُعرف بـ"الزيادة المفرطة في استخدام كلمات معينة" قبل وبعد إطلاق ChatGPT، وهي منهجية مستوحاة من أبحاث الصحة العامة خلال جائحة كورونا التي اعتمدت على تحليل "الوفيات الزائدة" لتقدير الأثر.
وتبين أنه منذ بدء استخدام نماذج LLM على نطاق واسع، حدث تغير ملحوظ في نوعية الكلمات المستخدمة، حيث قل الاعتماد على "كلمات المحتوى" مثل الأسماء، وزاد استخدام "كلمات أسلوبية مزخرفة" مثل: showcasing (عرض)، وpivotal (محوري)، وgrappling (يصارع).
تغيّرات في طبيعة الكلمات المستخدمة في الأبحاث
أظهرت الدراسة أن قبل عام 2024، كانت 79.2٪ من الكلمات الزائدة المستخدمة في الملخصات عبارة عن أسماء. أما في عام 2024، فتحول التركيز إلى الأفعال بنسبة 66٪، وإلى الصفات بنسبة 14٪، ما يشير إلى طابع لغوي أكثر "سلاسة وتزييناً" يرتبط غالباً بإنتاج الذكاء الاصطناعي.
اختلافات حسب التخصصات والبلدان والدوريات
رصد الباحثون أيضاً فروقاً كبيرة في استخدام نماذج LLM بين مختلف التخصصات العلمية، والبلدان، والمجلات الأكاديمية.
وتُظهر هذه النتائج أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً من أدوات الباحثين حول العالم، لكنه يثير في الوقت ذاته تساؤلات حول أصالة النصوص الأكاديمية، ودقة نتائجها، وشفافية عملية النشر العلمي.
خلاصة
مع تزايد اعتماد الباحثين على أدوات الذكاء الاصطناعي في الكتابة، يبدو أن الخط الفاصل بين النص البشري والآلي يزداد غموضاً.
وبينما يمكن أن تسهم هذه الأدوات في تحسين الكفاءة، فإنها تطرح تحديات تتعلق بالمصداقية، والأمانة العلمية، وأخلاقيات البحث